Site icon اهل البيت في ليبيا

تحرير فلسطين… الزحف المقدس مشيا على الأقدام

أهل البيت في ليبيا 

بعيدا عن الهموم الليبية التي لا تريد أن  تفارقنا كتبت اليوم هذه الخاطرة المجنونة. قرأت في احدى الصحف مؤخراً حديثاً لكاتب فلسطيني يرى أنه بإمكان العرب تحرير فلسطين اذا قاموا بأمرين أولهما سحب جميع ارصدتهم المالية من البنوك الأمريكية وثانيهما هو تكوين لوبي عربي في الولايات المتحدة على غرار اللوبي اليهودي المسيطر على القرار الأمريكي ،كما يبدو،سواء في الكونجرس أو في البيت الأبيض أو حتى في البنتاجون. 

ويبدو لأول وهلة أنه بالإمكان القيام بذلك لأن المال مال العرب ويستطيعون استثماره في أي مكان أخر غير الولايات المتحدة. ولكن السؤال الأهم هو هل يستطيع العرب أن يقوموا فعلا بسحب أموالهم من جميع البنوك الامريكية !؟.

هل الحكام العرب قادرون فعلا على القيام بذلك.!؟ وهل سيسمح لهم أولياء أمورهم بالقيام بذلك.!؟ وحتى اذا تحقق ذلك وتم تحويل تلك الأموال و إبقائها كما هي أي دولارات أمريكية ولكنها مودعة في بنوك أخرى خارج أمريكا،ألا تظل الولايات المتحدة هي التي تتحكم فيها سواء من خلال تصرف الدول العربية المالكة لها أو من خلال تصرف تلك البنوك الأخرى فيها أو من خلال عمليات اعادة استثمارها في البنوك الأمريكية من قبل البنوك التي حولت اليها تلك الأموال. وكأنك يا أبوزيد ما غزيت. ثم كم هو حجم الأموال العربية التي يمكن أن يؤدي سحبها من سوق المال الأمريكي الى التأثير سلبا على اقتصاد أكبر دولة في العالم ويجبرها على تغيير سياستها الخارجية رأسا على عقب.

ان القيمة الإجمالية لجميع الاموال العربية المودعة في بنوك الولايات المتحدة قد لا تتجاوز عشرة في المائة فقط من ميزانية احدى الوزارات في الحكومة الامريكية.كما ان مجموع الناتج المحلي الاجمالي لجميع الدول العربية لا يتجاوز الواحد ونصف في المائة الا بقليل من الناتج المحلي الاجمالي  العالمي حسب الأرقام المنشورة من البنك الدولي ,بينما يبلغ حجم الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة وحدهاوفقا لتلك الأرقام  ما يقرب من خمسة وعشرين في المائة من اجمالي الناتج المحلي العالمي. ثم ان اللوبي اليهودي في أمريكا انما يعتمد على أموال اليهود التي تحرك البنوك الأمريكية فكيف يمكن أن يكون للعرب لوبي عربي في أمريكا اذا لم تكن لديهم أموال كافية في البنوك الأمريكية.

لا أعتقد أن هذه الفكرة حتى لو أمكن تطبيقها يمكن أن تؤدي الى أي تغيير يذكر في الموقف الأمريكي الداعم الدائم للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والحامي والمدافع عن كل جرائم بني اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

أرى ان هناك فكرة اخرى لتحرير فلسطين قد تبدو للبعض انها فكرة مجنونة ولكنني أراها أكثر واقعية وأقرب للتحقيق من الفكرة المالية السابقة.

ان عدد العرب الان قد يتجاوز المائتين وخمسين مليونا من البشر يعيش معظمهم عالة على العالم وقد لا يتجاوز الناتج القومي لمجموع الدول العربية بما في ذلك النفط والغاز والمياه والأبراج والقصور والتمور والجمال وخلافه أقل من واحد في المائة من الناتج المحلي  العالمي ولكنهم أي العرب يملكون هذه القوة البشرية الهائلة.فلو قرر جميع هؤلاء الزحف على فلسطين المحتلة مشيا على الأقدام في يوم تاريخي يختارونه وقد يكون يوم 15مايو هو اليوم المناسب لذلك فان كل ما تملكه “اسرائيل” من الأسلحة والقوة العسكرية بما فيها الأسلحة النووية قد تستطيع القضاء على نصف مليون مواطن عربي من هؤلاء ولكن لن يبقى بعد هذا الزحف المهيب الرهيب غير المسبوق،لن يبقى إسرائيلي واحد على ارض فلسطين بينما يبقى الملايين العرب كما هم لأنه سيلد منهم قبل انتهاء عملية التحرير ما يقرب من نصف مليون مواطن عربي جديد ليحلوا محل الذين استشهدوا بحق هذه المرة من اجل تحرير فلسطين.

وعندما ينتهي الوجود اليهودي في فلسطين المحتلة وتعود دولة فلسطين الى أهلها من النهر الى البحر فسيجد العرب أن أول دولة تعترف بدولة فلسطين الحرة المستقلة هي دولة الولايات المتحدة الأمريكية لأن دولة فلسطين أصبحت أمرا واقعا ولم تعد محلا للتفاوض لا مع اليهود ولا مع غيرهم.ولن تكون هناك ضرورة لا لسحب الأرصدة العربية من أمريكا ولا لإقامة لوبي عربي فيها وحتى اللوبي اليهودي قد لا يكون له معنى بعد تحرير فلسطين إلا اذا قرر اليهود البحث عن بقعة أخرى في الكرة الأرضيّة لتكون أرض الميعاد الجديد لهم وربما وجدوا من يعينهم على ذلك من كثير من العرب فالعرب واليهود جدهم واحد هو سيدنا ابراهيم الخليل.فولده اسماعيل كما يقال هو ابو العرب وأخوه اسحق كما يقال أيضا هو أبو اليهود وابنه يعقوب اسمه أيضا اسرائيل فلا ينبغي أن تكون بينهما عداوة أو بغضاء.

ترى كم من العرب يوافقون على هذه الفكرة المجنونة و يقبلون الزحف على فلسطين المحتلة مشيا على الأقدام وبدون سلاح لتحريرها وفيها بيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي محمد ومهد المسيح عليهما أفضل الصلاة وأزكى التسليم واعادة فلسطين الى اهلها.كم يا ترى من الحكام العرب سينضمون الى هذه المسيرة المقدسة لتحرير فلسطين بعد خمسة وستين عاما من الاحتلال.!؟ وكم من العرب حكاما ومحكومين يريدون فعلا أن تتحرر فلسطين!؟.

أما بعد فإنني أعترف لكم انها فكرة مجنونة. ولكن اليس كل ما نسمعه ونراه في عالمنا العربي حول قضية فلسطين وغيرها انما هو من صنع المجانين بما في ذلك اتفاقية أوسلو والمبادرة العربية وحل الدولتين واسراطين والطلب أخيرا من مجلس الأمن أن يحل القضية خلال سنتين وهو الذي عجز عن حلها طوال خمس وستين سنة خصوصا ونحن نعلم مسبقا أن هناك “فيتو” أمريكي معتبر سيمنع صدور مثل ذلك القرار.!؟

ان هذا العبث المجنون الذي يجري هذه الأيام في بعض العواصم الأوربية برعاية السلطة الوطنية الفلسطينية هو الذي دفعني لكتابة هذه الخاطرة المجنونة. 

يقول المثل العربي: “المجانين في راحة.”… فاستريحوا أيها العرب. ولك الله يا فلسطين. والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.


د ابراهيم محمد الهنقاري

كاتب ومحلل سياسي ليبي

Exit mobile version