Site icon اهل البيت في ليبيا

الإمام الحسن المجتبى عليه السلام

أهل البيت في ليبيا

الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم عليهم السلام الملقب بـ المجتبى (3هـ – 50هـ) ثاني أئمة المسلمين الشيعة المفترض من الله سبحانه وتعالى طاعتهم مدة إمامته 10سنين (40هـ-50هـ)وتولى خلافة المسلمين لفترة طالت حوالى 7أشهر ويعتبره أهل السنة آخر وخامس الخلفاء الراشدين وتحولت الخلافة الى ملك عضوض.

الحسن بن علي الولد الأول للإمام علي وفاطمة الزهراء والسبط الأكبر للنبي،وذكرت الأخبار أنَّ النبي سمّاه حسنا وكان يحبه كثيرا عاش سبع سنين مع جده النبي الأكرم وشارك في بيعة الرضوان وحضر مع أهل البيت في المباهلة مع نصارى نجران. 

لم ترد معلومات كثيرة عن حياته في عهد الخليفة الأول والثاني،إلا أن عمر عيّنه كشاهد على الشورى السداسية لتعيين الخليفة الثالث،كما أن بعض الأخبار تتحدث عن مشاركته في بعض الحروب في عهد الخليفة الثالث،وكان يحرس بيت عثمان بأمر الإمام علي عندما ثار الناس عليه،وحتى قيل أنه جرح جراء هذه الأحداث،وفي فترة خلافة والده الإمام علي بن أبي طالب رافقه إلى الكوفة وكان أحد قادة جيشه في معركة الجمل وصفين.

تولى الحسن بن علي الإمامة في 21 رمضان 40هـ بعد استشهاد والده الإمام علي وبايعه في اليوم نفسه أكثر من أربعين ألف شخص لكن رفض معاوية خلافته وسيّر جيشا نحو العراق،فوجّه الإمام عسكرا بقيادة عبيد الله بن عباس لمواجهته وذهب هو مع جيش آخر من جماعته إلى ساباط، وسعى معاوية على بث الإشاعات بين جيش الإمام الحسن؛ليوفر الأرضية والأجواء المناسبة للصلح،وفي هذه الظروف تعرّض الإمام الحسن لمحاولة اغتيال فجُرح وطعن في فخده الشريف ونُقل إلى المدائن للعلاج وتزامنا مع هذه الأحداث بعث جماعة من رؤساء الكوفة رسائل إلی معاوية وواعدوه أن يسلموا الحسن بن علي إليه أو يقتلوه فأرسل معاوية رسائل الكوفيين إلى الحسن بن علي،واقترح عليه الصلح وقَبِل الإمام الصلح مع معاوية،وسلّم الحُكم إليه على أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله،ولا يعيّن خلفا لنفسه ويضمن الأمان للناس وخاصة شيعة الإمام علي،لكن معاوية لم يف بهذه الشروط وكان يبيت الغدر والخيانة من البداية،لقد استاء بعض ضعاف النفوس والايمان من الشيعة من هذا الصلح وأعربوا عن رفضهم له بوصفهم الإمام الحسن بـ”مذل المؤمنين” ثم ندم بعضهم على ما بدر منهم وخرجوا في ثورة باسم  “ثورة التوابين” ضد الحكم الأموي الظالم.

وبعد أن وقّع الإمام الصلح مع معاوية رجع سنة 41هـ إلى المدينة،وبقي هناك حتى آخر عمره المبارك وكان يحظى بالمرجعية العلمية في المدينة والمكانة الاجتماعية لدى المسلمين جميعا وخاصة شيعته القائلين بامامته بلا فاصلة بعد والده الوصي وجده النبي وبأمر من الله.

وعندما أراد معاوية أن يأخذ البيعة لولده يزيد أرسل إلى جعدة بنت الأشعث زوجة الإمام الحسن مائة ألف درهم، لتدس إليه السم فنفذت الأمر وبقي الحسن بن علي مسموما أربعين يوما حتى تفتت كبده من شدة السم وهو يتقيأ دماً،واستشهد على أثر ذلك السم،وقد أوصى أن يُدفن عند قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،لكن مروان بن الحكم وعدد من بني أمية بقيادة عائشة بنت أبي بكر منعوا ذلك، فدُفن في مقبرة البقيع.

لقد روت المصادر الطرفين الشيعة والسنة الكثير من فضائل الإمام الحسن،فقد كان أحد أصحاب الكساء الخمسة الذين نزلت فيهم آية التطهير،والذين تعتقد الشيعة بعصمتهم فضلا عن آية الإطعام وآية المودة وآية المباهلة اللواتي نزلن في حقه وحق أمه وأبيه وأخيه وقد أنفق مرة جميع أمواله في سبيل الله،وثلاثة مرات شاطر أمواله مع الفقراء والمحتاجين،وبناء على هذا لقّب بـ”كريم أهل البيت”،وذكرت الروايات أنه عليه السلام ذهب إلى الحج عشرين أو خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه.

جُمعت كلمات ورسائل الإمام الحسن وكذلك أسماء الرُواة عنه في كتاب “مسند الإمام المجتبى”.

*تعريف

الإمام الحسن عليه السلام هو الولد الأول للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وفاطمة الزهراء عليها السلام،والسبط الأكبر للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم،[1] وهو هاشمي قرشي الأب والأم.[2]

*الاسم والكنية والألقاب

سماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بـ الحسن،[3] وورد في بعض الروايات أن هذه التسمية كانت من قبل الله تعالى،[4] كما أن اسمي الحسن والحسين يعادلان اسمي شَبَّر وشَبير [5]اسمي ابني النبي هارونعليه السلام،[6] ولم تسبق هذه التسمية عند العرب قبل الإسلام.[7]

كانت كنيته على ما ورد في معظم المصادر أبا محمد،[8] وذكرت له المصادر عدة ألقاب منها المجتبى والسيد والزكي،[9] وله ألقاب أخرى مشتركة مع أخيه الحسين عليه السلام كريحانة نبي الله وسيد شباب أهل الجنة،[10] والسبط،[11] وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: الحسن سبط من الأسباط،[12] وقد شرحت بعض الآيات والروايات معنى السبط، ويراد به الإمام والنقيب الذي من نسل الأنبياء والذي اصطفاه الله.[13]

*الإمامة

تولى الإمام الحسن ع الإمامة في 21من شهر رمضان سنة 40هـ بعد استشهاد أبيه الإمام علي،وبقي في منصبه عشر سنين،[14] وذكر الشيخ الكليني(ت:329هـ)فيالكافي الروايات التي تنص على إمامة الحسن بن علي،[15] وورد في إحدى الروايات أنَّ الإمام علي جمع أولاده وكبار شيعته قبل استشهاده،ودفع للإمام الحسن الكتاب والسلاح [ملاحظة 1] مصرحا إلى أنَّ ذلك كان وصية من النبي صلى الله عليه وآله وسلم،[16] وورد في خبر آخر أنَّ الإمام علي حينما توجه إلى الكوفة أودع بعض ودائع الإمامة عند أم سلمة،وعندما رجع الإمام الحسن من الكوفة سلمته تلك الودائع منها،[17] وذكر الشيخ المفيد (ت: 413 هـ) في كتاب الإرشاد أن الحسن وصيّ أبيه على أولاده وأصحابه، وقد استدل على إمامة الحسن بن علي بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا”،[18] والحديث الآخر: “والخلفاء من بعده اثنا عشر خليفة”.[19]

أقام الإمام الحسن في الكوفة الشهور الأولى من فترة إمامته وكان المتولي لمنصب الخلافة،[20]وبعد أن سلّم الحكم لمعاوية بعد إبرام الصلح انتقل إلى المدينة وبقي فيها حتى آخر عمره.[21]

*مرحلة الطفولة والشباب

ولد الإمام الحسن عليه السلام في المدينة،[22] وكانت ولادته على أشهر الروايات في اليوم 15رمضان سنة 3هـ،[23] وأخبار أخرى ذكرت بأن ولادته كانت في السنة الثانية للهجرة،[24]وأول ما ولد الإمام الحسن أحضر إلى النبي،فأذّن في أذنه،[25]وذكرت المصادر أنَّ في اليوم السابع من ولادته عق النبي عنه،[26]وورد أن الإمام علي أراد أن يسميه حمزة[27] أو حربا[28] قبل أن يسميه النبي  بحسنا،وعندما سأله النبي  عن اسمه قال:ما كنت أسبق في تسميته النبي.[29] وذكر الباحثون دلائل في الرد على هذه الأخبار. [30]

*مرحلة الطفولة

ليست هناك معلومات وافية عن فترة طفولة الإمام الحسن ونشأته[31] إلا أنه قضى ثمان سنين من عمره مع النبي، وعلیه يعتبر الحسن في الطبقات الأخيرة من طبقات الصحابة،[32] والأخبار الواردة عند الشيعة والسنة تؤكد أنَّ النبي كان يحبه وأخاه الحسين كثيرا.[33]

ومن أهم أحداث هذه الفترة حضوره مع أبيه وأمه وأخيه في قضية مباهلة النبي لنصارى نجران،وكان هو وأخوه مصداق كلمة ﴿أبناءنا﴾ في آية المباهلة،[34] وذكر السيد جعفر مرتضى العاملي أنَّ الإمام الحسن كان حاضرا في بيعة الرضوان» وقد بايع النبي فيها،[35] كما أن بعض آيات القرآن نزلت في حقه وفي حق سائرأصحاب الكساء،[36] وقد ورد أنه عندما كان في السابعة من عمره كان يجلس عند النبي،ويسمع من جده ما يُوحى إليه، ثم يحدث أمه بما سمع.[37]

وذكر سُليم بن قيس (المتوفى أواخر القرن الأول الهجري) أنه عندما بويع لأبي بكر بالخلافة بعد وفاة النبي طاف الحسن مع أبيه وأمه وأخيه ليلا على بيوت الأنصار؛لأخذ البيعة للإمام علي،[38] وقد ورد أنه أعلن عن مخالفته لأبي بكر عندما رآه جالساً على منبر النبي.[39]

مرحلة الشباب

الأخبار الواردة عن هذه الفترة من حياة الإمام الحسن (ع) محدودة، ومنها ما ورد في كتاب الإمامة والسياسة من أنَّ الحسن بن علي حضر في الشورى السداسيةلتعيين الخلافة، وذلك بأمر عمر بن الخطاب، لكن كان حضوره كشاهد على الشورى، ولم يكن له أي دور في اختيار الخليفة.[40]

وورد في بعض كتب أهل السنة أن الحسنين شاركا في فتح إفريقية سنة 26 هـ،[41] كما أنهما شاركا في فتح طبرستان سنة 29 أو 30 للهجرة،[42] وهناك من الباحثين والمحققين من ذهب إلى أنه لا صحة لمثل هذه الأخبار، وأنها موضوعة وضعيفة السند بالإضافة إلى أنَّ التاريخ نقل أنَّ أئمة أهل البيت كانوا يخالفون الفتوحات، ويشهد على ذلك عدم إذن الإمام علي (ع) للحسنين للدخول في ميدان القتال في معركة صفين.[43] ويعتقد ولفرد مادلنج أن الإمام علي (ع) أراد أن يكتسب الحسن (ع) خبرة ويتعرف في شبابه على الحرب؛ فسمح له بالمشاركة في تلك الحروب،[44] وهناك من يعتبر أنَّ مشاركة الحسنين في الفتوحات تصب في مصلحة الأمة الإسلامية، وكذلك من أجل تقديم أدق الأخبار والمعلومات للإمام علي (ع) عن أوضاع المجتمع، وأن يتعرف الناس على أهل البيت.[45]

ومن جملة الأخبار المتعلقة بهذه الفترة أنه عندما كان الناس يشتكون من عثمان عند الإمام علي (ع) وجّه الإمامُ ابنه الحسن (ع) لينقل شكوى الناس إلى عثمان،[46] وورد في المصادر أن في أواخر حكم عثمان عندما قام الناس عليه، وحاصروا بيته، وقطعوا الماء عليه كان الحسن بن علي (ع) وأخوه وآخرون يحرسون بيته،[47] ووفقا لما ذكره القاضي نعمان المغربي (ت: 363 هـ) وكذلك مؤلف كتاب دلائل الإمامة أن الحسن (ع) كان يجلب الماء إلى بيت عثمان في تلك الأحداث،[48] وهناك أخبار تتحدث عن إصابة الحسن بن علي بجروح في هذه القضية.[49]

الزوجات والأولاد

هناك خلاف كثير وقع في عدد زوجات وأولاد الحسن بن علي (ع)، ورغم أن المصادر والكتب تتحدث عن 18 زوجة للإمام الحسن على أكثر التقادير،[50] لكن بعض المصادر ذكرت أنَّ له من الزوجات 250،[51] و200،[52] و90،[53] و70[54] زوجة.

وتشير بعض المصادر إلى أن الإمام الحسن كان مطلاقا،[ملاحظة 2] [55] كما ذكر أيضا أنه كان يملك جواريا، وله أولاد من بعضها.[56]

وكانت قضية المطلاق للإمام الحسن (ع) محل نقاش من الناحية التاريخية، والسندية والدلالية (أي المفهومية) في الكتب القديمة والمعاصرة،[57] فيقول مادلنج أنَّ أول من أشاع أنَّ للحسن (ع) 90 زوجة هو محمد بن الكلبي، وقد فنّد المدائني (المتوفى:225 هـ) هذا القول، واعتبره موضوعا ومزيفاً، في حين أنَّ الكلبي لم يذكر للإمام إلا 11 زوجة عند ذكر أسماء زوجاته، وزواجه (ع) مع خمسة منهن مشبوه،[58] وعدّ القرشي مثل هذه الأخبار مما وضعها بنو العباس، وذلك لمواجهة السادة الحسنية وثوراتهم.[59]

كما وقع خلاف في عدد أولاد الإمام الحسن (ع)، وذكر الشيخ المفيد 15 ولدا له،[60] كما عد الطبرسي له 16 ولدا، وأضاف إليهم أبا بكر بن الحسن، والذي استشهد في واقعة الطف.[61]

الزوجات الأولاد
جعدة
أم بشير زيد، أم الحسن وأم الحسين
خولة الحسن المثنى
حفصة
أم إسحاق الحسين، طلحة وفاطمة
هند
نَفيلة أو رَملة عمر، القاسم وعبد الله
الزوجات الأخرى عبد الرحمن، أم عبد الله، أم سلمة ورقية
  • ذرية الإمام الحسن (ع)
  •  مقالة مفصلة: السادة الحسنية

استمرت ذرية الإمام الحسن (ع) عن طريق الحسن المثنى، وزيد وعمر والحسين الأثرم، وقد انقطع نسله من الحسين وعمر بعد فترة من الزمن، وبقي نسله في الحسن المثنى وزيد،[62] وأطلق على أولاده السادة الحسنية،[63] ومعظم هؤلاء السادة كانت لهم تحركات سياسية ونشاطات اجتماعية في القرن الثاني والثالث للهجرة وثورات أمام الحكم العباسي، كما أنهم أسسوا دولا إسلامية في مختلف البلدان الإسلامية، وفي بعض الأرجاء عُرفوا بالشُرفاء.[64]

الإقامة في الكوفة وخلافة الإمام علي (ع)

كان الإمام المجتبى (ع) إلى جانب الإمام علي (ع) في السنوات الأربعة من خلافته،[65] وبناء على ما ورد في كتاب الاختصاص أن الحسن بن علي (ع) بعد مبايعة الناس للإمام علي (ع)، صعد المنبر بأمر أبيه وخطب فيهم،[66] ويظهر من رواية وقعة صفين أن الإمام الحسن (ع) سكن الكوفة مع أبيه الإمام علي (ع)، وذلك في بداية ورود الإمام علي (ع) فيها.[67]

في معركة الجمل

ورد في بعض المصادر أنه بعد ما تمرد الناكثون على الإمام علي (ع) جيّش الإمام عسكره لمواجهتهم، وفي وسط الطريق طلب الإمام الحسن (ع) من الإمام علي (ع) أن يمتنع من محاربتهم،[68] [ملاحظة 3] ووفقا لرواية الشيخ المفيد (ت: 413 هـ) أنَّ الإمام علي (ع) أمر الإمام الحسن (ع) مع عمار بن ياسر وقيس بن سعد أن يحشدوا أهالي الكوفة للالتحاق بجيش الإمام علي (ع)،[69] فدخل الإمام الحسن (ع) وخطب في الناس، وذكر لهم فضائل الإمام علي بن أبي طالب ومكانته وأخبرهم بنقض طلحةوالزبير للبيعة، ودعاهم لنصرة الإمام علي (ع).[70]

وفي معركة الجمل اتهم عبد الله بن الزبير الإمام علي بقتل عثمان، فخطب الإمام الحسن خطبة رداً عليه وبيّن فيها دور طلحة والزبير في ذلك[71] وقد كان الإمام الحسن(ع) في معركة الجمل قائد ميمنة جيش أمير المؤمنين.[72] وروى ابن شهر آشوب أن في معركة الجمل أعطى الإمام علي (ع) رمحه لمحمد بن الحنفية حتى يطعن الجمل، ولكنه لم ينجح في ذلك، ثم أخذ الإمام الحسن بن علي الرمح، وتمكن من طعن الجمل.[73]

ورد في بعض الأخبار أن الإمام علي (ع) مرض بعد معركة الجمل، وفوّض إقامة صلاة الجمعة في البصرة لابنه الحسن، وقد خطب الإمام الحسن في المسلمين، مؤكدا في خطبته على مكانة أهل البيت وتقصير الناس في حقهم.[74]

معركة صفين

قال أميرالمؤمنين(ع) في بعض أيام صفين وقد رأى الحسن(ع) يتسرع إلى الحرب:

«امْلِكُوا عنِّي هذَا الْغُلاَمَ لاَ يَهُدَّنِي، فَإِنَّنِي أَنْفَسُ بِهذَيْنِ (يَعْنِي الحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ) عَلَى الْمَوْتِ، لِئَلاَّ يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللهِ(ص)».

الرضي، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي صالح، ص 323.

روى نصر بن مزاحم (ت: 212 هـ) أنَّ الحسن بن علي قبل حركة جيش الإمام علي (ع) إلى صفين ألقى خطبة حرّض الناس فيها إلى الجهاد،[75] هناك أخبار تقول أنه مع أخيه الحسين بن علي (ع) توليا قيادة ميمنة الجيش في معركة صفين.[76] وذكر الإسكافي (ت: 240 هـ) أنه في أثناء معركة صفین برز أحد كبار جيش الشام للقتال فخرج إليه الحسن بن علي، ولكنه امتنع من مواجهة الإمام الحسن (ع)، وقال له: إني رأيت النبي (ص) في حياته، وهو على ناقته، وأنت تسير أمامه، فلا أريد النزال لقتالك، ثم ألقاه (ص) يوم القيامة، وأنا مطلوب له بدمك.[77]

وورد في كتاب وقعة صفين أن عبيد الله بن عمر في أثناء الحرب اقترح على الحسن أن يتولى الخلافة مكان أبيه؛ لأنَّ قريش كانت تطالب علي (ع) بثارات، فرد الإمام الحسن (ع): كلا، والله لا يكون ذلك، ثم قال: كأني أراك مقتولا في هذا اليوم أو غدا، وإن الشيطان قد خدعك، وقد قُتل في تلك المعركة،[78]

وقد خطب الإمام الحسن في الناس بعد أن انتهت المعركة وقبل التحكيم، وذلك بأمر الإمام علي (ع).[79] وعند عودة الإمام علي (ع) من صفين كتب إلى ابنه الحسن رسالة تحتوي على مضامين أخلاقية وتعليمية،[80] تعرف في نهج البلاغة برسالة 31.[81]

وذُكر في كتاب الاستيعاب أنَّ الحسن بن علي (ع) شارك في معركة النهروان أيضا.[82] وفي أخبار أخرى ورد أنَّ الإمام علي (ع) في آخر أيام عمره عندما أراد أن يواجهمعاوية مرة أخرى، عيّن ابنه الحسن على عشرة آلاف رجل من جيشه.[83]

خلافته القصیرة

كان الإمام الحسن (ع) خليفة للمسلمين حوالي ستة إلى ثمانية أشهر، بداية من 21 رمضان سنة 40 هـ،[84] ثم تم تسليم الحكم إلى معاوية في 25 ربيع الأول[85] أو ربيع الآخر أو جمادى الأولى[86] سنة 41 هـ. واعتبر أهل السنة واستنادا إلى حديث روي عن النبي (ص) أن الحسن آخر الخلفاء الراشدين،[87] كما أن خلافته بدأت مع بيعة أهلالعراق والبلاد المجاورة لها،[88] وقد رفض أهل الشام بقيادة معاوية هذه الخلافة،[89] فأعدّ معاوية جيشا للحرب، وتوجه به من الشام إلى العراق،[90] وانتهت الحرب بالصلح وتسليم الحكم إلى معاوية، وقد صار به معاوية أول حاكم أموي.[91]

بيعة المسلمين ومخالفة أهل الشام

ذكرت المصادر الشيعية والسنية أن الناس بايعت الإمام الحسن بن علي (ع) بالخلافة بعد استشهاد أمير المؤمنين، وذلك سنة 40 هـ،[92] وذكر البلاذري (ت: 279 هـ) أن عبيد الله بن عباس خطب بالناس بعد دفن الإمام علي (ع)، ونعى لهم استشهاد الإمام، وقال: إن إلامام ” قد ترك خلفا رضيا مباركا حليما” فإن أحببتم فبايعوه.[93]

وورد في كتاب الإرشاد أن الحسن بن علي خطب في الناس صباح يوم الجمعة 21 رمضان، وذكر لهم فضائل ومناقب أبيه مؤكدا على قرابته من الرسول (ص)، مستدلابآيات من القرآن نزلت في حق أهل البيت (ع)،[94] ثم قام من بعده عبد الله بن عباس، ووجه كلامه إلى الناس أن يبايعوا ابن نبيهم ووصي إمامهم ، فبادر الناس إلىمبايعته،[95] وذكر أن عدد المبايعين بلغ أربعين ألف شخص،[96] وكان أول من بايع الإمام الحسن هو قائد جيش الإمام علي (ع) قيس بن سعد بن عبادة.[97]

وذكر حسين محمد جعفري في كتابه (التشيع في مسير التاريخ) أن معظم أصحاب النبي (ص) الذين سكنوا الكوفة بعد تأسيسها أو قدموا إليها في فترة خلافة الإمام علي (ع) بايعوا الإمام الحسن (ع) أو قبلوا خلافته،[98] ويعتقد جعفري بناء على بعض القرائن أن أهالي مكة والمدينة كانوا قد قبلوا خلافته، كما أن أهل العراق اعتبروا الحسن هو الخيار الوحيد لهذا المنصب،[99] ويضيف جعفري أن أهل اليمن وفارس كانت لهم موافقة ضمنية أو على الأقل لم يعارضوه في هذا الأمر.[100]

ذكرت المصادر التاريخية أنَّ الإمام الحسن ذكر شروطا لمبايعته فقد قال: (تبايعوني على أن تسمعوا وتطيعوني، وأن تحاربوا ما حاربت، وأن يكون سلمكم سلمي)، وعندما سمع الناس هذا الكلام من الإمام الحسن ذهبوا للإمام الحسين، وطلبوا منه أن يبايعوه، فرفض ذلك، وأجابهم: (معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حيا)، فرجعوا، وبايعوا الحسن،[101] وذكر المؤرخون أنَّ قيس بن سعد لما أراد مبايعة الإمام الحسن اشترط أنه يبايعه على كتاب الله وسنة نبيه، وأضاف أنه يُحارب أيضا من أحل دماء المسلمين، فلم يرض الإمام الحسن(ع) بالشرط الأخير، واعتبره داخلا ضمن كتاب الله وسنة نبيه،[102] وبناء على هذا، اعتبر البعض أن الإمامَ الحسن (ع) كان رجلا مسالما يبتعد عن الحرب، وسيرته وسلوكه تخالف سيرة أبيه وأخيه. [103][104]

ويعتقد رسول جعفريان أنَّ مثل هذه الشروط لا تدل على أن الحسن بن علي (ع) كان رجلا مسالماً لا يرغب في الحرب، بل كان يريد المحافظة على سيادته واقتداره كحاكم المجتمع، حتى يتمكن من خلالها أن يتخذ قرارات حاسمة، كما أن إجراءاته اللاحقة كشفت أنه كان يصر على الحرب،[105] ويؤيد ذلك الأخبار التي تتحدث عن ارتفاع راتب جنوده بنسبة مئة في المئة، الأمر الذي يعد من أوائل القرارات التي اتخذها الإمام إبان حكمه.[106]

المواجهة مع معاوية

مقطع من رسالة الإمام الحسن (ع) إلى معاوية

فلما توفي صلى الله عليه وآله تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش: نحن قبيلته واسرته واوليائه ولا يحل لكم ان تنازعونا سلطان محمد في الناس وحقه، فرأت العرب ان القول كما قالت قريش وان الحجة لهم في ذلك على من نازعهم امر محمد – صلى الله عليه وآله – فأنعمت لهم العرب وسلمت ذلك، ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها …فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على امر لست من اهله …وانت ابن حزب من الاحزاب وابن اعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله…إن عليا يوم قبض …ولاني المسلمون الامر بعده…. فدع التعادي في الباطل وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فانك تعلم انى احق بهذا الامر منك عند الله.

أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، دار المعرفة، ص 64.

إن حرب الإمام الحسن (ع) مع معاوية هو أهم حدث سياسي في حياته الأمر الذي انتهى إلى الصلح بينهما،[107] فتزامنا مع بيعة أهل العراق والموافقة الضمنية لأهل الحجاز واليمن وفارس للحسن بن علي،[108] بايع أهل الشام مع معاوية،[109]فمعاوية في خطبه وفي مراسلاته مع الإمام الحسن (ع) يؤكد على عدم اعترافه ببيعة الناس للإمام (ع).[110]

ومعاوية الذي كان يترصد الخلافة منذ مقتل عثمان، ويوطد نفسه لها،[111] توجه بعسكر جرار نحو العراق،[112] وبناء على بعض الأخبار أن الإمام الحسن (ع) بقي خمسين يوما بعد استشهاد أبيه ومبايعة الناس له، فلم يبادر إلى الحرب أو الصلح ،[113] فعندما علم بخبر جيش الشام خرج بعسكره من الكوفة، فبعث أمامه عبيد الله بن عباس على رأس جيشه نحو معاوية.[114]

تلاقي العسكريين

بعد أن وقع الاشتباك بين العسكرين حتى آل بهزيمة معسكر الشاميين، بعث معاوية ليلا رسالة إلى عبيد الله يخبره بأن الحسن بن علي اقترح عليه الصلح، وسيسلّم أمر الخلافة إليه، فوعد معاويةُ عبيدَ الله بدفع مليون درهم إليه، فالتحق به عبيد الله، ثم تولى قيس بن سعد قيادة جيش الإمام،[115] وروى البلاذري (ت: 279 هـ) وبعد أن التحق عبيد الله بمعسكرالشام ظن معاوية أن عسكر الإمام الحسن بات ضعيفا، فأمر أن يهاجموه بكل قوة، لكن تصدى عسكر الإمام بقيادة قيس لجيش الشام وردهم، فحاول معاوية أن يغري قيس بمثل ما وعد عبيد الله، لكن باءت محاولته بالفشل.[116]

الإمام الحسن في ساباط
مقطع من رسالة معاوية إلى الإمام الحسن (ع):

و لو علمت أنك أضبط مني للرعية، وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأقوى على جمع الأموال وأكيد للعدو، لأجبتك إلى ما دعوتني إليه، ورأيتك لذلك أهلا، ولكني قد علمت أني أطول منك ولاية، وأقدم منك لهذه الأمة تجربة، وأكثر منك سياسة، وأكبر منك سنا، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة.

أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، دار المعرفة، ص 67.

من جهة أخرى توجه الإمام الحسن مع عسكره إلى ساباط، ويقول الشيخ المفيد أراد الإمام الحسن أن يختبر أصحابه، ليعلم من يطيعه ممن يخالفه، فخطب فيهم، وقال بعد الحمد والثناء: “…. ألا واِنَّ ما تَكرهُونَ في الجماعةِ خير لكم ممّا تحبُّونَ في الفُرقةِ، ألا وَانِّي ناظرٌ لكم خيراً من نَظرِكم لأنفسِكم…”، وبعد أن تم كلام الإمام قال البعض إلى الآخر أنه يريد أن يصالح معاوية، ويُسّلّم الأمر إليه، فهجم عدد منهم على خيمته، ونهبوها، حتى أنهم سحبوا مُصلّاه من تحته.[117]

لكن أورد اليعقوبي (ت: 292 هـ) أن سبب هذا الحدث أن معاوية أرسل عددا من جانبه؛ ليتفاوضوا مع الحسن بن علي، وعند خروجهم من مجلسه كانوا يتحدثون بصوت عال بينهم، ويقولون: إن الله قد حقن بابن رسول الله دماء المسلمين، وأخمد به الفتنة، وخضع للصلح، وعندما سمع عسكر الإمام هذا الكلام هجموا على خيمته، ونهبوها،[118] وبعد هذه الحادثة قام خواص أصحاب الإمام بحراسته حتى لا يصل إليه سوء، لكن في ظلام الليل هجم عليه رجل من الخوارج،[119] وقال له: أصبحت مشركا يا حسن كما أشرك أبوك، ثم طعنه في فخذه، وسقط الإمام من على فرسه،[120] ثم حُمل على سرير إلىالمدائن، ونزل للعلاج في بيت سعد بن مسعود الثقفي.[121]

أخيرا انتهت الحرب بين معاوية والإمام الحسن بالصلح، ذكر رسول جعفريان أسباب قبول الإمام هذا الصلح منها: خذلان الناس، والظروف السائدة، والمحافظة على الشيعة،[122] وبناء على هذا الاتفاق تم تسليم الخلافة إلى معاوية.[123]

الصلح مع معاوية

  •  مقالة مفصلة: صلح الحسن
من خطبة للحسن (ع) في محضر معاوية:

إن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافةأهلا ، ولم أر نفسي لها أهلا ، فكذب معاوية وأيم الله لانا أولى الناس بالناس في كتاب اللهوعلى لسان رسول الله، غير أنا لم نَزَل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله ، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا

المجلسي، بحار الأنوار، 1363 ش، ج 10، ص 142.

تعرض الإمام الحسن (ع) إلى عملية اغتيال، وذلك تزامنا مع اشتباك جيشي العراق والشام، فجُرح الإمام، وحُمل إلىالمدائن للعلاج،[124] وعندما كان الإمام الحسن (ع) يعالج جرحه في المدائن بعث جماعةٌ من رؤساء قبائل الكوفة برسائل خفية إلى معاوية، وأعلنوا عن انقيادهم إليه، وحثوا معاوية على التوجه إليهم، وواعدوه بأن يسلموا الحسن بن علي إليه أو يقتلوه،[125] ويروي الشيخ المفيد (ت: 413 هـ) أنَّه عندما سمع الإمام الحسن برسالة الكوفيين وانضمام عبيد الله بن عباس إلى معاوية ورأى خذلان أصحابه أدرك أنه لا يمكنه مواجهة جيش الشام الجرار بهذا العدد من شيعته،[126] يقولزيد بن وهب الجهني أن الإمام الحسن (ع) عندما كان في المدائن وهو يعالج جرحه قال الإمام للجهني: والله إن حاربت معاوية لأخذ أهلُ العراق بعنقي وسلموني إليه، أقسم بالله إن الصلح بالعزة مع معاوية خير من أن أصبح أسيرا بيده أو أقتل أو يمُنُّ عليَّ معاوية، ويتجاوز عن قتلي، فيبقى هذا العار على بني هاشم إلى الأبد.[127]

اقتراح الصلح من جانب معاوية

ذكر اليعقوبي أن معاوية كان يستخدم الحيل في حربه مع الحسن كي ينتهي بالحرب إلى الصلح، ومن ذلك كان يرسل إلى معسكر الإمام الحسن من ينشر خبر التحاققيس بن سعد بمعاوية، ومن جهة أخرى يرسل إلى معسكر قيس من يُشيع خبر قبول الصلح من جانب الإمام الحسن (ع).[128] كما أنه أخبر الحسن بن علي (ع) عن انقياد أهل الكوفة من خلال الرسائل التي بعثوها إليه، فاقترح الصلح على الإمام، واشترط على نفسه بشروط في هذا الأمر، ويقول الشيخ المفيد: إنَّ الإمام الحسن (ع) ومع أنه كان يعلم حيل وخدع معاوية، ولا يعتمد عليها، لكنه لا طريق أمامه إلا أن يقبل الصلح.[129]

وهناك أخبار تتحدث أن معاوية بعث بصحيفة بيضاء فارغة من أي شرط مختومة بخاتمه إلى الحسن بن علي (ع) حتى يكتب الإمام شروطه فيه،[130] فعندما شاهد الإمام الظروف السائدة والشروط المقترحة خطب في الناس مطالبا أياهم أن يبدو رأيهم بين الحرب أو الصلح، فردوا عليه بشعار “البقية البقية” إشارة إلى خضوعهم للصلح،[131] وهكذا تم الصلح للإمام الحسن (ع) في 25 ربيع الأول[132] أو ربيع الآخر أو جمادى الآخرة سنة 41 للهجرة.[133]

بنود الصلح

وقع خلاف في بنود الصلح الذي تم بين الإمام الحسن (ع) ومعاوية،[134] منها أن الخلافة تصل إلى معاوية على أن يعمل بـكتاب الله وسنة النبي (ص)، ويمضى على سيرةالخلفاء الراشدين، ولا يُعيّن خلفا لنفسه، ويضمن الأمان للناس بما فيهم شيعة علي (ع)،[135] يقول الشيخ الصدوق: إنَّ الإمام الحسن (ع) عندما سلّم الخلافة إلى معاوية اشترط عليه أن لا يُسميه بأمير المؤمنين.[136]

وورد في بعض الكتب أنَّ الإمام الحسن اشترط أنَّ الخلافة تصل إليه بعد معاوية، وأن يدفع معاوية إليه خمسة ملايين درهم أيضا،[137] وذهب بعض الباحثين إلى أنَّ هذين الشرطين اقترحهما ممثل الإمام الحسن (ع) أثناء الأحداث التي أدت إلى الصلح، ورفضهما الإمام، وأكد أن اختيار الخليفة بعد معاوية تعود إلى شورى المسلمين، وأنه لا يحق لمعاوية أن يتصرف في بيت مال المسلمين،[138] وقيل: أن المبلغ (خمسة ملايين درهم) قد وضعه معاوية أو ممثلوه في بنود الصلح، وهو من مقترحاتهم.[139]

ومع أن الإمام الحسن (ع) تنحى عن الحكم لصالح معاوية مرغما إلا أنه بقي إماما للشيعة، وحتی بعض الشيعة الذين خالفوا هذا الصلح أقروا بإمامته، وبالتالي بقي الإمام زعيما لـبني هاشم وآل النبي (ص) حتى نهاية عمره.[140]

الردود والتبعات
قال الإمام الحسن (ع):

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ مَا بَيْنَ جَابُلْقَا وَ جَابِرْسَا رَجُلًا جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ مَا وَجَدْتُمْ غَيْرِي وَ غَيْرَ أَخِي وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ نَازَعَنِي حَقّاً هُوَ لِي فَتَرَكْتُهُ لِصَلَاحِ الْأُمَّةِ وَ حَقْنِ دِمَائِهَا.

ابن شهرآشوب، المناقب، 1379 هـ، ج 4، ص 34.

ورد في بعض الأخبار أنَّ جماعة من الشيعة كانوا يُعربون عن أسفهم وعدم ارتياحهم من صلح الإمام الحسن (ع)،[141]حتى أنَّ بعضهم كان يستنكر هذه المبادرة، ويخاطب الإمام بـ “مذل المؤمنين”،[142] وكان الإمام يرد على احتجاجهم وتسائلهم مؤكدا ضرورة الالتزام بهذا القرار، ويعتبر سبب هذا الصلح كسبب صلح الحديبية، والحكمة من وراءه كالحكمة من أفعال الخضر حينما رافقه النبي موسى واعترض عليه.[143]

وذكرت معظم المصادر أنَّ معاوية لم يلتزم ببنود الصلح،[144] وأنَّه قتل عددا كثيرا من شيعة الإمام علي (ع) كـحجر بن عدي،[145] وعيّن ابنه يزيد لولاية العهد من بعده، وذكر أن معاوية دخل الكوفة بعد أن صالح الإمام، وخطب في الناس قائلا: كل شرط شرطته فهو مردود، وكل وعد وعدته فهو تحت قدمي هاتين.[146] وقال أيضا: ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلّوا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمّر عليكم.[147]

الإقامة في المدينة والمرجعية الدينية

مع أن بعض الشيعة طلبوا من الإمام الحسن (ع) البقاء في الكوفة، وذلك بعد انعقاد الصلح مع معاوية ، لكنه عاد إلى المدينة،[148] وبقي هناك حتى آخر عمره، إلا ما ندر من رحلاته إلى مكة[149] والشام،[150] وورد في كتاب الكافي أن الإمام المجتبى وبناء على وصية الإمام علي (ع) تولى أوقافه وصدقاته من بعده وأن هذه الوصية كتبت في 10 جمادى الأولى سنة 37 للهجرة،[151]

المرجعية العلمية

هناك أخبار كثيرة عن انعقاد حلقات درس للإمام الحسن (ع) في المدينة لتعليم وإرشاد الناس، منها ما ذكره ابن سعد (ت: 230 هـ) والبلاذري (ت: 279 هـ)، وابن عساكر (ت:571 هـ) أن الحسن (ع) كان يصلي الصبح في مسجد النبي (ص)، ثم يعقب حتى طلوع الشمس، ثم يأتي إليه الكبار والحاضرون في المسجد فيتباحثون معه، وله نفس البرنامج في المساء،[152] وورد في كتاب «الفصول المهمة» أيضا أن الحسن بن علي كان يجلس في مسجد النبي، ويجلس الناس من حوله، ويسألونه، فيجيبهم.[153]

ومع ذلك، یقول مهدي بيشوايي عن هذه الفترة من حياة الإمام الحسن (ع) أن الإمام كان يعيش حالة من العزلة لعدم إقبال الناس علیه، الأمر الذي أثر في انحراف أخلاق المجتمع آنذاك.[154]

المكانة الاجتماعية

تتحدث الأخبار الواردة أن الإمام الحسن (ع) كان يحظى بمكانة مرموقة في المجتمع، فيقول ابن سعد أن الناس أحاطوا بالحسن بن علي في موسم الحج ليتبركوا به، وبسبب شدة الازدحام قام الحسين _ومعه شخص آخر_ بتفريق الناس من حوله،[155] وفي خبر آخر أن ابن عباس ومع أنه كان من كبار الصحابة[156] وأكبر سناً من الحسن لكن عندما كان الإمام يريد ركوب دابته كان يجهزها له.[157]

العزلة السياسة وعدم التعاون مع معاوية

ورد أن الإمام الحسن عندما أراد مغادرة الكوفة، اجتمع جماعة من الخوارج في النخيلة؛ ليحاربوا معاوية، فكتب معاوية إلى الحسن بن علي، وطلب منه أن يرجع، ويقاتلهم، لكن الإمام رفض، وردّ عليه: لو أردت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة، لقاتلتك،[158] وعندما خرجت جماعة أخری من الخوارج بقيادة حوثرة الأسدي على معاوية، طلب معاوية من الإمام الحسن (ع) أن يقف أمامهم ويردهم، لكن الإمام رد عليه بنفس الكلام، معتبرا أن مقاتلته أولى من محاربة هؤلاء.[159]

وتتحدث بعض الروايات أن الإمام الحسن (ع) كان يقبل هدايا معاوية مع أنه (ع) كان يخالفه، ويحتج على تصرفاته وسلوكه،[160] وكان المبلغ الذي يرسله معاوية مع سائر الهدايا التي يقدمها إلى الإمام يقدر بمليون درهم[161] أو مئة ألف دينار.[162]

وورد في الأخبار أن الإمام كان يسدد من هذا المبلغ بعض ديونه، ويقسم ما بقي منه بين أقاربه ومواليه،[163] أو ينفق جميع الهدايا إلى الآخرين،[164] وهناك أخبار تتحدث عن رفضه لهدايا معاوية،[165] وطرحت مثل هذه الأخبار شبهات وتسائلات[166] مما فتحت بحوث في علم الكلام، على سبيل المثال: أجاز السيد المرتضى استلام المال والصلة للإمام الحسن من معاوية، بل عدها واجبة، واعتبرها من الأموال التي يجب انتزاعها من يد الحاكم الجائر المتغلب على أمر الأمة الإسلامية.[167]

موقف الأمويين

هناك روايات تحدثت عن المواقف السلبية للأمويين تجاة الإمام الحسن (ع)،[168] وقد ورد في كتاب الاحتجاج مناظرات للإمام الحسن مع معاوية وجماعته، وفيها دافع الإمام عن مكانة أهل البيت، وكشف عن وجه أعداءه، وما يكنون له.[169]

الاستشهاد والتشييع

 

صورـ من مرقد أئمة البقيع (ع) سنة 1308 هـ

ذكرت المصادر الشيعية والسنية أن الإمام الحسن (ع) استشهد من خلال سم دس إليه،[170] وورد في الأخبار أنه سقي السم قبل استشهاده عدة مرات، لكن نجى من جميعها.[171]

وفيما يرتبط باستشهاد الإمام من خلال السم في المرة الأخيرة يقول الشيخ المفيد: إنَّ معاوية أراد أن يأخذالبيعة لابنه يزيد، فأرسل إلى جعدة بنت الأشعث (زوجة الإمام الحسن) مئة ألف درهم، ووعدها بالزواج من ابنه يزيد إذا بادرت إلى دس السم إلى زوجها الحسن (ع).[172]

وقد ورد اسمها في مصادر أهل السنة أيضا بأنها قاتلة الحسن بن علي (ع)،[173] ويعتقد مادلنج أن قضية الخلافةمن بعد معاوية وسعيه لتوطيد ولاية العهد ليزيد، تؤيد أن الإمام الحسن سم على يد جعدة وبتحفيز من معاوية،[174] وأخبار أخرى تشير أن الحسن سم عن طريق هند (إحدى زوجاته)[175] أو أحد مواليه وخدمه،[176]وورد أن الحسن بن علي (ع) توفي بعد أن دس إليه السم بثلاثة أيام[177] أو أربعين يوما[178] أو شهرين.[179]

وتقول الأخبار أن المدينة ضجت بالبكاء والنحيب على فقد الإمام المجتبى،[180] وورد أن جموع غفيرة شاركت في تشييع الإمام ودفنه في البقيع، وعطلت الأسواق وأقيم الحداد عليه سبعة أيام،[181] وتشير بعض مصادر أهل السنة أنَّ وفاة الحسن بن علي (ع) كانت أول مذلة للعرب.[182]

منع دفن الحسن(ع) عند النبي

 

قبور أئمة البقيع بعد الهدم

ذكرت بعض المصادر أنَّ الإمام الحسن (ع) أوصى أخاه الإمام الحسين أن يدفنه إلى جنب جده الرسول (ص).[183] وفي خبر آخر أن الحسن بن علي تحدث مع عائشة في هذا الأمر، وهي قبلت أيضا،[184] وعلى ما ورد في كتاب أنساب الأشراف أنمروان عندما علم عن نية الحسن ووصيته، أخبر معاوية بذلك، وطلب معاوية من مروان أن يقف بشدة أمام هذه الوصية،[185]لكن في الأخبار الواردة عن الشيخ المفيد (ت: 413 هـ) والطبرسي (ت: 548 هـ) وابن شهر آشوب (ت: 588 هـ) ذكر أن الإمام أوصى أن يشيع نحو قبر جده النبي (ع)؛ ليجددوا به عهدا، ثم يدفن إلى جانب قبر جدته فاطمة بنت أسد،[186] كما أنه أوصى بالابتعاد من الاشتباك والنزاع في تشييع جنازته،[187] وأن لا يُراق في ذلك دما من المسلمين.[188]

وعندما حمل بنو هاشم نعش الإمام الحسن، وشيعوه نحو قبر النبي جاء مروان مع جماعة من بني أمية، وهم يحملون السلاح، فسدّوا عليهم الطريق؛ حتى لا يُدفن عند النبي (ص)،[189] وأورد أبو الفرج الأصفهاني (ت: 356 هـ) أن عائشة ركبت بغلة، وأتت إلى التشييع تُحرّض بني أمية على عدم دفنه عند النبي (ص)،[190] لكن بناء على خبر البلاذري أن عائشة عندما رأت الاشتباك كاد أن يقع بينهم، وتسفك الدماء قالت: البيت بيتي، ولا آذن لأحد أن يدفن فيه،[191] وقيل أن مروان نادى: كيف يدفن عثمان خارج المدينة، والحال يدفن الحسن عند النبي؟[192][ملاحظة 4] وكادت الفتنة تقع بين بني هاشم وبني أمية،[193] لكن الإمام الحسين (ع) وبناء على وصية أخيه منع الفريقين من النزاع، ثم شيع جثمان الحسن بن علي، ودفن في البقيع عند قبر فاطمة بنت الأسد.[194][195] وأورد ابن شهر آشوب أن بني أمية رموا جنازة الحسن بسهام، حتی اُخرج منه سبعون سهماً.[196]

تاريخ الاستشهاد

وقع خلاف في سنة استشهاد الإمام الحسن (ع) بين سنة 49 أو 50 أو 51 للهجرة،[197] كما أن هناك أقوال أخرى أيضا،[198] وقد استند بعض الباحثين على قرائن اعتبروا على أساسها أنَّ سنة 50 للهجرة هي الصحيحة.[199]

وتقول المصادر الشيعية أنَّ وفاته كانت في شهر صفر،[200] ومعظم مصادر أهل السنة تقول أنها في شهر ربيع الأول.[201]

واختلفت الروايات عن يوم استشهاده في الأخبار الواردة عند الشيعة، فهناك العديد من العلماء كالشيخ المفيد[202] والشيخ الطوسي[203] (ت: 460 هـ) والطبرسي[204] (ت: 548 هـ) وابن شهر آشوب (ت: 588 هـ) ذكروا أنه استشهد في 28 صفر، ولكن الشهيد الأول (ت: 786 هـ) يؤيد يوم 7 صفر، والكليني في آخر صفر، وناقش يد الله المقدسي سند هذه الروايات، ويذهب إلى أنَّ استشهاده كان في يوم 28 صفر، وبرأيه هذا هو الأصح.[205]

ففي إيران يوم 28 من صفر يوم وفاة النبي (ص) واستشهاد الإمام الحسن (ع)، وهو عطلة رسمية حيث يقيم الشيعة العزاء، لكن في سائر البلدان مثل العراق فإنَّ يوم 7 صفر هو يوم العزاء، وفي الحوزة العلمية في النجف الأشرف ومنذ زمن بعيد كانت تعتبر 7 صفر يوم استشهاده (ع)، وأما الحوزة العلمية في قم فكانت تقيم العزاء، وتعتبر هذا اليوم يوم عطلة، وذلك منذ زمن عبد الكريم الحائري.[206][207]

وبناء على الروايات التي تتحدث عن تاريخ استشهاده، يقدر عمْر الحسن بن علي (ع) يوم استشهاده 46[208] أو 47[209] أو 48[210] سنة.

الفضائل والخصائص

ذكر اليعقوبي (ت: 292 هـ) أن الحسن بن علي (ع) كان أشبه الناس بالنبي (ص) في ظاهره وأخلاقه،[211] وكان يخضب بالأسود،[212] وكان متوسط القامة وكثيف اللحية، [213]كما ذكرت المصادر الإسلامية فضائله الشخصية والاجتماعية.

الفضائل الشخصية

وفيما يرتبط بخصائص الحسن بن علي الشخصية هناك أخبار وردت في المصادر منها:

حب النبي (ص) له

هناك روايات عديدة حول حب النبي (ص) لسبطه الحسن بن علي (ع)، ومنها: كان النبي (ص) يحمل الحسن على عاتقه، ويقول: اللهم إني أحبه؛ فأحبه،[214] وأحيانا عندما كان النبي (ص) يسجد في صلاة الجماعة يصعد الحسن على كتفه، فلا يرفع النبي رأسه من السجود حتى ينزل الحسن من على كتفه، فعندما يسأله أصحابه عن طول سجوده؟ يجيبهم: أردت أن ينزل هو بنفسه من على كتفي.[215]

وورد في فرائد السمطين أن النبي (ص) قال عنه أنه سيد شباب الجنة، وحجة الله على الأمة، ومن تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فليس مني.[216]

نزول آيات في حقه

إن الحسن بن علي (ع) هو أحد أهل بيت النبي (ص)، ويذكر المفسرون أن آيات من القرآن نزلت في حقهم، منها آية الإطعام التي ذكرتها الروايات شيعةً وسنةً، حيث تعد من فضائلهم،[217] وبناء على بعض الروايات يقول المفسرون أن شأن نزول آية المودة أيضا هم أهل بيت النبي (ص)،[218] كما أن الآية تعتبر مودتهم هي أجر النبي (ص) عوضا عن رسالته لأمته، كما أن الإمام الحسن وأخاه الحسين كانا مصداق كلمة “أبناءنا” في آية المباهلة عندما باهل النبي (ص) نصارى نجران. [219]

وقد نزلت آية التطهير في حق أصحاب الكساء والذي يعد الإمام الحسن أحدهم، وكذلك يستدل بهذه الآية لإثبات عصمة أهل البيت (ع).[220]

ذهابه للحج ماشيا

ذهب الإمام (ع) عدة مرات ماشيا إلى الحج، وورد أنه كان يقول: استحي من الله أن ألقاه، ولم أكن أمشي إليه نحو بيته،[221] وذكر أنه حج خمس عشرة مرة[222] أو عشرين مرة[223] أو خمسا وعشرين مرة[224] مشيا على الأقدام، مع أنه كان يأخذ معه النجائب من الأبل في الطريق.[225]

الإشادة بحلمه

إن الأخبار الواردة في المصادر الإسلامية حول الإمام الحسن (ع) عرّفته بالحليم،[226] وفي بعض مصادر أهل السنة ذكر أن مروان بن الحكم والذي يعتبر من أعداءه ومنع من دفنه عند النبي (ص) شارك في تشييع جثمانه، ومشى خلف جنازته، وممن حملها، وحينما احتجوا عليه بأنك كنت تؤذيه أشد الأذى في حياته أجابهم: إني كنت أفعل ذلك بمن يعادل حلمه الجبال.[227] وورد أن رجلا من أهل الشام رأى الإمام الحسن فبدأ بالإساءة له، فتركه الإمام حتى سكت، ثم ابتسم في وجهه، وقال له: كأنك غريب في هذا البلد، فنحن نقضي جميع حوائجك، فبكى الرجل، وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته، (مشيرا إلى أن الإمام الحسن ابن رسول الله، والله هو أعلم أن يضع النبوة في أي بيت).[228]

الفضائل الاجتماعية

ذكرت المصادر أنه كان يحظى بفضائل اجتماعية، منها:

اشتهاره بالإنفاق سبيل الله ومساعدة الناس
وقيل عن عبادته:

كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ ارتَعَدَتْ مَفَاصِلُهُ وَ اصْفَرَّ لَوْنُهُ…وإِذَا بَلَغَ بَابَ الْمَسْجِدِ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ يَقُولُ إِلَهِي ضَيْفُكَ بِبَابِكَ يَا مُحْسِنُ قَدْ أَتَاكَ الْمُسِي‌ءُ فَتَجَاوَزْ عَنْ قَبِيحِ مَا عِنْدِي بِجَمِيلِ مَا عِنْدَكَ يَا كَرِيمُ‌.

ابن شهرآشوب، المناقب، 1379 هـ، ج 4، ص 14.

إن المصادر الإسلامية ذكرت أن الإمام الثاني للشيعة كان “كريما” و”سخيا” و”جوادا”،[229] وورد أنه أنفق جميع أمواله مرتين في سبيل الله، وبادر إلى تقسيم أمواله مرتين، فكان ينفق نصفا منه، ويترك لنفسه نصفا آخر،[230]وذكر ابن شهر آشوب أن الإمام الحسن (ع) عند رحلته إلى الشام قدّم له معاوية صكا ثمينا من الأموال والسلع، وعندما خرج الإمام الحسن من مجلس معاوية كان الخادم يصلح نعل الإمام (ع)، فقدّم الإمام ذلك الصك الثمين للخادم.[231] وورد أن الإمام الحسن (ع) سمع رجلا يدعو الله أن يرزقه 10 آلاف درهم، فذهب الإمام إلى بيته، وأمر أن يُدفع إليه المبلغ،[232] وبناء عليه اشتهر بـ«كريم أهل البيت»،[233] ولكن لم ترد هذه التسمية في الروايات.

وهناك أخبار تتحدث عن مساعدته للناس حتى ذكر أنه كان يترك الاعتكاف والطواف ليقضي حوائج الآخرين، وعن سبب عمله يستند إلى حديث النبي (ص)؛ حيث يقول: من قضى حاجة لأخيه المؤمن فكأنما عبد الله لسنين طوال.[234]

تواضعه

ورد أن الإمام الحسن (ع) مر على فقراء يأكلون فتيتاً من الخبز، فعندما رأووه دعوه؛ ليأكل معهم، فنزل الإمام من فرسه، وجلس يأكل معهم حتى شبع،ثم دعاهم إلى بيته فأطعمهم وكساهم،[235] وفي خبر آخر ورد أن أحد خدمه صدر منه ما يستحق العقوبة عليه، فقال للإمام الحسن: «وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ»، فقال الإمام عفوت عنك، ثم قال: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ‌، فقال الإمام: أنت حرّ لوجه الله، وأعطاه ضعف ما كان يعطيه.[236]

التراث المعنوي

 

مسند الإمام المجتبى (ع)

بلغت الروايات التي ورد عن الإمام الحسن (ع) في مختلف المجالات حوالي 250 رواية،[237] فمنها ما تتعلق بالإمام الحسن (ع) نفسه، ومنها ما رواه الإمام الحسن عن النبي (ص) والإمام علي (ع) وفاطمة الزهراء (ع).[238]

جمعت كلمات الحسن بن علي (ع) ورسائله في كتاب تحت عنوان مسند الإمام المجتبى (ع)، وهذه الكلمات تحتوي على خطبه، ومواعظه، حواراته، وأدعيته، ومناظراته، والقضايا العقائدية والفقهية مع ذكر السند،[239] وفي كتاب بلاغة الإمام الحسن أيضا جمعت الروايات المروية عنه مع الأشعار المنسوبة إليه.

وذكر أحمدي الميانجي في كتاب مكاتيب الأئمة 15 رسالة للإمام الحسن (ع)، 6 منها بعثها إلى معاوية، و3 منها إلى زياد بن أبيه، ورسالة إلى أهل الكوفة، وواحدة إلى الحسن البصري،[240] كما جمع الميانجي 7 وصايا للإمام الحسن، فمنها ما أوصى إلى الإمام الحسين، ومحمد بن الحنفية، والقاسم بن الحسن، وجنادة بن أبي أمية.[241]

وذكر عزيز الله العطاردي اسم 138 شخصا ممن رووا عن الإمام الحسن (ع)،[242] وأورد الشيخ الطوسي اسم 41 رجلا، وعدّهم من أصحابه.[243]

في الثقافة والفن

للإمام الحسن (ع) مكانة مرموقة في ساحة الثقافة منها ما يتعلق بالمراسيم الدينية والأعمال الفنية.

مؤتمر سبط النبي

انعقد مؤتمر تكريم سبط النبي برعاية المجمع العالمي لأهل البيت (ع) وعدد من المنظمات الأخرى في طهران 23 يونيو 2014 م، وقد وصل إليه 130 مقالا، وتم اختار 70 منها للطباعة،[244] وإلى جانب افتتاح هذا المؤتمر أزيح الستار عن أكبر موسوعة افتراضية لأهل البيت (ع) تحت عنوان “ويكي شيعة”، وذلك على يد الرئيس الإيرانيحسن روحاني.[245]

مسلسل تنهاترين سردار (القائد الوحيد)

في سنة 1375 شمسي تم انتاج مسلسل حول الإمام الحسن (ع) تحت عنوان “تنهاترين سردار (القائد الوحيد)” وبث من القناة الأولى للإذاعة والتلفاز الإيراني، والمسلسل يسلط الضوء على جانب من حياة الإمام الحسن (ع) وقضية صلحه مع معاوية وظروف المجتمع الإسلامي وأوضاع الشيعة آنذاك وفترة قصيرة بعد استشهاده.[246]

كتب حوله

  •  مقالة مفصلة: فهرس الكتب المطبوعة حول الإمام الحسن (ع)

تم إصدار كتب ومقالات كثيرة حول الإمام الحسن (ع)، وفي المقالات التي كتبت تحت عنوان “كتب حول الإمام المجتبى (ع)، ذكر فيها 130 كتاباً مطبوعاً ومخطوطاً في عدة لغات عربية، وفارسية، وتركية، وأردية.[247]

ومن أهم الكتب في هذا المجال:

  • أخبار الحسن بن علي لسليمان بن أحمد الطبراني
  • الحياة السياسية للإمام الحسن لجعفر مرتضى العاملي
  • حياة الإمام الحسن بن علي لباقر شريف القرشي
  • صلح الحسن لراضي آل ياسين
  • الحسن بن علي دراسة وتحليل لكامل سليمان
  • الإمام الحسن ونهج البناء الاجتماعي لحسن موسى الصفار
  • حليم أهل البيت لموسى محمد علي

Exit mobile version