Site icon اهل البيت في ليبيا

الشهيد صالح بويصير….صالح الإسم والعمل

أهل البيت في ليبيا 

ولد صالح مسعود بويصير في مدينة بنغازي عام 1925م والحكم الفاشي يزحف علي البلاد بل على أرواح العباد وبعد أعوام طرقت أذانه صيحات المجاهدين دفاعا عن الوطن الغالي في هذا الجو الذي خنقته الرجولة والوطنية شب صالح فأعلن تمرده ورفضه أن يقوم بتطبيق  القرار الايطالي الفاشستي الذي يفرض على كل مواطن ليبي أن يقوم بتحية المحتل الايطالي بالطريقة الايطالية وهي معروفة برفع اليد عاليا والهتاف باسم الدكتاتور موسوليني.

أرسله والده إلى القاهرة لتلقي العلم في أزهرها الشريف والتحق به سنة 1937م استمر فيه حتى العام 1946م,اشترك صالح في جميع الهيئات السرية التي أسسها الطلبة الليبيون في مصر وكان لها دورها الفعال في إذاعة ما ارتكبه الفاشيست من ضروب جرائم التنكيل بالشعب الليبي.

عاد صالح إلي وطنه عام 1943م بعد أن تخلصت ليبيا من حكم الغزاة الطليان بهزيمتهم العسكرية في الحرب العالمية الثانية  اتجه صالح إلي الصحافة ليوضح من خلالها للشعب حقائق الأمور وخبايا الموقف وما يدبر ضده من مؤامرات … فتولي رئاسة تحرير جريدة (( بنغازي )) التي كان يصدرها مكتب الاستعلامات البريطاني … ثم أبدل اسمها إلى (( برقة الجديدة )) فأصبحت منبراً حراً انطلقت منه دعوة الحرية والسيادة المطلقة.

خلال هذه الفترة لم يقطع صلته بالصحافة المصرية رغم رئاسته لتحرير برقة الجديدة فكان يزود جريدة المصري بالعديد من المقالات والأنباء خلال عامي (46 -47) تضمنت هجوما مركزا علي الحكم البريطاني في ليبيا وأهدافه للسيطرة علي البلاد وفي عام 1947م أصدر مجلته الشهرية (( الفجر الليبي )) واتخذ شعار (( لسان الصراحة وضوء الحقيقة )).

خاض صالح المعركة الانتخابية عن دائرة توكره لتشكيل أول مجلس نواب في برقة وخاض مع بعض أعضاء المجلس معارك حامية ضد حكومة برقة.

عندما أعلن استقلال ليبيا وتقرر أجراء انتخابات نيابية في فبراير 1952م خاض صالح المعركة وفاز بالعضوية أصدر صالح جريدته الأسبوعية ((الدفاع)) عام 1952 حتي أغلقتها الحكومة عام 1954م واستطاع خلال فترة نيابية التي استمرت حتى اغطس عام 1955م أن يلهب المجلس بآرائه لتثبيت قواعد الدستور والقانون.

غادر صالح بويصير ليبيا بعد أن ضيقت عليه  حكومة بن حليم  الخناق وحاصرت قوات من الشرطة منزله في طرابلس تمهيداً لاعتقاله في يوليو 1955م وبعد أن رفعت عنه الحصانة البرلمانية، غادر متخفيا إلى تونس ثم غادرها الى القاهرة حيث ظل بها حتى قيام انقلاب 1969م الذي قادته مجموعة القدافي…واجتاز في المنفي مرحلة مالية قاسية بعد أن فرضت السلطات الليبية الحراسة على أمواله وممتلكاته ورفض بشكل قاطع ان يكون له مرتب شهري من الخزينة المصرية.

كان صالح أول الذين تبرعوا وساندوا حركة فتح الفلسطينية كما ساند جميع الحركات التحررية في شتى الأقطار العربية وكان بيته قبلة لكل قادة التحرر العربي من أبوعمار وبن بله وبومدين وغيرهم ,كما شكل لجنة للدفاع عن فلسطين وزار القدس مرات عديدة وزار مخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن ووقف على شئونهم وشجونهم وقاسمهم أمالهم وآلامهم.

كما أنشأ اللجنة الإسلامية عام 1968م هدفها تبني الطلبة الفلسطينيين وتحمل تكاليف دراستهم واستجاب لدعوة صالح مئات الليبيين وغيرهم ولم يبخلوا عن تقديم كل عون للطلبة الفلسطينيين.

عاد الى أرض الوطن ليبيا في يوم 08-09-1969م وتم تعيينه وزيرا للوحدة والخارجية في أول حكومة بعد سقوط النظام الملكي.

وفي 16-08-1971م تولى وزارة الاعلام وفي عام 1972م ترك الوزارة ليخوض انتخابات المجلس الاتحادي وفاز عن دائرة توكره بنجاح ساحق.

أعد رسالة ماجستير عن جهاد شعب فلسطين وسئل عن غايته من تلك الرسالة فقال:-((لنصرة الشعب الفلسطيني بعد أن ظلموه – نصرته من واقع الوثائق التي امضيت في البحث عنها وجمعها سنوات طويلة)).

كما سجل رسالة دكتوراه عن جهاد الشعب الليبي ضد الغزو الايطالي إلا أن القدر لم يمهله واستشهد المناضل صالح بويصير والذي كان يتولى منصب وزير الخارجية الليبي يوم 22-02-1973م في حادثة اسقاط الطائرة الليبية المدنية بوينغ 727 رحلة رقم 114 والتي قصفتها طائرات العدو الصهيوني نوع فانتوم فوق أرض سيناء المصرية المحتلة حينها وأسقطتها وكانت تحاول انزالها بالقوة حسب التصريحات الصهيونية ولكن الطيار رفض

خاطب أحد أفراد طاقم الطائرة ركابها وقال:”نتعرض الآن لعدوان صهيوني إن عشنا فنحن سعداء،وإن متنا فشهداء”،ثم تلا آيات من القرآن الكريم.

هوت معها الليبية أشلاء إلى الصحراء فتناثرت جثث ضحاياها داخل وحول هيكلها المغروز معظمه في رمال سيناء وكانت كارثة قضى فيها 108ركاب ومن الطاقم، منهم رجال أعمال ليبيون ومصريون وفرنسيون،وآخرون كانوا عائدين من زيارات عائلية بينهم أطفال ونساء.

تم اتهام الكيان الصهيوني من قبل عدة أطراف بتعمدها إسقاط طائرة الركاب الليبية،إلا أن الحكومة الإسرائيلية أنكرت في البداية مسؤوليتها عن الكارثة، لكنها في 24 فبراير عندما تم العثور على الصندوق الأسود للطائرة،اعترفت أن إسقاط الطائرة تم “بتفويض شخصي” من قبل دافيد إلعازار رئيس الأركان الإسرائيلي وقتها.

وبعد عشرين عاما من اسقاط الطائرة وفى مقابلة وحيدة اجراها الطيار الصهيوني مع “يديعوت احرونوت”..أخذ يستعيد الأمر الذى تلقاه: اجعلها تهبط بأي ثمن وأخذ يعدد الجهود التى بذلها كي يوضح للطيار مقصده، كيف انه حلق الى جواره بمحاذاة جسم البوينج وكيف أنه أشار اليه بالإبهام الى أسفل وكيف أنه حلق الى أمامه ولوح بالجناحين وأطلق النار على مقربة من جسم الطائرة..قال انه فعل كل ما يمكنه كي يوضح مقصده، لكن “بورجى” ولسبب لن يعرف أبداً رفض الاستجابة لكل الاشارات.

الشهيد صالح بويصير أنكر ذاته واتخذ من خدمة وطنه وأمته أنيسا ورفيقا امن بربه عبده في خدمة وطنه وكانت أحلى صلواته في محاريبه وناضل في سبيله بالقلم وناضل بروحه وناضل بفكره وناضل حتى في غربته … وليكن في مسيرة صالح وموافقة ذكرى وعبرة ونبراس.


الصورة:من الارشيف الخاص بالمرحوم عبدالله افتيتة 

Exit mobile version