قصيدة:(يا رسول الله) الدكتور عمرو النامي

أهل البيت في ليبيا 

علوت فليس يدركك الثنـــاء فأنت النور يسطع و الضيـاء
و أنت الشمس ليس لها حجـاب و أنت البدر ليس به خفــاء
و أنت المصطفى يجلوك فيض من الأنوار جلله السنـــاء
تباه الأرض أن آوتك فخــرا و تغبطها لموضعك السمـاء
أهم بمدح شخصك يا حبيبــا فيمنعني جلالك و البهـــاء
و حسبك مدحة قرآن ربـــي و ما اجتمعت عليه الأنبيـاء

* * * * 

رسول الله لست بذي بيـــان فليس لما أكابده عنــــاء
جلالك معجز و أنا عيــــي و إن حاولت يصرفني الحياء
أحوم حول ذاك النور جهــدي فيبهرني بروعته الضيـــاء
فان تأذن بفيض منك نحــوي فأشرع في مديحك ما أشـاء
و ابلغ منه من أرجو و تأتــي روائع فيك يبدعها الوفـــاء
و يظهر حسنها حب و شــوق و تجلوها المهابة و الوضـاء
و ينشر عطرها في الكون حـاد له في كل ناحية دعــــاء
بحبك يا حبيب الله يشــــدو فتهتز الكواكب و السمـــاء
و تنتفض البسيطة في هيــام و إحلال و يختلج الفضــاء

* * * *

أتأذن يا رسول الله أنــــي بباب الشوق يحدوني رجـاء
اسلم هائبا و أعود صبـــا و للأشواق بالروح انتشــاء
تأجج لا يكف لهــــا أوار و نار الشوق يطفئها اللقــاء
و نورك مائل للقلب أمـــا دعا شوق وجد به النـــداء
أتأذن يا رسول الله أنــــي أضر بي التوجع و البكــاء
وحيد ليس يؤنسني رفيـــق و ما جهدي و قد حكم القضاء
أهيم صبابة و أذوب شوقــا و مدحك للمحبين الشفـــاء
فان تأذن بفيض منك نحـوي و من كفيك يلتمس العطــاء
أكن من آل فضلك لا أبالـي أناخ علي ضيق أم رجــاء

* * * *

يا رسول الله

أهل جلال نورك في ربيــع بمكة و استفاض بها الضياء
فقرت عين شيبة بعد حــزن لفقد أبيك إذ فيك العــزاء
و أعلى من مقامك بين أهــل و أولاد فكان لك العــلاء
و سدت على بني سعد رضيعا فأنت لهم و قد سغبوا رخاء
و بين بيوتهم و افاك رهــط من الاملاك لمستهم شفــاء
أزالوا عن فؤادك كل ســوء و حل الطهر قلبك و النقـاء
رجعت لحضن أمك بعد حيـن لتؤنسها فما طال اللقـــاء
رضعت اليتم غضا و استمرت عليك شدائد فيها ابتـــلاء
و لم يكتب لجدك و هو بــر بشخصك كي يواسيك البقـاء
أراك الله فيهم من قريـــب بأن العيش غايته الفنـــاء
و كل للتراب و ليس يغنــى لدى الموت المودة و الفـداء
قضى جد فقام عليك عـــم حفي في مبرته الغنــــاء
يحوطك ليقصر و هو أهــــل لذاك الفضل و هو له كفـاء
و كنت رفيقه في السعي حينا و عونا حين أرهقه الشقـاء
كفلت له (عليا) حين عضـت صروف العيش و اشتد العناء
و كنت بهاشم برا و كانــوا بأمرك في الشدائد احفيــاء

* * * *

درجت بأرض مكة في نقاء سما طهرا شبابك و الفتــاء
و خصك من خديجة كل خيـر غناؤك و المودة و الرفــاء
ترب بنيك في داب و تعنــى بشأنك حين و افاك النــداء
تلم بدارها فتعيش فيضــــا من الأشواق ليس له انقضاء
و لم تأنس بقومك حين ضلـوا فآنسك التعبد و الخـــلاء
تحن إلى الحقيقة في هيـــام و يشركك الهيام بها حـراء
تبيت بخلوة في الغار تدعــو و عند الله شوفك و الدعاء
فعند الأربعين جلاك نـــور من الرحمن و انكشف الغطاء
و فاض الوحي حولك و استفاضت هدايتك و تم الاصطفـــاء
و كنت بشارة في الوحي قبـلا فتمت و استقام بك البنــاء
و كان من النبوة فيض شـوق إليك ففزت و انتظم اللقــاء
قرأت و لم تكن من قبل تدري كتابا خط حين أتى النــداء
و لقنك الأمين الوحي صرفـا لتتلو ما حبتك به السمــاء
أتيت الناس بالقرآن نـــورا و في آياته لهم الشفــــاء
صدعت به فثاب إليك رهــط و كذبك الطغاة الأشقيـــاء
صبرت على الذي عاداك منهـم و آزرك الرجال الأصفيـاء
فما وهنوا و ما ضعفوا و كانوا أباة لا يزعزعهم بـــلاء
و كنت لهم من الأهـوال ردءا و عند الله عزمك و المضاء

* * * *

عتت عن أمر خالقها و صدت قريش و استبد بها الجفــاء
و كنت على هدايتهم حريصـا ولج بهم عناد و افتـــراء
مضيت على سبيلك في ثبـات و لم تأبه بما مكروا و جاءوا
و ان يك بعض أهلك ذو عناد ففيهم رأفة و لهـــم ولاء
و كنت بهاشم برا و كانــوا بأمرك في الشدائد أحفيــاء
فما تركوك رهن الشعب نهبا لقومك و استبان لهم وفــاء
و أنت بحفظ ربك في أمـان يحوطك من عنايته وقـــاء
و عام الحزن جاءك منه فيض من الرحمات ليس له انقضـاء
فكان لليلة الإسراء أنـــس و معارج بشخصك و ارتقـاء
تعاين من كبار الآي أمــرا تضيق بوصفه الصحف الملاء
و زرت المسجد الأقصى و صلى وراءك في حماه الأنبيـــاء
و كذب قومك الآيـــات زورا فهم قوم جفاء اغويـــاء
و تم هناك للصديق قـــــول تباركه البسيطة و السمـاء
اراد القوم قتلك ضل قـــــوم أرادوا قتل سيدهم و ساءوا
حرصت على الهدى منهم و صدوا و كان البغي منهم و البذاء
فشاهت تلك اشباح و ضلـــت اضر بها اللجاجة و العداء

* * * *

تتيه بذكر هجرتك القوافـــي ففيها كان فوزك و النجـاء
تركت القوم في سر و سـارت ركاب الحق يسترها الخفاء
و للأنصار شوق و انتظــار لقربك و احتفال و اختفـاء
حللت بدارهم فحللت سهـــلا و طاب بها مقامك و الثواء
اطاقوا حول ركبك من هيــام و للقصواء من طرب رغاء
بأمر الله تم لها مسيـــــر و كان لها لمسجدك اهتـداء

* * * *

فعز بنصرهم لله ديـــــن و حق الحق و ارتفع النـداء
و خاب البغي و انقلبت بخـزي عداتك و استتب لك الهنـاء
فحولك من جنود الله جمـــع مهاجرة و أنصار ســواء
هم النصر المؤزر ليس فيهـم نكوص حين يحتدم اللقــاء
و ذاك الجيش لا يثنيه وهــن و لا يلهيه بيع او شــراء
شهرت السيف إذا أخرجت قسرا فسالت تنصر الحق الدمـاء
و مزق صولة الكفار بـــدر و عز الدين و ارتفع اللـواء

* * * *

و في أحد دروس بينــــات نصرت به و كان بك الفنـاء
و لم يفلح من الأحزاب كيــد فباءوا بالهزيمة حين جـاءوا
و كان من اليهود عليك بغــي فتم القتل فيهم والجفاء 
و رمت الحج فاعترضت قريش و ذاك بهم عناد واعتداء
فجاءت بيعة الرضوان فتحــا و تم الصلح إذ رجعوا و فاءوا
فسارت دعوة الإســـــلام لها في كل ناحية لــــواء
و جاء الفتح فانقادت قريـش و كان لها رجوع و اهتـداء
عفوت و كنت عند النصر برا هم الطلقاء ليس لهم فــداء
و جاءت الوفود مهنئـــات لكل بعد بيعته وفــــاء
هي الأفواج فوج بعد فــوج تتابع لا تصد و لاتســـاء

* * * *

هناك تم دين الله حقـــــا و جاء النصر و انتظم البناء
وحج الناس بالتوحيد صرفـا فلا جهل هناك و لا مكــاء
وأعلى الله حجته و ســارت بها الآيات نور يستضــاء
كتاب محكم و بيان صـــدق يبين الحق ليس به خفـــاء
و سار الدين تظهره جمــوع مظفرة و يظهره النقـــاء
فذكرك يا نبي الله عــــال يردده على الكون النـــداء

* * * *

نبي الله قدرك فوق قولـــي بما لا يستطاع له اجتــلاء
و شأنك لا يحيط به مقـــال و هذا النزر ليس به وفــاء
ببابك حوم الشعراء قبلـــي فجئت و لي على الأثر اقتفاء
فإن أخفق فقد حاولت جهــدي و حسبي في هواك الإقتـداء
و إن أحسن ففضلك قد حبانـي و أنت البحر شيمتك السخاء

* * * *

نبي الله أنى جئت أشكــــو إليك و كل أنفاسي رجــاء
نبي الله ضقت هنا و أنـــى ليرقني بذا الحبس العنــاء
شكوت إليك من ضنك و ضيق لتغمرني البشاشة و الهنـاء
رسول الله جئتك من بعيـــد يرافقني مديحك و الثنــاء
ببابك قد وضعت اليوم رجلـي و عندك راحتي و بك الشفاء
أؤمل فيك إفراجا سريعـــا و فوزا لا يكدره شقـــاء
و عونا عند ضيق الحشر يغني و يشملني ودادك و الحبـاء
فجودك غاية و نداك فيــض سخي النبع ليس له انقضـاء


ولد عمرو خليفة النامي بمدينة (نالوت) بجبل نفوسة غرب ليبيا سنة 1941م،وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة كامبردج قسم الدراسات العربية والاسلامية بعنوان “دراسات في الاباضية” سنة 1971م واعتقله نظام القدافي عدة مرات وانقطعت أخباره في اخر اعتقال له سنة 1986م ولا يعرف تاريخ استشهاده داخل معتقلات سجون القدافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى