الإنهيار السعودي و ترويج ظالم للوهابية في ليبيا

لا يمكن لأحد فصل وجهي العملة الواحدة: الإنهيار السعودي وترويج ظالم للوهابية في ليبيا:

 

منذ أوائل عام 2012، تقريبا، اتضح تعدد اللاعبين الخارجيين على الميدان الليبي، وصرت أقول إن أبرز لاعِبَيْن على هذا الميدان، وعلى خلاف ما قد يبدو، هما قطر والسعودية.

مما لا يقبله العقل اليوم اجترارنا كمسلمين للصراع السياسي الإسلامي في الماضي بحجة السلفية وإسقاطه على الحياة السياسية المعاصرة، بل الألعن من ذلك هو خلق صراع مذهبي ديني وهمي لا يخدم إلا أعداء الدين الإسلامي. من الصراع السياسي الدموي القديم استطاع أعداء الإسلام المعاصرين بقراءة متأنية للتاريخ الدموي الذي وظف فيه الدين الإسلامي لغرض توسيع الممالك واعتلاء قمم السلطة.

فاستطاعت بريطانيا، ومعها فرنسا، وروسيا، هزيمة الإمبراطورية العثمانية، ومعها ألمانيا، بعدما استحضرت الفكر التكفري مستعينة بالوهابية وابتدعت الوهابية لتقارع مذهب أبوحنيفة العقلاني الذي انتهجته الإمبراطورية العثمانية في سياق واحد، وبدون تعارض، مع التصوف النقشبندي لقد واكب الصراع السياسي منذ بداية ظهور الاسلام الفكر التكفيري وبدون الخوض في أحقية الإمامة لآل البيت أو قريش أو بالعموم للعرب (الأشراف) فتقريبا المذاهب السياسية أضفت النكهة الفقهية على المذهب بحيث يختبأ تحت عباءة الفقه الخبث والمكر السياسي أو تستباح التقية المذهبية لخدمة سلطان الإمامة.. وبدون لف ولا دوران فإن المذهب السياسي الذي رفض كل أشكال الشرف التي تبنتها المذاهب “العامة” .

السعودية على أنقاض الدولة العثمانية:

قد تنقلب الموازين اليوم لتكون الدولة التركية على أنقاض السعودية! فمن ضمن الوعود التي أعطتها بريطانية لآل سعود لاعتلاء سدة الحكم المشاركة في الحرب ضد الدولة العثمانية ورفع لواء الوهابية والعروبة، وأخلت بريطانيا بوعدها بشأن الفلسطينيين وفي المقابل كان وعد بلفور (الرشوة لليهود) وكانت تقسيم سايكس بيكو لتركة الدولة العثمانية وتم خلق الجامعة العربية برعاية بريطانية الواضح أن وصفة بريطانيا انتهت اليوم صلاحيتها لسببين: لأنها حققت النتائج المرجوة منها، وبريطانيا لم تعد العظمى كما كانت.

اكتساح ترامب للسعودية:

استلمت أمريكا راية توظيف التطرف الديني التكفيري، هذه المرة للإلحاد، لخدمة مصالحها ولطرد الروس من أفغانستان وأخيراً الواضح أن زيارة ترامب للسعودية السنة الماضية عملت على قلب الموازين القديمة فيها رأسا على عقب فالتجديد الذي أراده، وربما برعاية إسرائيلية، هو خروج السعودية من تحت عباءة الوهابية ( بالثوب والإزار العربي ) إلى الإعلان عن فتح المراقص وتحرير النساء السعوديات من الكبت بقيادة السيارات مقابل الاستمرار في تصدير الوهابية لشمال أفريقيا حيث تتبعها ربيبتيها داعش والقاعدة بعد أن أنهت مهامهما في الشام والعراق وأفغانستان بحيث يؤمن الطوق الذي تتحزم به إسرائيل من جانب ويستمر ضخ المليارات إلى أمريكا الداعمة لسياستها الانتقائية بغرب آسيا بدرجة عالية.

المسلمون والمسلمات بالإدعاء يمولون سياسات أمريكا الانتقائية لغرب آسيا :

المسلمون والمسلمات الجهلة يساهمون في زعزعة استقرار منطقة غرب آسيا بأداتين : بدفع المال، وزرع الكراهية، ويكون ذلك على النحو التالي: الترويج الذي صدرته الوهابية لمختلف أصقاع البلاد المسلمة بشأن التدافع على الحج والعمرة بشكل أغرب من الخيال وكأنهم بذلك يوزعون صكوك الغفران لمن يدفع لخزينة السعودية. فنجد حتى الفقراء والمساكين يحرمون أنفسهم من التوسعة على أنفسهم بخصوص بعض الضروريات لتصرف أموالهم على العمرة والإدعاء بزيارة النبي ص بل نجد من مقتدرين الحال من يصرف على تردده المتكرر للحج والعمرة مبالغ قد تصل عشرات الآلاف من الدولارات وربما أكثر ليتنهي بها المقام في خزنة ترامب !!!.

أبتدع الفكر الوهابي بالتكفير مع ظهور محمد عبدالوهاب فاستبيح قتل أتباع الصوفية والمذهب الحنفي وزوار المقابر بل يقتلون كل من يرون، وحسب فهمهم، أن عقيدته ليس على مذهب السلف! وكأنهم يمتلكون مقياس للإيمان ولسان حالهم يقول بأن الله سبحانه قد تنازل لهم بحيث هم يحكمون على من يشاءون بالأيمان أو ينعتون من يشاءون بالكفر!!!! واليوم يسهل للكثير من اتباعهم الوصول إلى السعودية بحجة العمرة للتزود بالفكر التكفيري في حلقات معلنة وخاصة ونشره من بعد بين البسطاء والجهلة في شمال أفريقيا والعالم! تصدير الوهابية شمال أفريقيا قد يكون الأنسب: ربما افتتاح المراقص الليلية بالسعودية يحتاج لتكثيف تصدير الوهابية ولو تطلب إشعال حروب عرقية مذهبية بشمال أفريقيا فبأموال الحج والعمرة، إضافة للبترول، بات عندهم أتباع جيش من الموظفين، بسراويلهم القصيرة ولحاهم الطويلة واكسسواراتهم الحديثة والقديمة ، قد تم توجيههم إلى شمال أفريقيا وإلى بقاع مختلفة من العالم .

والواضح أن ضرب المذاهب في شمال أفريقيا يخدم أعداء الإسلام بالنبش في الصراع السياسي الإسلامي القديم واستحضار الكراهية والتكفير والحرب من جديد.. فنسمع من الوعاظ الوهابية ينصحون بالتخلي عن احتفالهم برأس السنة لأنه اقتداء بالكفار المسيحية وهو طقس . كما ويحاضر على الجزائر شيخ دكتور عربي يعيش ببلاد الغرب، أو الكفر على حد تعبيره، وينصح في مدونته برفض الكتابة بالحرف الاتيني الكافر! واستخدام الحرف العربي المسلم أو في أسوء الظروف التنازل إلى غير ذلك ! ربما هذه التوجيهات هي التي تجعل الكثير يكرهون الوهابية وذلك أيضا ما قد يؤجج حقد عرقي بالتأكيد لا يخدم أوطان شمال أفريقيا.

والواضح أن أموال الحج لا تصرف إلا في ثلاثة أوجه لا تخدم الإنسان ولا الإسلام وهي: حرب اليمن وسوريا والعراق وربما إيران ونشر الكراهية التكفيرية من خلال الوهابية هو حرب ضد الشعوب بدافع عدم استقرار أوطانهم .


موقع: السودان اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى