Site icon اهل البيت في ليبيا

دولة فاطمية ثانية على انقاض ليبيا المالكية

أحلام الملالي: دولة فاطمية ثانية على انقاض ليبيا المالكية

خلال فترة النقاهة التي تشهدها بلدان الربيع العربي بعد ثورات أطاحت بالأنظمة الاستبدادية، عانت تلك البلدان من حالة فوضى وارتباك في شتى مناحي الحياة، وهو ما مثل فرصة ذهبية لمروّجي المذهب الشيعي لنزع أقنعتهم، والتحرك بشكل علني لنشر أفكارهم في المجتمعات السنية.

 وتعد ليبيا إحدى الدول التي كانت هدفا رئيسيا لإيران الصفوية، حيث تم التخطيط كي تصبح في المستقبل القريب، نواة لدولة فاطمية جديدة في شمال إفريقيا، بل أيضا قاعدة لنشر التشيع في إفريقيا السمراء.

وقد اتخذ النشاط الشيعي منحا خطيرا في بلد المجاهد عمر المختار، بشكل أثار استغراب المتابعين الذي رجحوا في خضم هذا الغزو الفكري المتسارع أن تكون تلك الحملة الشيعية المسعورة تأتي “انتقاما” من ليبيا ومجتمعها السني المالكي وأخذا “بثارات” موسى الصدر الرمز الشيعي الذي اختفى في ليبيا في أغسطس/آب 1978م ورجحت المصادر أن يكون نظام القذافي قام بتصفيته، أي أنهم يريدون تحويل الأرض التي يُعتقد أن زعيمهم قتل عليها إلى حاضنة للمذهب الشيعي، وقاعدة لانطلاقه، في ظل وجود عدد كبير من الشيعة العراقيين واللبنانيين في ليبيا منذ زمن القذافي، كانوا يشكلون خلية نائمة ما لبثت أن استيقظت وبدأت التحرك بحرص شديد نحو تنفيذ المخطط.

آلاف المتحولين

وقد جاء تحقيق صحفي نشر في صحيفة” دنيا الوطن” في ديسمبر/كانون الثاني الماضي للصحفي الليبي أسعد أمبية أبو قيله، ليضعنا أمام حقيقة التوغل الشيعي حيث قال إنه رصد تحول آلاف الليبيين مؤخرا من المذهب السني واعتناقهم المذهب الشيعي، وأن بعضهم بات على قناعة أن الشيعة في ليبيا لهم جذورهم وبدأو باكتشاف هذه الجذور، وأوضح التحقيق أن العدد الأكبر من الشيعة يتركز في العاصمة الليبية طرابلس، وفي شرق ليبيا وخاصة في مدينة بنغازي وضواحيها، وطبعاً لا نستطيع أن نؤكد صحة المعلومات التي نقلها أبو قيله لكن أيضاً يجب عدم إهمالها والبحث عن مصداقيتها واتخاذ اللازم.

ناقوس الخطر

وقبل نشر هذا الموضوع بأيام قليلة حذر محمد الوليد رئيس لجنة الأوقاف بالمؤتمر الوطني من أن هناك بعض مروجي المذهب الشيعي يقومون بشراء أراضٍ باسم الحوزة الشيعية في ليبيا، وذلك بهدف تأسيس مؤسسات ومراكز للتشيع.

ودق الوليد ناقوس الخطر بتأكيده على أنه تم بالفعل استقطاب بعض الشباب إلى دول مثل إيران لتعليمهم المذهب الشيعي، ليتم بعد ذلك استخدامهم في الدعوة إلى التشيع بحسب قوله.

بعدها بدأ الدعاة في ليبيا يدركون حجم الخطر المحدق ببلادهم فانطلقت صرخاتهم محذرة من التمدد الشيعي، وفي يناير/ كانون الأول 2013م ظهر المفتي العام الشيخ الصادق الغرياني، محذرا الليبيين من انتشار المذهب الذي وصفه بـ “البغيض” لأنه مذهب “يقوم على مسبة أصحاب رسول الله والقدح في أعراض أمهات المؤمنين، وإشاعة الفتن والطائفية وإن أظهروا غير ذلك”.

وكشف الغرياني عن انتشار الكتب المشبوهة بشكل علني حيث يتم توزيعها في المساجد ويقام لها المعارض لنشر الفكر الشيعي، وقال إن بصمات إيران واضحة فيما يحدث، كاشفا النقاب عن استدراج الشباب وعامة الناس لزيارات مجانية إلى إيران وإغرائهم بالهدايا والإقامة في فنادق راقية محاولين إشباعهم بأفكار غير صحيحة وإقناعهم بأن الشيعة ليسوا كما يصور لهم وأن هناك معاهد في إيران لتدريس المذهب المالكي الذي يعتنقه معظم الليبيين، وأكد أن عائلات ليبية قد اتصلت بدار الإفتاء تحذر من أن يتحول أبناؤها إلى “مذاهب ملحدة مثل المذهب الأحمدي أو غيرها من المذاهب التي لا أصل لها”.

إجراءات احترازية

وتتزايد مصادر القلق الليبي، وتبدأ أولى الخطوات العملية للتصدي لحملات التشيع التي انتشرت بقوة في البلاد، وذلك بالحديث عن اتخاذ الحكومة إجراء احترازيا يقضي بمنع الأجانب والعرب الذين يدخلون أراضيها وعلى جوازات سفرهم أختام تشير إلى أنهم سبق وسافروا إلى إيران. وقد أعلنت السفارة اللبنانية أن عددا من اللبنانيين الذي كشفت جوازاتهم عن زيارات سابقة لهم إلى إيران منعوا من دخول ليبيا مؤخرا.

لكن هذه الخطوة لم تكن كافية لمواجهة المد الشيعي، فجاء توجيه المفتي للمسؤولين في وزارة الشؤون الاجتماعية بوقف إجراءات زواج الليبيات من الأجانب، بعد تزايد حالات الزواج بأشخاص من جنسيات وأديان ومذاهب مختلفة، وقالت شبكةCNN الإخبارية نقلا عن أحد المسؤولين في دار الإفتاء إن الرأي قد صدر بالفعل عن الشيخ الغرياني وأنه “أعده بناء على طلب مقدم إليه من رئاسة الوزراء لتحديد موقفه من قضية زواج ليبيين وليبيات بأعداد من الشيعة والنصارى والدروز”.

الدولة الفاطمية الثانية

وتكشف دراسة صدرت في القاهرة في كتاب بعنوان  (حلم الشيعة.. مملكة فاطمية في الشمال الأفريقي) لكاتبه “محمد مختار” أن إيران تخطط بعد الثورات العربية التي أطاحت بأنظمة ديكتاتورية لتحقيق أطماعها في إحياء الدولة الفاطمية هادفة بذلك إلى  تأسيس “شريط فاطمي” يعتنق الديانة الشيعية في المنطقة الممتدة من غزة في فلسطين وحتى المغرب.

وترصد الدراسة محاولات إيران الدؤوبة للعمل على إدخال تركيبة مذهبية جديدة في تونس ولييبا لاستغلالها فيما بعد كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية في تلك البلدان بحجة حماية الأقلية الشيعية كما تفعل مع دول الخليج.

كانت بداية النشاط الشيعي الجديد لإحياء الدولة الفاطمية فعليا زمن نظام القذافي، الذي عمل جاهدا على تحقيق تلك الفكرة في السنوات الأخيرة من حكمه، وجهر بها خلال زيارته لمدينة أغاديس في النيجر بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في عام 2007، حيث روج كعادته لأفكاره الغريبة داعيا لإقامة دولة فاطمية شيعية ثانية في شمال إفريقيا، أي منحازة لأهل البيت وفيها يتم صهر مختلف القوميات والعصيبات والمذاهب عبر تأسيس شريط فاطمي يمتد من قطاع غزة في فلسطين وحتى المغرب، لإنهاء الصراعات المذهبية والعنصرية والقبلية والسياسية والحزبية في هذه المنطقة من خلال دولة واحدة تكون بديلا عن دولة الوحدة العربية التي لم يكتب لها النجاح قط.

ولم يغادر القذافي أغاديس إلا بعد أن حصل لنفسه على البيعة من شيوخ قبائل الطوارق وسلاطينها على فكرته بالتحول من عقيدة أهل السنة والجماعة إلى  التشيع.

كان ذلك الخطاب بمثابة إعطاء الضوء الأخضر للنظام الإيراني للسيطرة على الشمال الإفريقي والتوغل في إفريقيا السوداء جنوب الصحراء الكبرى، وهو ما حدا بعلماء الأزهر الشريف في مصر إلى الخروج بقوة ضد دعوة القذافي واعتبروها إحدى شطحات وعلامات جنونه وشذوذ أفكاره، بل وجددّ مؤرخو الإسلام تشكيكهم في انتساب الدولة الفاطمية لآل البيت، وذكّروا بجرائم الفاطميين في شمال إفريقيا وإبادتهم لمعتنقي مذهب أهل السنة والجماعة.

طوفان الكتب

لكن وبعد مقتل القذافي على يد الثوار، أدركت إيران أن الوقت قد حان لتعزيز وجود الشيعة في البلاد، فقام وكلاؤها، بتهريب كميات ضخمة من الكتب داخل الأراضي الليبية، وقد نجحت اللجنة الأمنية العليا المؤقتة فرع طرابلس في يناير/ كانون الأول من العام الجاري في ضبط مخزن يحوي الآلاف من تلك الكتب التي اتضح أنها جاءت عن طريق مصر من خلال لبنان بواسطة شركة شحن مصرية لصالح صاحب مكتبة موجودة بوسط مدينة طرابلس.

ويقول سالم عمار وهو باحث ليبي متخصص في المذهب الشيعي والذي عاين بنفسه الكتب المضبوطة إن أحد أخطر هذه الكتب هو كتاب “الأدلة الدامغة على أئمة الفرقة الناجية الشيعة الإثنى عشرية” الذي يحوي سبابا للكثير من علماء أهل السنة كالإمام ابن كثير أحد أشهر من فسر القرآن الكريم حيث يصفه الكتاب بالسفاهة وقلة العقل، كما كشف عمار أيضا في برنامج “صباح ليبيا” على قناة “ليبيا الوطنية” أنه في الصفحة 194 من الكتاب جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: “وأنت قسيم الجنة والنار، تدخل محبيك الجنة ومبغضيك النار” .

ودعا الباحث الليبيين إلى وقفة حازمة لأن هؤلاء الشيعة يريدون تجنيد عملاء لهم في البلاد لنشر “دين الشيعة” مستغلين الفراغ السياسي وأضاف: “ثم أنبه أخواتي الليبيات في هذا المقام فيما يتعلق بزواج المتعة .. لأن التقارير التي وردت إلينا تفيد أن بعضهم (الشيعة الروافض) يريد تسويغ هذا الزواج، مستغلين الظروف الاجتماعية لبعض بناتنا وأخواتنا، فيقال لهن: هذا أمر طيب، أنتم تعانون العنوسة، وهذا زواج مشروع”.  

خاتمة

قد يتهم البعض وسائل الإعلام والدعاة في ليبيا بالتهويل والتضخيم من حجم الخطر الشيعي، لكن الحقيقة أن الخطر موجود وأن ما خفي عن النشاط الشيعي كان أعظم، ومن ثم يتعين على السلطات الأمنية تكثيف التحري والبحث خلف تلك التحركات المريبة، والحيلولة دون استغلال فترات الضعف التي تمر بها البلاد في ترسيخ أقدام إيران داخل المجتمع الليبي السني، وذلك قبل فوات الأوان.


معتز بالله محمد – كاتب مصري

موقع: الراصد.

Exit mobile version