Site icon اهل البيت في ليبيا

التيار المدخلي.. النشأة والتوظيف

لماذا اخترنا الملف:

في ظل الواقع الذي نعيش فيه وطغيان المادة والمناهج العلمانية وبعد الناس عن الدين، تتظافر جهود المصلحين من أجل التمكين للقيم والأحكام الشرعية، والأخذ بيد الناس والشباب خاصة للوصول بهم إلى بر الأمان، ووضعهم على الطريق الصحيح الذي بسلوكه تتحقق سعادتهم في الدارين.

لكن هذا المشروع الإصلاحي الكبير تتهدده العديد من المخاطر؛ أبرزها الخطر المتخفي وراء جلباب التدين؛ والمتمترس خلف الدفاع عن المنهج، والغيرة على الكتاب والسنة فهذا الخطر صار له اليوم مذهب وأتباع؛ وبات ينتشر بطريقة مثيرة للانتباه، ويمكَّن له في زمن التضييق الكبير على الدعوة السلفية.

وإذا كان أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية (المغربي) قد وضع خطة محكمة لهيكلة الحقل الديني؛ وفرضها على العلماء والخطباء، وألزم بها كل الفاعلين في المجال الدعوي، بما فيها جمعيات المجتمع المدني ودور القرآن الكريم، فإن خطته تلك غير ملزمة بتاتا للمنتمين للفكر المدخلي المتطرف.

بل على العكس من ذلك تماما فقد فتح الباب أمامهم على مصراعيه للنشاط؛ والدعوة إلى اللاتسامح والغلو والتطرف والحزبية الضيقة التي يوالي أصحابها على بعض الدعاة الخليجيين المعدودين على أصابع اليد الواحدة.

وحتى ننور الرأي العام ونعرفه بهذه الفرقة التي لم يعرف لها التاريخ الإسلامي مثيلا، والتي توظف سياسيا واستخباراتيا بشكل مكشوف وفج ارتأينا فتح هذا الملف.

التيار المدخلي النشأة والتوظيف:

وفقا لبعض الباحثين فإن الظهور العلني لتيار المداخلة كان في المملكة العربية السعودية إبان حرب الخليج الثانية 1991 والتي كانت نتيجة لغزو العراق تحت حكم صدام حسين للكويت.

وهو تقريبا الطرح نفسه الذي قدمه الدكتور عجيل النشمي الذي أكد أن الجامية أو المدخلية فرقة ظهرت حوالي سنة 1411-1990 في المدينة المنورة علي يد الشيخ محمد أمان الجامي الهرري الحبشي، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي، فالأول مختص في العقيدة، والثاني مختص في الحديث، وقد أثنى عليهما العلماء باديء الأمر منهم عبد العزيز بن باز و صالح الفوزان قبل أن يروجوا لفكرهم القائم على عدة مباديء خاطئة ومنها بخاصة مبدأ التجريح للعلماء الكبار، وهذا الذي أورث جفوة بينهم وبين أقرانهم من أهل العلم.

وكان الظهور العلني لهم على مسرح الأحداث، إبان حرب الخليج، حيث برزوا -وفقا لبعض الباحثين- كفكر مضاد للمشايخ الذين استنكروا دخول القوات الأجنبية،وأيضا كانوا في مقابل هيئة كبار العلماء، والذين رأوا في دخول القوات الأجنبية مصلحة،إلا أنهم لم يجرموا من حرَّم دخولها،أو أنكر ذلك، فجاء المداخلة أو الجامية واعتزلوا كلا الطرفين،وأنشأوا فكرا خليطا،يقوم على القول بمشروعيّة دخول القوات الأجنبية، وفي المقابل يقف موقف المعادي لمن يحرّم دخولها، أو أنكر على الدولة ذلك.

وقد أشارت ورقات بحثية أن هذا الفكر المدخلي دخيل على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم يعرف تاريخ المسلمين له نظيرا، حيث أن المنتمين لهذا المذهب المحدث يقومون بالبحث في أشرطة العلماء والدعاة، ويتصيدون المتشابه من كلامهم وما يحتمل الوجه والوجهين، ثم يجمعون ذلك في نسق واحد، ويشهرون بالشخصية المستهدفة ويفضحونها، محاولين بذلك إسقاطها وهدرها.

ومن خلال الدعم المقدم لهم إقليميا ودوليا؛ فقد استطاعوا في بداية نشوء مذهبهم جذب كثير من الشباب وشغلهم بالقيل والقال،والتهام لحوم العلماء والدعاة، كما تمكنوا أيضا من تحقيق الأهداف المسطرة لهم استراتيجيا.

وجدير بنا ها هنا التذكير أن وثائق مراكز الدراسات الغربية شددت على تعاون أجهزة الاستخبارات مع حاملي الفكر المدخلي، ودعمهم وفتح الباب أمامهم، لأنهم يقومون بنفس الدور الذي كانت تقوم به بعض الفرق الصوفية الموالية للاحتلال،ويقفون حجر عثرة أمام الحركات الإسلامية برمتها،ويستصنمون منهجهم إلى درجة التقديس،ويقلدون بعض رموزهم تقليدا أعمى؛ ولا مكانة لديهم لباقي العلماء لأنهم بالنسبة لهم ضالون مبتدعون مارقون..

وبعد أن عاثت هذه الفرقة في الأمة فسادا؛ وتمكنت من التفريق بين صفوف أبنائها، ولم تترك عالما ولا شيخا ولا داعية له أثر ودعوة، إلا وصنفته وشهرت به؛ لم  تسلم هي الأخرى من تجرع السم الذي نفثه في جسد الأمة؛ فهي تعرف انقسامات كبيرة وخلافات حادة بين منظريها ورؤوسها، وبين حين وآخر ينشق فصيل ويعلن الحرب على بقية الطائفة، ويقوم بعد ذلك تباعا بتبديعها وتضليلها وفق الأصول والقواعد المنهجية التي نشأوا وتربوا عليها.

 وفي مقاله: (خطر الفكر المدخلي على وحدة المغرب العقدية)؛ كشف الباحث عبد الله مخلص أن من جالس أصحاب هذا الفكر سيدرك حتما درجة الغلو التي بلغوها وخطرهم على المجتمع برمته،وأن السلطات المغربية تلعب بالنار حين تسمح لأصحاب هذا الفكر ببناء أعشاش لهم بين أبناء المجتمع المغربي،وأنهم وإن كانوا يعلنون الطاعة العمياء لولاة الأمور ويوالونهم موالاة تامة،فإنهم على الطرف الآخر يشكلون خطرا كبيرا على مكونات المجتمع الأخرى ووحدته العقدية والمذهبية.

إضافة إلى ذلك فإن الغلو في مولاتهم للحكام بالطريقة التي يقدمونها لا يجب الاطمئنان إليها بتاتا،فالغلو في أي شيء عاقبته وخيمة، ويكفي لبيان ذلك أن الخوارج الذين قاتلوا عليا رضي الله عنه يوم النهروان،ابتدؤوا ببدع صغيرة منحصرة في الغلو في جانب (الذكر) لينتهوا بالغلو في (سفك الدماء)،أما هؤلاء فقد ابتدؤوا بالغلو في أعراض العلماء والدعاة والعاملين لخدمة الإسلام؛والله وحده يعلم بما سينتهي هذا الفكر الذي يمـَكَّن له في زمن تضييق كبير على السلفيين خاصة والإسلاميين عامة.

لا تخطيء عين المتابع توظيف المداخلة المنحرف للنصوص الشرعية، وإخراجهم للقواعد العلمية عن إطارها، ولآثار العلماء عن سياقها، واستعمالهم المفرط للغة التعالي والكبر ضد من يعتبرونهم مخالفين خارجين عن المنهج، وعدم ورعهم في إطلاق عبارات السب والشتم، والتحذير والتحريض، والرمي بالبدعة والضلال والمروق؛ والاحتقار والرغبة الكبيرة في سحق الآخرين.

وهذه سمة عامة للمداخلة أينما وجدوا سواء في المغرب أو ليبيا أو أوربا أو الجزائر أو مصر أو العراق أو الشام أو السعودية، مع الإشارة إلى أن هذا الفكر لا يحظى بتاتا بالقبول في الحجاز -موطن نشأته-، وقد حذر منه جل علماء المملكة العربية السعودية، بما فيهم أعضاء هيئة كبار العلماء.

مداخلة المغرب:

كغيرهم من المداخلة في باقي العالم الإسلامي والغربي أيضا؛ فهم لا يعيرون اهتماما لعلماء بلدهم، ولا للمؤسسات الدينية الرسمية، وارتباطهم الوثيق موصول ببعض الأفراد في الحجاز لا يحظون بالقبول بتاتا في بلدهم كما أن الدورات التي يقيمونها ويستقطبون لها رؤوسهم في المغرب أو خارجه؛ويرفعون فيها شعار العلم وكتب أهل العلم، ويسمونها بأسماء علماء أو حكام مغاربة كدورة السلطان محمد بن عبد الله العلوي، فوفق الباحث عبد الله مخلص، فلا يجب أن يدفعنا ذلك إلى التردد في التحذير من هذا الفكر الذي انتشر كالنار في الهشيم بسبب إحسان بعض العلماء الظن بأتباع هذه الجماعة في بداياتها، ليدركوا بعد ذلك أن الخرق اتسع على الراتق،وأن المداخلة أصبحوا خنجرا مسموما في ظهر الدعاة إلى الله تعالى.

فأصل العلم خشية الله تعالى؛ كما قال أحمد بن حنبل، وإن قادت معلومات علمية متناثرة من هنا وهناك وهنالك إلى صناعة قوالب من هذا الشكل فلا مرحبا بها، فخير للإنسان أن يقيم دينه بالمحافظة على الفرائض والسنن فقط، من التنمر بالعلم، ونشر ثقافة الحقد والكراهية، والحكم على المسلمين دون بينة أو برهان.اهـ

منهج غلاة التبديع في الحكم على العلماء والدعاة والأعيان:

لمنهج أهل التبديع والتفسيق قواعد وأصول معروفة مشهورة؛ وقد فصل القول فيها الشيخ أبو الحسن مصطفى السليماني، وهو يعد من الباحثين المتخصصين في مجال الفرق، وله مؤلف كبير يقع في مجلدين بعنوان “الدفاع عن أهل الإتباع”، كشف فيه منهج غلاة التبديع المنتسبين للسلفية (زورا وبهتانا)، وبين جملة من أصولهم وقواعدهم التي يعلنون عنها تارة بلسان المقال وتارة بلسان الحال.

وقد عرف المنتمون لهذه الفرقة المحدثة بـ:

1– الغلو في التبديع والتفسيق والتأثيم،بل والغلو أيضًا في التكفير،فترى من سلك هذا المسلك يحكم بالبدع العظمى على الأبرياء، ويرمي بالأحكام الجائرة الفظة على من لا يستحق عشر معشار ذلك، بل ربما رموا بذلك من هو أولى بالحق منهم،ومن هو أهدى سبيلاً، وأقوم قيلاً،ويضع شيخ هذه الطائفة القاعدة،ثم لا يجرؤ على العمل بمقتضاها -أحياناً- ويأتي غيره ممن هو أكثر جرأة،وأقل علماً وورعاً؛ فيعمل بمقتضى ذلك، فيكفر المسلمين،وفيهم السني البريء،ومنهم المبتدع الجاهل، ومنهم المبتدع المتبصر، ومعلوم ما ورد في ذم تكفير مسلم أو لعنته بغير حق.

2– أتباع هذا المنهج المحدث مولعون بتصيد وجمع الأخطاء التي تصدر ممن يخالفهم -ولو في أمر يسير،بل وقد يكون الحق مع مخالفهم- فيطيرون بها في الآفاق،وينشرونها في كل حدب وصوب،للتشهير بمن يخالفهم،وتنفير الناس عنه،حتى يخلو لهم الجو، زاعمين أن هذا من باب تحذير المسلمين من أهل البدع،ومن باب الجرح والتعديل!! فصدق من قال:

لقد هزلت حتى بدا من هزالها *** كُلاها وحتى سامها كل مفلس

3ـ إذا كانت الكلمة من مخالفهم تحتمل معنى صالحا،وآخر سيئا؛حملوها على المعنى السييء،بزعم أنهم أعرف بمخالفيهم،وأن مخالفيهم أهل مراوغة ولف ودوران،بل صرح بعضهم متهمًا مخالفيه: بأنهم أهل زندقة.

4ـ كما أنهم يحملون كلام خصمهم -الداعي إلى السنة الصافية- مالا يحتمل، وهذا أمر مشهور عند من يعرف حالهم بإنصاف.

5ـ استخدامهم عبارات فظّة غليظة جافية في مخالفيهم من أهل السنة، كقولهم: (فلان أخبث أو أكذب من اليهود والنصارى)، أو(أخبث من هو على وجه الأرض)، أو(أضل أهل البدع)، أو(أتى بما لم يَدُر في خلد الشيطان منذ تاريخ البشرية)، ودع عنك قولهم: (دجال، وكذاب، وفاجر، وأفاك أثيم، ومراوغ، ومخادع، وماكر، وعدو للسنة، ومحارب للسلفيين الكبار منهم والصغار، وخبيث مخبث، ومائع، ومميع، وضال مضل، ومبتدع خبيث، وكذاب أشر، وأحد الدجاجلة، والروافض أفضل منه، واليهود والنصارى أهون منه، ولو خرج الدجال لركض وراءه فلان وأتباعه، أو لو ادعى رجل الربوبية أو النبوة لركض وراءه فلان وأتباعه، وزائغ، وحزبي ضال، وحزبي متستر، ودسيسة، ومدسوس في الصف لتدميره، ومُجنَّد من قبل الأعداء لهدم السلفية، وساقط، وتافه، وصاحب دنيا…) إلخ ما في هذا القاموس العفن.

6ـ أنزلوا أنفسهم -بلسان الحال- منـزلة ليست لهم، فمن وقع في خطأ،وشنَّعوا عليه، فعرف خطأه،وتراجع عن قوله بلسان عربي مبين، وأعلن ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛اتهموه بأنه كذاب مراوغ في توبته،ولا تصح توبته إلا بين أيديهم،وبالألفاظ التي يُملونها هم عليه، والله عز وجل يقول: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، ولم يجعل التوبة لفلان أو لفلان !!.

7ـ وبذلك -وغيره- أنزلوا أنفسهم منـزلةَ الوصي على الدعوة، وأن طلاب العلم والدعاة إلى الله في جميع الأقطار بمنـزلة القاصر، الذي يتصرف فيه وصيُّه، فمن حكموا له بالسلفية؛ فقد فاز ورشد!! ومن تحفّظوا في حقه بهذا الحكم؛ فهو على شفا جُرُفٍ هار، ويشار إليه بأصابع الاتهام، والخوف عليه من السقوط!! ومن صرحوا في حقه بأنه ليس سلفيًا؛ فتهوي به الريح في مكان سحيق، وذلك عند هؤلاء المقلدة الذين ضلوا الطريق!!

8– عدم تمييزهم لأنواع مسائل الخلاف، فتراهم لا يفرقون بين مسائل الاجتهاد، ومسائل العقوبات،ومسائل الأصول،ومن خالفهم ولو في سنة من السنن،أو في تقدير المصالح والمفاسد وإن كانوا متفقين على الحكم في الجملة، أو خالفهم في تزكية شخص أو جرحه؛ رموه بأنه مميع،وأمثلة ذلك يطول المقام بذكرها، وتراهم يبدُعون من لم يقع في بدعة أصلاً، إنما خالفهم فيما لم يعرفوا غيره، وإن كان الحق مع مخالفهم !!.

9ـ وَضْع قواعد مخترعة، ما أنزل الله بها من سلطان، وإخراج السلفيين بسببها من دائرة السلفية، وإلحاقهم بركب أهل البدع، فمن ذلك قولهم: من نزل ضيفًا في بيت حزبي؛ فيُلحق به، ومن التمس عذرًا لحزبي -ولو في أمر حق- فهو مميع، ومن لم يهجر فلانًا؛ فيُلحق به، وكذا من لم يهجره؛ فهو كذلك، وهكذا وقولهم: من ذكر حسنة مبتدع -ولو كان ذلك أحيانًا لحاجة شرعية- فهو مميع، وقائل بالموازنات.

10– ومن قواعدهم أن من اشتغل بتحصيل العلوم الشرعية، دون رد على الجماعات؛ فليس بسلفي، أو مائع، أو في سلفيته نظر، لا سيما إذا عارض شيئًا من أحكام هذه الطائفة الجائرة!!

11– ومن قواعدهم الفاسدة: أن من استشهد بكلام -وهو حق- من كلام أحد المخالفين؛ فهو مميع، وملمِّع لأهل الباطل، ومدافع عن أهل البدع، ومن قال: المسلم يُحب ويبغض على حسب ما فيه من خير وشر؛ فهو مميع، ومن أهل الموازنات، وإخواني أو قطبي.

12– ومن قواعدهم: أن من خالفهم ولو في شيء يسير مما يسمونه هم “مسائل المنهج” فزكى رجالاً جرحوه،أو رأى المصلحة في غير ما يرون، أو نحو ذلك؛ قالوا: هذا أضر على الدعوة من الحزبي الظاهر، لأن الحزبي الظاهر يحذره الناس، أما هذا فموضع ثقة عند الناس، فيكون ضرره أكبر.

وهكذا كلما كان المخالف لهم -مع بقائه على السنة في الواقع- أكثر صلاحاً وعلماً وفضلاً وجاهاً منفعاً؛ كلما كان أضر على الإسلام وأهله وكلما كان التحذير منه أكبر، وكلما كان المخالف متهتكاً مشهوراً بالضلالة؛ كلما كان أهون وأخف؛ فبين هذا الفكر شبه وبين فكر من يقتلون أهل الإسلام، ويدَعون أهل الأوثان، والله المستعان.

علماء السلفية يتبرؤون من الفكر المدخلي وغلوه وتطرفه

يحاول المنتسبون إلى الطائفة المدخلية إلصاق انحرافهم المنهجي والسلوكي ببعض المؤسسات الدينية وعلماء ورموز الدعوة السلفية؛ من أمثال الشيخ الألباني وابن عثيمين والفوزان واللحيدان.. علما أن هؤلاء العلماء بعيدون كل البعد عن غلو الفكر المدخلي وتطرفه، ومنهجية تعاملهم مع الجماعات الإسلامية الفاعلة مناقضة تماما لما عليه المداخلة من أتباع “ربيع” و”رسلان” و”الرضواني” وغيرهم، كما أن نظرتهم لتغيرات الواقع وحراك الشعوب لا علاقة له من قريب أو بعيد بما عليه الطائفة المدخلية؛ قليلة العلم؛ ضعيفة الوعي؛ ضيقة الأفق.

وحتى نبين هذه الحقيقة نقدم في هذه الورقة بعض أقوالهم ومواقفهم اتجاه جماعات وأشخاص يصر المداخلة على شيطنتهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قناة البصيرة منبر إعلامي للترويج للفكر المدخلي

 مباشرة بعد أن هبت رياح الربيع العربي على العالم الإسلامي وصعد الإسلاميون؛في عدد من الدول إلى سدة الحكم؛ فقد أثر (غلاة الجرح والتبديع)،حيث قرروا حينها عدم مناصرة ولاة أمورهم الجدد؛ بدعوى أن من (السياسة ترك السياسة).

لكن ومباشرة عقب الخريف العربي والانقلاب على الحكومة المنتخبة في مصر بالذات استيقظ المداخلة من سباتهم الربيعي وركنوا إلى الذين ظلموا، وبذلوا وسعهم وعملوا قصارى جهدهم ليبرروا جرائم الانقلاب، وأكثر من ذلك سعوا إلى مهاجمة كل من أنكر هذا المنكر البواح، خاصة من «الإسلاميين»؛ فخصصت قناة «البصيرة» التي يديرها المتطرف المصري عبد الرزاق الرضواني، حلقات متتالية لمهاجمة العلماء والدعاة في مصر والخليج والعالم العربي، ولم يسلم من ألسنتهم الحداد لا قراء الحرم وعلمائه ودعاته، ولا علماء الشام والعراق، ولا علماء المغرب العربي أيضا، فكل هؤلاء بالنسبة لهم «كلاب» و«خوارج ضالون» و«منحرفون عن المنهج»!!!

كما خصصت «البصيرة» الطائفية التي تحرض على الحقد والكراهية حلقات خاصة بالمغرب أسمتها (مكر الإخوان بالمغرب لزوال الحكم الملكي)، هاجمت من خلالها عددا من الشخصيات السياسية والعلمية والفكرية المغربية البارزة، وكالت لهم من التهم ما تنوء بحمله الجبال.

ودعا المثير للجدل عبد الرزاق الرضواني في برنامجه المذكور كلا من رئيس الحكومة المغربي عبد الإله بنكيران ووزير العدل مصطفى الرميد وحكومة العدالة والتنمية إلى التبرؤ من فكر الإخوان وفكر حسن البنا كي يصبحوا وفق قوله (كـْوَيِّسين)!!!

فالشيخ الرضواني لعصبيته المفرطة؛ أو ربما لجهله واقتحامه موضوعات لا قبل له بها يزري بنفسه، ويدفع من ابتلي بمتابعة حلقاته إلى فرك عينيه وربما قرص جلده بأصبعيه ليتأكد هل هو غارق في عالم الأحلام أم هو فعلا في أم عالم الشهادة؟!

فإذا كان المداخلة الذين ينشطون في المغرب يصدعون رؤوس الناس بطاعة ولاة الأمور، ويعدُّون انتقاد بعض قراراتهم خروجا بالكلمة، فكيف سوغوا لأنفسهم أن يحرضوا شخصا من خارج أرض الوطن على الكلام عن الملك محمد السادس بطريقة غاية في الوقاحة؟! بعد أن أمدوه بوريقات وأغروه وحفزوه ليحشر أنفه في شأن داخلي للمغرب لا علم ولا شأن له به..

ألا يعد هذا -وفق القواعد التي يتحاكم إليها “المداخلة”- خروجا على ولاة الأمور، وتواطؤا مع جهات خارجية ضد مصالح الوطن واستقراره؟

هذا وتبقى الرسالة الإعلامية التي تقدمها “البصيرة” تطرح أكثر من علامة استفهام؛ خاصة وأنها القناة “الإسلامية” الوحيدة التي سمح لها بالعمل والبث من داخل مصر التي استولى عليها السيسي وزبانيته.

 


موقع:هوية برس

نبيل غزال

مختصر

Exit mobile version