التنظيم العسكري للدعوة السلفية يحارب في ليبيا وسوريا
فى ظل فوضى الطوائف والحركات الإسلامية تختفى العديد من الأسرار التى لا يعلمها إلا أعضاء تلك الحركات وفى سطورنا القادمة نفتح أحد الصناديق السوداء لأشهر الحركات الدينية وهى الدعوة السلفية ونعرض اعترافات أحد أبرز أعضائها فى وقت سابق والمطلوب « ميتاً» بالدعوة إنه إسلام أنور المهدي الباحث الإسلامى وأحد أهم الصناديق المغلقة بالدعوة .
س1> فى البداية.. كيف انضممت إلى الدعوة السلفية؟
– بدأت علاقتى بالدعوة فى الصف الأول الثانوى، حيث كان المعروف عنى حبي للتيار الإسلامي وظهر ذلك في إطلاقي للحية، وهي نفس الفترة التي كانت تعمل فيها التيارات الإسلامية سواء إخوان أو سلفيون على استقطاب الشباب ممن لهم ميول دينية، حيث اختار الإخوان من يصلح للعمل السياسي واختار السلفيون من يصلح للعمل الدعوي،ولأن المدرسة هي المنبر الإعلامي الأول لتلك التيارات كان لهم أعضاء يتولون استدراج النشء،وكنت مسئول الإذاعة بالمدرسة،وتعرفت على مسجد الإخوان،وطلب مني أحد المسئولين بالمسجد حلق لحيتى،لأن الإخوان يفضلون التقارب المظهري مع الآخرين،ولكني رفضت،ووقتها أرسل لى مسئول الدعوة السلفية في مدرستي أحد أصدقائي، وطلب مني لقاء أحد المنتمين للسلفية بحجة أنهم ينظمون لقاء مجمعًا وفرصة للتعارف بين أصحاب الانتماء الديني، لأنهم دائمًا ما يبحثون عن المدخل المناسب لكل فرد جديد، ووافقت وقتها.
س2> ماذا تعنى بمسئول الدعوة السلفية فى المدرسة؟
-في كل مدرسة تنظيم صغير تابع للدعوة السلفية،وليس المدرسة فقط،بل الجامعة أيضًا،وهذا الشخص كان مسئول الدعوة في المدرسة التى كنت أدرس بها،فللدعوة هيكل تنظيمي يضم عدة تنظيمات،الأول تنظيم طلائع الدعوة وهو مختص بالنشأة وهم مرحلة الثانوية والإعدادي، ويكون أولًا في كل المدارس من خلال المساجد المدرسية التي يسيطرون عليها بالكامل، وتكون أنشطتهم في تلك المرحلة عادية ومنها تعليم الصلاة والصيام وقراءة القرآن، وتتم اللقاءات الجماعية لهؤلاء الشباب في الشواطيء البعيدة وكان أشهرها شاطيء أبو قير، والآن أصبحت تتم في الساحل الشمالي حتى تكون بعيدة عن الأعين، ويقتصر تكليف الشباب في تلك المرحلة باستقطاب مزيد من زملائهم وأصدقائهم للانضمام للدعوة.
س3>وهل تشهد المساجد صراعًا على الاستقطاب بين الإخوان والسلفيين؟
بالتأكيد.. فوجود سلفي فى مسجد الاخوان يثير الريبة والعكس، ويعني إعلانًا للحرب مع الاخوان لأنهم يعتبرونها محاولة سلفية لاستقطاب رواد المسجد،الأمر نفسه لدى الدعوة السلفية حيث يعتبرون دخول اخوانى مسجدهم كمحاولة لسرقة الزبائن،خاصة وأن الدعوة والاخوان يتباهيان بالإستقطاب إذا نجحا فيه، كما يتباهيان بأخذ المساجد من بعضهما، ولو حصل تيار على مسجد الآخر يحاول الآخر استرداه بكل الطرق وكأنها حرب.
س4>وما الذي دار فى لقائك الأول بمسئول الدعوة؟
– طلب مني حضور لقاء تنظمه الدعوة بمسجد الفتح التابع لها،ويومها رأيت مخزن المنشورات والبوسترات التابعة للدعوة ووجدت مجموعة من الشباب يقرأون ورقًا وزعه عليهم مسئول الدعوة بالمسجد،وكانت تحتوي على كلام دعوي، لأنه قبل عام 2011 لم يكن لهم حديث سوى الدعوة بما أنزل الله، وفى تلك المرحلة كنا نتعلم أن الحكم بما أنزل الله يقوم على تحريم البرلمان وأن الترشح خروج عن الملة باعتباره مجلسًا للتشريع الذى هو لله وحده، وكان هذا الحديث موجودًا في دروس وفتاوى ياسر برهامي التى كانت موجودة على موقع طريق الإسلام وصوت السلف، ولكنه حذفها بعدما واجهناه بها.
س5> وماذا عن نظرة السلفيين للخدمة العسكرية؟
– كانوا يحرمون علينا الخدمة في الجيش استنادًا للحديث النبوي «من مات تحت راية العامية فميتته ميتة الجاهلية»، وعندما كان يأتي دور شاب للخدمة كانوا يوجهونه ببعض التعليمات،منها الاحتفاظ باللحية ورفض التخلص منها عندما يطلب الجيش، ذلك لأن اللحية ممنوعة،وأغلب شباب الدعوة لم يؤدوا الخدمة العسكرية،حيث كانوا يتعمدون الرسوب بالجامعة حتى يكملوا الثلاثين عامًا،ثم تدفع الدعوة غرامة التهرب من الخدمة من مال «التخلص»فهذا المال يأتى من حرام ويريد صاحبه التخلص منه فيقدمه للدعوة السلفية لتخدم به المسلمين وكانت الدعوة ترصده لغرامات التجنيد.
س6> وما هي طبيعة عملك في الدعوة؟
– كانت الدعوة تعد منهجًا دراسيًا إسلاميًا متكاملًا باسم «سبيل الهدى» لتدريسه في المساجد والمدارس، وكنت ضمن المسئولين عن إخراج الكتاب فنيًا،لأن منزلي كان الأكثر أمانًا بين الأعضاء، لأن والدي كان يعمل بمنصب حساس وكان يستحيل تفتيش المنزل، وكانوا يطبعون الكتاب في مطابع عادية ويضعون اسم وهمي عليه، ومن تلك الأسماء دار «منارات السلف» فى جدة بالسعودية، حيث تصدر أغلب الكتب السلفية بنفس الاسم، لكن الدار لا تعرف أي شيء عنها.
س7> إلى متى استمر نشاطك الدعوي؟
– توقف نشاطي لفترة، وعدت بعد تعيينى معيدًا بالجامعة، وطُلب مني مد الناشط السلفى بالإسماعيلية، وكنا نوزع الكتب على الشباب وننشر الفكر السلفي بالمساجد، ثم سافرت إلى السعودية،وكنت ألتقي بالشيوخ هناك أثناء سفرياتهم للتواصل مع داعميهم بالسعودية وتلقي التمويلات.
س8> من يدير الدعوة السلفية الأن؟
– محمد إسماعيل المقدم، الذي سطا على الدعوة منذ فكر فى إنشائها الشيخان فاروق الرحماني وقطب الصادق، فلا تغرك الطيبة وعدم الظهور والهدوء الذى يبدو عليه، كلها أكاذيب، خاصة أنه ضليع في ارتداء أقنعة الإسلام، منذ أن كان عضوًا في تنظيم جهادي بالقاهرة وعمره 17عامًا، بقيادة الشيخ محمد خليل هراس وعضوية أيمن الظواهري وطلال الأنصاري وبهاء الدين عقيل وآخرين.
س9> وما هي تفاصيل هذا التنظيم؟
– كان هذا التنظيم جهاديًا فكريًا.. وكان «المقدم» عضوًا فاعلًا به رغم صغر سنه، وانشق التنظيم على نفسه مرتين الأولى بعد حرب 73 حول اعتبار ضحايا الحرب شهداء أم لا؟ والثانية كانت لنفس السبب لكن في أحداث الفنية العسكرية، ولم يعد التنظيم مرة أخرى، وبعد ذلك انتقل «المقدم» مباشرة للدعوة السلفية.
س10> إذا كانت الدعوة في يد «المقدم».. فلماذا يتصدر ياسر برهامي المشهد؟
– هذا فكر «المقدم»، فهو لا يضع نفسه في الواجهة ويعمل دائمًا خلف ستار حتى يكون في الأمان، أما «برهامي» فهو الآن كارت محروق تم الإعداد للتخلص منه وتقديمه قربانًا للمصالحة مع القاعدة الشعبية للسلفيين، وتم تصعيد عدد من شيوخ الدعوة، وترك «برهامي» يغرد وحيدًا ويدافع عن نفسه دون جدوى.
س11> وهل «برهامي» لا يدرك هذا الأمر؟
– «برهامي» تفكيره سلطوي، وهو يبحث عن الوجود والتواصل مع السلطة بجانب عشقه للشهرة والنفوذ، لذلك فهو يعتقد أنه متخذ احتياطه كاملًا، ولكن خطة الإطاحة به ستتم كما حدث مع الشيخ سعيد عبدالعظيم.
س12> متى بدأت صورة الدعوة تهتز في نظرك؟
– عام 2009،بعد عودتى من السعودية،وكانت الفتنة الطائفية قد بدأت تبرز، ولاحظت وجود تواصل بين الأمن وشيوخ الدعوة السلفية، وتعجبت من تلك العلاقة،فكيف توجد بينهم علاقات رغم أنى تربيت فى الدعوة على أن هؤلاء أعداؤنا،وكان كبار شيوخ الدعوة يكفرونهم بين تلاميذهم بينما يتوددون إليهم الآن ومنهم شيخان شقيقان يسميان محمد وإسلام، وقد أصبحا الآن من المبشرين بوراثة الدعوة بعد برهامي ورجاله،واستمر الحال هكذا حتى 25 يناير،حيث تم منعنا من المشاركة فى المظاهرات،واجتمع «برهامي» بشباب الدعوة بعد صلاة فجر 25يناير حتى العشاء بمسجد التقوى بسيدي بشر، وتم تهديد من يعارض بـ«خراب بيته» والتخلي عنه، واشتركنا في اللجان الشعبية،ولاحظت وجود أسلحة كبيرة في اللجان الرئيسية للدعوة،منها كلاشنكوف، حيث بدأت الدعوة في إعداد التنظيم المسلح قبل الثورة.
س13> وما هي طبيعة هذا التنظيم المسلح، ومَن أبرز قياداته؟
– هو الذراع المسلحة للدعوة، حيث ينضم إليه العضو للمشاركة في العمليات التي تدعمها الدعوة بليبيا والصومال، ثم انتقل أعضاؤه للانضمام للحرب في سوريا وقتل عدد كبير منهم هناك، ولن أستطيع كشف أسماء قياداته، لأن بيني وبينهم عهدًا بعدم التحدث عنهم طالما لم يستخدموا السلاح في مصر.
س14> وماذا حدث بعد الثورة؟
– تم إعادة هيكلة الدعوة من جديد،وتحولت إلى جمعيات في كل المحافظات،وبدأتها بجمعية «غراس» ثم «دعاة» واستمر العمل بالسياسة عن طريق حزب النور، وتركت وقتها الدعوة نهائيًا، وهددونى بالسيارات التي لا تعلق لوحات معدنية كثيرة.
س15> هل تعتقد أنهم كانوا جادين في التهديد؟
– نعم وسبق وفعلوها مع الشيخ الرحمانى مؤسس الدعوة، والذي تركها بعد خلافه مع «المقدم» وسافر خارج مصر، وتم تصفيته خلال حادث سيارة، فتلك هي طريقتهم في التخلص من صناديقهم السوداء،الأمر نفسه حدث مع أحد متحدثي حزب النور ويدعى محمد، حيث هدد بعد تركه الدعوة بأن لديه كلام كثير لم يقال، وأصيب بعد تصريحاته بعشرة أيام بمرض مجهول ومات، وكل تلك الأمور وراءها الدعوة التي تدخلت لمنع تشريح جثمانه.
س16> ماذا عن التنظيم النسائى التابع للدعوة؟
– كما يوجد تنظيم رجال بالدعوة، يوجد تنظيم نساء يطلق عليه «الأخوات» وكل شيخ بالدعوة تعمل زوجته هي الأخرى بالدعوة، وكل تنظيم تحدثنا عنه يوجد آخر نسائي موازِ له، ويقوم هذا التنظيم على استقطاب السيدات وضمهن للدعوة، ولكن ليس عن طريق المساجد وإنما دور التحفيظ فهى البوابة الخفية للتنظيم النسائي، ومن أشهرها دار «الإحسان» لتحفيظ القرآن بالإسكندرية، حيث تقوم تلك الدور بتحفيظ القرآن وتنظيم حفلات إفطار جماعي في رمضان وعقد لقاءات دينية، ولكن أغرب ما يتم بها هو إقامة حفلات بارتداء الملابس «السواريه» للاحتفال بتخريج دفعة من الحافظات حيث تدخل النساء مرتديات النقاب، ويخلعنه ويظهرن بـ«السوارية»!، وكذلك يسيطر التنظيم النسائي على المساجد من خلال مصلى السيدات، ويقدمن المساعدات للفتيات ويعملن على تزويجهن من سلفيين لضمان السيطرة عليهن.
س17> في الختام.. بماذا تنصح الشباب السلفي؟
– كل ما أعترض عليه بالدعوة ليس ضد المنهج السلفى، ولكنها شهادة حق لإثبات أن الدعوة السلفية ومسئوليها أدعياء كاذبون زائفون، لا صلة لهم بالسلفية من قريب أو بعيد، ولا يزال في الدعوة من يجب أن يراجع نفسه ويتطهر من هذا الدنس.
جريدة الصباح