Site icon اهل البيت في ليبيا

ليبيا في مهب الوهابية

تتصاعد في ليبيا التحذيرات من خطر “الوهابية المجرمة”، في ضوء تفجيرات طالت مقامات وأضرحة أولياء صالحين في العديد من المناطق الليبية، وصولاً إلى إحراق مراكز تحفيظ القرآن الكريم والمدائح النبوية.

وقد بدأت هذه الاعتداءات ضد الإسلام على أيدي الحركة الوهابية، مع تأمين قوات الناتو مناطق عازلة، وازدادت مؤخراً حتى أحصى تدمير أكثر من خمسة عشر مقاماً وضريحاً وزاوية، امتدّت من بنغازي إلى درنة إلى الجبل الأخضر إلى جردس فالعرقوب وزليتن ومصراته، حتى وصلت فيهم الدناءة إلى نبش قبور وتدميرها، وأحصي في طرابلس وحدها نبش 63 قبراً وإحراق رفات الأولياء الصالحين.

ويعتقد مسؤولون ليبيون أن الوهابيين يريدون التأسيس لمشكلة تمتدّ إلى أرجاء ليبيا، وما يفعلونه ليس إلاّ بذوراً، خصوصاً أنهم يتهمون المريدين للصحابة وكل الذين يميلون إلى التصوّف الذين يحترمون المقامات الدينية، بأنهم مشركون وأن زيارة قبور الأموات، والدعاء والاستغاثة عند الأضرحة، شرك مخالف للعقيدة الصحيحة.

ويتساءل الليبيون الذين هزّهم ما جرى، ويعتقدون أن لذلك ردّات فعل “زلزالية” ستتبلور عاجلاً، إذا ما كانت استغاثة الناتو والغرب والمستعربين والاستعانة بهم، لتدمير بلدهم كي يبسطوا نفوذهم على الدولة، بأنّ هذه الفعلة “توحيد خاص وإسلام وعقيدة صحيحة”.

الوضع في ليبيا يزداد خطورة بفعل ما تفعله الحركة الوهابية، التي يغذّيها أمراء آل سعود، في حين بدأت أجهزة دولية، ترصد ما يمكن أن يتحوّل إليه مصير ليبيا بعد إعلان بعض القوى نيتها مواجهة “الحركة الوهابية المجرمة” التي تقوم أيضاً بإحراق كتب العلماء.

ويبدو أن السلطات الليبية تتستّر على الأعمال المشينة التي يقوم بها الوهابيون لإرهاب الناس، فيما خرجت تظاهرات متعددة في المدن الليبية، ومنذ أكثر من ثمانية أشهر.

ولذلك لجأت الحركة الوهابية إلى تفجيرات أمنية أخرى لإرهاب السلطة أيضاً، والقيام باغتيالات لرموز لم يذكر الإعلام منها شيئاً تماماً، مثل اغتيال عبد الفتّاح يونس؛ أول المنشقّين عن نظام القذّافي، والذي كان القائد العسكري للمعارضة، بصفته وزيراً سابقاً للدفاع.

واللافت أن المتفجرات الأخيرة، حاول النظام إلصاقها بأنصار القذافي، فيما كل الدلائل تشير إلى تنظيم “القاعدة”؛ الذي هو الذراع الأيمن للوهابيين خارج السعودية، وربما تكون ليبيا القاعدة الأكثر وضوحاً وعلنية في نشاط الحركة الوهابية.

وتنظيم “القاعدة” في ليبيا يشبه من حيث العلنية، أول ظهور علني للقاعدة في اليمن، فأنصار القاعدة أقاموا احتفاليين علنيين على الأراضي الليبية، الأول في مدينة سرت في نيسان الماضي، واستعرفوا قدراتهم العسكرية، والاحتفال الأهم كان في مدينة بنغازي المعقل الرئيس للمعارضة قبل سقوط القذافي، وحيث كانت المنطقة العازلة التي استند إليها الأطلسي لشنّ حربه القذرة على ليبيا.

واستعرض تنظيم “القاعدة” قوته العسكرية في ميدان “التحرير” في بنغازي وسط صمت رسمي، مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية، وهم يتنقلون في الميدان إلى شوارع المدينة بأسلحتهم، معزّزين بآليات عسكرية يحمل بعضها أسلحة مضادّة للطائرات وبمرافقة دبابات وعربات تجرّ مدافع هاون.

والسلطات حينها تعاملت وكأن على رأسها الطير، في حين تؤكد مصادر ليبية أن “القاعدة” في ليبيا استثمار أميركي ناجح، فالولايات المتحدة هي من فتحت الطريق لدخول العناصر إلى ليبيا مع بداية التحرك ضد القذافي، وقد سهّلت أكثر من مرة، وبعد تصريحات لأيمن الظواهر يقول فيها في شهر كانون الأول الماضي، إنه أرسل من جديد وينظّم خلايا للقاعدة في ليبيا، ولذلك فإن الولايات المتحدة وضمن شعارها المدروس “الحرب على الإرهاب”، تعمل على استغلال أموال البترو ــ دولار، لتشغيل جيش عملاء استخباراتها ومصانع السلاح، ولذلك كان الاستثمار لنشاطات المؤسسة الوهابية السعودية، التي تعلن توجهات “جهادية” بعقيدة “عنصرية” لإرهاب الدول الإسلامية المستقرة، كما تخيف العالم المسيحي.

ويتوقع في ليبيا أن تذهب البلاد إلى أتون جديد، في ضوء القلق والمخاوف، بعدما فشلت الدعامات التي تستلهم التطرّف والتكفير في تحقيق فوز يُعتدّ به في الانتخابات الأخيرة، وهم عبّروا عن ذلك خلال لقاء مع محمود جبريل؛ رئيس تحالف القوى الوطنية، بأن لهم الحق في حكم ليبيا بعد الثورة قياساً إلى ما قدموه حسب رأيهم، وقال جبريل بالفم الملآن، إن الرافضين لنتائج الانتخابات، هم وراء العمليات التخريبية.

في ليبيا هناك من يقول، إن تفجير الأضرحة ونبش القبور وتكفير المجتمع، يعني أن البلاد ستُقاد إلى حرب أهلية، لأن أهل السنة والجماعة لن يرضخوا مهما غلت الأثمان.

الثبات


يونس عودة

موقع:بانوراما الشرق الأوسط

Exit mobile version