علماء الوهابية ومشايخ الصوفيّة والثورة الشعبية

انهم ورثة الأنبياء بكل معنى الكلمة ويُزاولون ويعملون فى خير مهنه كماوصفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم نفسه وعن طريقهم نعرف أمور ديننا ومنهم يأتينا التدكيردائماً بمايتوجب علينا تجاه ربنا وهم من يمتلك ناصيه التفسير الصحيح لكتاب الله ويمتلك القدره على التمييز بين الأحاديث النبويّة الصحيحة وغيرها، انهم ورثة الأنبياء بحق إذ كثيراً ما يتعرّض الأحرار منهم  للإزعاج والأذى والإضطهاد الذى تعرّض الأنبياء له من قِبل الناس أو الحكام أو هما معاً.

من أجل تقديم التفسير القرآنى المناسب للدوق العام أو العصر أو الموافق لتفسير ولىّ الأمر،فهم حُماة حمى العقيده الاوُل وفرسانها المخضرمين، غير أنهم اذا ما فسدوا وطلبوا الدنيا بالدين وجعلوا من ارضاء الناس وأولياء الأمور هدفهم الأكبر صاروا بقدر أهميّتهم وعلو شأنهم الأخطر والأشد على الدين والديانة وبسبب مكانتهم وقدرتهم يُحققون ما يعجز الشيطان عن تحقيقه إذ يقفون على أبواب جِنان الخُلد لا يدخلون ولا يدعون أحداً يدخل وأنا هنا أتحدّث طبعاً عن علماء الكتاب والسنّة بصفّة عامة ولكنى فى الحقيقة أكتب هذه الكلمات بمناسبة انتشار كتب فقهاء وعلماء المدهب الوهابي فى مساجدنا هذه الأيام وعلى رأسهم شيخ المدهب محمّد ابن عبد الوهاب والآخرين حسب ألقابهم الشيوخ الفوزان والعثيمين والنجمي والمدخلي  وابن باز وعند قراءتي لكتبهم لاحظت مدى تشدّدهم وتزمتهم عما نعرفه نحن فى ليبيا عن ديننا الإسلامى وعمّا ألفناهُ من فقهاؤنا، فقهاء المدهب المالكي.

فشيوخ الوهابية يعتبرون أن جميع البِدع تدعوا الى الضلالة ولا توجد عندهم ما نعرفه نحن بالبدع المحمودة ثم انهم يهاجمون الصوفيّه والصوفيين عموماً عن بكرة أبيهم ولا يستثنون أحداً منهم، و لا يعترفون بوجود شى اسمه الدّكر الجماعي، وحجّتهم الكبرى هى أن السلف الصالح وهم صحابة رسول الله، لم يفعلوا ولم يُمارسوا هذه الأمور والأشياء فهي اذن مستحْدثة وجديدة وغريبة عن الدين ومُضافة اليه ويُضعّفون ويُقلّلون من شأن الأحاديث والتقاريروالإشارات الواردة عن رسول الله أو أحد الصحابة بخصوص جواز الدكر الجماعى وكدلك هم يُحرّمون جميع أنواع التصوير والغناء والرقص دون استثناء اعتماداً على أحاديث صحيحة لا يُحاولون أبداً تأويلها أو حتى التأمّل أو التفكّر فيها بل انهم يحرصون على أخد النص كماهو مهما كان معناه.

وبالطبع فاننى لم أطّلع على معظم كُتُب هؤلاء الشيوخ العلماء المدكورين الدين أحسبهم على المدهب الوهابي فقد أكون قد بالغتُ بشأنهم أو قوّلتهم أكثر مما قالوا ولكنى واثق أننى لم أقوّلهم ما لم يقولوا، حسب نصوصهم القليلة التى اطلعتُ عليها فى مساجدنا في بنغازي والبريقة، والحق اننى أتحرّج من توجيه النقد لعلماء أفاضل لهم مكانتهم الكبيرة، قضوا حياتهم كلها أو جُلها فى مجال تخصصهم ومعروفين بين الناس بالتقوى والصلاح وهم أيظاً اعضاء فى هيئه كبار العلماء فى السعوديّه فمن أنا حتى اُناظرهم واُقارعهم بالحجج والأدلّة الشرعية ولهذا فأنا أستعين ببعض آراء وأقوال مشايخ وعلماء الصوفية، خصوصاً الشيخ محي الدين ابن عربى والشيخ عبد السلام الأسمر باستثناء موضوع الخروج على الحكام والخوارج فانني أسمح لنفسي بصفتي انسان حر ومثقّف وحريص على عبادة الله وحده دون أن اُشرك معه فى العبادة زعيماً أو ملكاً بالتعبير عمّا فى نفسي حول ما أحسبه حقّاً وصواباً، أسمح لنفسى بذلك لأن هذا الموضوع يتعلّق من جهته الأخرى بموضوع آخر اسمه الثورة الشعبية، وهو موضوع يحتاج من يتحدّث فيه الى أمران ضروريّان وهما التجربة الإنسانيّه والثقافة العامة وليس فقط التخصّص العلمي فى الشريعة الإسلاميّة.

يقول الدكتور مصطفى عمران رابعة[رحمه الله] فى كتابه (رسائل عبد السلام الأسمر الى مُريديه): بالرغم من ورود النص الصريح بالصمت عند تشييع الجنازة هو قوله عليه السلام: ان الله يُحب الصمت عند ثلاث، تلاوة القرآن وعند الزحف وعند الجنازة) فأن كثيراً من العلماء ومن بينهم شيخنا الأسمر يرون عكس دلك تماماً ووجهة نظرهم تتلخّص فى أن أخلاق الناس وعوائدهم قد تغيّرت تغيّراً جدريّاً ففي زمن النبي ومن بعده من الصحابة والتابعين كان المشيّعون تحفّهم السكينة والوقار وتعلوا وجوههم الكآبه والحزن الى درجة أن أهل الميّت لا يُعرفون من غيرهم أمّا اليوم فقد تغيّر الحال ولم يعد الموت واعظاً كما كان وأصبح المشيّعون تتعالى أحاديثهم فى شئون الدنيا وما دام الأمر على هذا النحو فلابأس اذن من حمل المشيّعين على ترديد كلمة الشهادة وارتكاب أخفّ الضررين وهى لا شك وجهة نظر قد لا تأباها القواعد الأصولية.

ويقول الشيخ عبد السلام الأسمر: (فإن قيل أن دكر الجماعة كرهه مالك .قلنا: المكروه من قبل الجائز لا يُسمّى ضلالة ولا يُدخل صاحبه في النار وعلّة الكراهة عند مالك لعدم فعل السلف لا على اطلاقه وكم من أشياء لم تكن في عهد السلف وهي واجبة أو مستحبّة) .ويقول الشيخ أيضاً مذكّراً مخاطبيه: (بأن الدكر الجماعي هو أصل الصوفيّة ومما يجمع قلوبهم على مولاهم حثهم على التمسّك به وخاصّةً عند نقل الجنائز والاأعياد).

ويقول مؤلف الكتاب (حتى ادا ماجاء شيخنا الأسمر الدى أسلكه شيخه الدوكالي فى طريقته العروسيّة كما سبقت الإشاره، فأحدث فى السماع شيئاً آخر لم تعرفه الطريقة العروسيّة قبله ألا وهو السماع بصحبة البندير وقد أحدث فعله هذا ردّة فعل قاسية لدى شيخه الدوكالي، وكدا لدى غيره من العلماء، ولكن الأسمر قد استمات في موقفه في استعماله للبندير ولعل لسان حاله يقول: ما دمتم قد أجزتم السماع فى الطريق الصوفي، فلم لا تُجيزون معه البندير؟ فالدي تبث به استعمالكم للسماع هو عين ما يثبت به استعمال البندير، فكما تبت استماعه صلى الله عليه وآله وسلّم للإنشاد كدلك ثبت استماعه للدف (البندير) وضربه في حضرته، كما ثبت رقص الأحباش فى مسجده ومن يظن أن نبيّه قد فعل حراماً أو أمر بحرام أو رضى حراماً، فقد كفر بنبيّه ولاشك، وكلاهما فى واقع الأمر لا يعدوان إلا أن يكونا من مساعدات ومنشّطات السير فى الطريق الصوفي، اذ أن النفس عندما يعرض عليها الحق من حيث تستروح، فأن قبولها له يكون أتم وأجود، كما أنهما لايعدوان دائرة الرخصة التي تكون بمثابة الدواء لمستعملها، فالسماع ليس من  فروض الدين ولامن سنّته وانما هورخصه عند توفر شروطه.

كقول أبى سالم العياشى بأن الأسمر (دا حال صادقة، وأنه كما يُحكى عنه أنه سمع دات يوم بالدف فلما نقره سمعه كل من حضر يقول الله الله وهذا شاهد صدق فى صحّة سماعه، وصدق حاله مع الله ومثل هذا له أن يسمع بأي شي أراد من دف ومزمار، لانقلاب سمّيّة الملاهي فى حقّه ترياقاً، فعادت المخالفه للمشروع بانعكاس الثمرة وفاقاً، فسبحان من يُخرج من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين، ومن بين الزفر والزمر أحوالاً سنّيّة للمقرّبين).

ويُضيف المؤلف: فانه لم يكن سوى وسيله يستقطب بها الأسمر مئات المُريدين من الشباب ليجعل منهم كوادر تنظيميّه، تأخد على عاتقها اعادة بناء المجتمع الدي اهتز أثناء فترة حكم الشيوخ وما صاحبها من فوضى وانحلال وتكوين نواة قويّة للصمود فى وجه العدو الدي يتربّص للإنقضاض على البلاد (الاسبان) وهو ما أدركه جُل العلماء الدين عارضوا الأسمر وناظروه فى مسألة السماع، فرجعوا عن اعتراضهم وسلّموا له.

وفى كتاب (ترجمة حياة ابن عربى) للأستاذ محمود غراب يقول الشيخ محى الدين ابن عربى: رآيت فقهاء الزمان يتغامزون على أهل الله ويضحكون منهم، فاحذروا من هذه صفتهم فلا أقل يا أخي اذا لم تكن منهم أن تسلم لهم أحوالهم، فانك ما رآيت منهم ما يُنكره دين الله ولا ما يردّه العلم الصحيح النقلي والعقلي وأمّا العلماء العاملون المنصفون الراسخون في العلم فهم السادة الذين هداهم الله، فهم مصابيح الهُدى وارثوا رسول الله في العلم والعمل والإخلاص، فإن سمعتني أذمّ الفقهاء في كتاب فانما أعني هذا الصنف المدبر الذي اتّبع شهوته ونفسه الآمّاره بالسوء، فإنه لما غلبت الأهواء النفوس وطلبت العلماء المراتب عند الملوك، تركوا المحجّة البيضاء وجنحوا للتأويلات البعيدة ليماشوا أغراض الملوك فيما لهم فيه هوى ليستندوا في ذلك لأمر شرعي مع كون الفقيه ربما لا يعتقد ذلك ويُفتى به وقد رآينا منهم جماعة على هذا من قضاتهم وفقهائهم ولقد أخبرني الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن اأوب في مثل هذا – وقد وقع بينه وبيني كلام – فنادى بمملوك وقال: جئني بالحرمدان فقلت: ما شأن الحرمدان؟؟ قال: أنت تنكر علىّ مايجري في بلدي ومملكتي من المنكرات والظلم وأنا والله أعتقد مثل ما تعتقد أنت فيه من أن ذلك كله منكر ولكن والله يا سيّدى ما منه منكر إلا بفتوى فقيه، وخط يده عندي بجواز ذلك، فعليهم لعنة الله، ولقد أفتانى فقيه هو فلان –عيّن لى أفضل فقيه عنده في بلده في الدين والتقشّف –بأنه لا يجب علىّ صوم شهر رمضان هذا بعينه بل الواجب علىّ شهر فى السنة والإختيار لي فيه، أي شهر شئت من شهور السنة، قال لي السلطان: فلعنته في باطني ولم أظهر له ذلك وهو فلان وسمّاهُ لى رحم الله جميعهم.

ويُضيف الشيخ: اياك يا أخي عافاك الله من الظن السوء، من أن تظن في أني أدمّ الفقهاء من أجل أنهم فقهاء أو لتعلّمهم الفقه، لا ينبغي أن يُظن هذا بمسلم وان شرف الفقه وعلم الشرع لا خفاء فيه ولكن أدمّ من الفقهاء الصنف الذي تكالب على الدنيا وطلب الفقه للرياء والسمعة وابتغى به نظر الناس ليُقال ولازم المراء والجدال وأخذ يرد على أبناء الآخرة الدين اتقوا الله فعلّمهم من لدنه علما، فلا اُنكر مرتبة الفقه وقد سمعتُ من رسول الله: من يُرد الله به خيراً يُفقّهه في الدين .ولمّا كان هذا الصنف غلبت عليهم نفوسهم وشهواتهم واستولى عليهم الشيطان وعلى أيديهم وقع الضرر على أولياء الله وبشهاداتهم هلكوا… إن ما فتح الله به علينا من علوم كان نتيجة اتباعنا سنة رسول الله وما شرع لنا، لم نُخل بشي منها ولا ارتكبنا مخالفة بتحليل ما حرّم الله أو تحريم ما حلل، لأن لله عباداً عملوا على ايمانهم وصدقوا في أحوالهم، ففتح الله أعين بصائرهم وتجلّى لهم في سرائرهم فعرفوه على الشهود وكانوا في معرفتهم تلك على بصيرة وبيّنة بشاهد منهم.

وفي موضع آخر يقول الشيخ: هذا زمان قد ذهب شبابه وخلق اهابه، بصره حديد وشيطانه مريد وقرينه عنيد وجبّاره عتيد حطّت فيه أقدار الأحرار وطمس فيه وميض الأنوار وانفطرت فيه سماء الأسرار وجُهلت مقادير الأعيان وحُجبت القلوب عن مشاهده الأكوان وجُهلت مقادير الشيوخ أهل المشاهد والرسوخ واُستنزلت ألفاظهم جهلاً وكان لها شموخ، جعلني الله مما احيا رسمها، أنكروا علينا الأخبار عنك والإشاره اليك وحسدونا على ما وهبتنا من الحِكم وما اسبغت علينا من النِعم، فاذا خرج الإمام المهدى فليس له عدو مُبين إلا الفقهاء، فانه لا تبقى لهم رياسة ولا تميّز عن العامّة ولا يبقى لهم علم بحكم إلا قليل ويرتفع الخلاف من العالم في الأحكام بوجود هذا الإمام ولولا أن السيف بيد المهدي لافتى الفقهاء بقتله ولكن الله يُظهره بالسيف والكرم، فيطمعون ويخافون.

ويقول مؤلف الكتاب الأستاد محمود غُراب: ورد فى القرآن عن آصف ابن برخيا وفيما قصّه الله تعالى علينا من اتيانه بعرش بلقيس من سبأ اليمن الى بيت المقدس قبل ارتداد الطرف حتى اعجز عفاريت الجن وهذا عطاء الحق عز وجل الى بعض أولياء بني اسرائيل فما ظنّه بما يُعطيه لأولياء الأمّه المحمّديّة وهي خير أمّه اُخرجت للناس، وأمّا العلوم التي يأتي بها القوم (يقصد أهل الله الصوفيّون) من علوم الأسرار مثل علم الحروف مثلاً فانه لا ينكرها إلا جاهل أو جاحد، فالجاحد يتأوّل ما جاء فى صحيح البخارى عن أبوهُريره وهو قوله: أخدتُ عن رسول الله وعائين، فامّا أحدهما فبثثته بين الناس وأمّا الآخر فلو بثثته لقُطع منّى هذا البلعوم، كل ذلك لينتصر المُنكِر لإنكاره ودعواهُ بأنه لا أسرار فى الإسلام، والجاهل الذي لا علم له غاب عنه قول رسول الله في دعائه المأثور: (أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك أو علّمته احداً من خلقك أو استأثرت به فى علم الغيب عندك) غاب عنه بأن الله قد يختص من يشاء من عباده بإسم خاص لا يعلمه أحد غيره من الخلق.             

   ويُضيف المؤلف: وكل ما جاء به الشيخ ابن عربي رضي الله عنه لا يقدح في أصل من الأصول الشرعيّة ولا يهدم قاعدة أصوليّة ولا يتطاول ولا يتسوّر على الخصوصيّات النبوية وإن كانت الفهوم تكل عن ادراك ذلك، فلأنها لم تُخاطب به أصلاً ولا كانت أهلاً له ولا محلاً وقد أبان الشيخ عن ذلك بصريح لفظه وأشار اليه برقيق لحظه وذكر أن هذه العلوم التي أتى بها والأحوال التي ذاقها لا يُدركها إلا أهل مقام المحبوبيّة الذي أشرنا اليه، فمن أنكر هذا المقام كلامهُ لا يعول عليه ومن آمن به تصديقاً لنبيّه فقد عرف قدرهُ ولم يُحرم أجرهُ فإن كان من نفسه يعلم أنه ليس من أهل هذا المقام فالإعتراض منه جهل وأمّا من كان مثلي مؤمناً حقّاً بهذا المقام وانه اختص به أقوام، فإنه يؤمن بكل ما دكروه عنه ويسأل الله عز وجل أن يُلحقه بهم وأن يجعله من حزبهم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

خلاصة كلام المؤلف محمود غُراب: الحمدلله الدى اختص برحمته من شاء من عباده وأكرم أولياءه بحضرة اشهاده قال الله عز وجل (يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فلاحد لفضله ولا منتهى لعظيم منّه وقد جاء في الأخبار الصحيحة وفي السيّر عن الأمم السابقة ما يُشير الى هذا الخير العميم وأشار اليه القرآن فذكر عن واحد ممن اُختص من بني اسرائيل وهو آصف ابن برخيا أنه أتى بعرش بلقيس من سبأ اليمن الى القدس الشريف قبل ارتداد الطرف، لينبّه به الحق عباده على جزيل عطاءه وسابغ نعمائه، فأبت عقول قاصرة إلا أن تحجّر فضل الله على هذه الأمّه المحمّديّة التي هي خير أمّة اُخرجت للناس وتضع له من عندها حدوداً وقيوداً ودلك أنها لم ترى من أنفسها في الحياة الدنيا مثلما ذكر، فأوقفت الفضل على ماجاء به النقل ووصل اليه السمع وأنكرت مثل هذا العطاء على كل من تحدث بنعمة الله عليه وقد ثبت في الخبر الصحيح عن رسول الله أنه قال عن الحق عز وجل (لا يزال عبدي يتقرّب اليىّ بالنوافل حتى، اُحبّهُ فاذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصرهُ الذى يُبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها) إن عطاء الحق سبحانه ومنحه لمن وصل الى هذا المقام عطاء لا يُقدّر قدره ولا يعرفه إلا من ذاقه أو كمل ايمانه فالحمدلله الدي أنعم علىّ بالإطلاع على مثل هذا العطاء الإلهى لواحد من الأمّه المحمديّة اختصّه الله تعالى وأنعم عليه بهذا المقام ومكّنه من الترجمة عن بعض أذواقه ألا وهو الشيخ محى الدين ابن عربى الذي أبان عن بعض ما أكرمه الله تعالى به وما منحه من كشف وشهود وعلوم تقصر عن فهمها أكثر الفهوم وأبان عن الطريق الموصل الى ذلك الذي لا يكون إلاّ بتوفيق من الله تعالى وعنايته السابقة، كل ذلك رفعاً للهمم وتشجيعاً لطالبي أعلى الدرجات وأقصى الغايات تثبيتاً للشريعة وتحقيقاً للطريقة. [انتهى كلام المؤلف]

والغريب أن الأستاد محمود غُراب لم يذكر قصة العبد الصالح الذي آتاهُ الله رحمةً من عنده وعلّمهُ من لدنه علما مع نبي الله موسى وهي القصّة التي فيها الدلالة القويّة والحجّة الساطعة على ما يقول. ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه (شرح مسائل الجاهليّة) فيما يسمّيه المسألة الثالثة من مسائل الجاهليّة حرفيّاً:(انّ مخالفة ولي الأمر وعدم الإنقياد له فضيلة والسمع والطاعه له ذل ومهانة) وهذا الكلام لم يقله فيما أحسب أحداً من العالمين، لم يقله انس ولا جن، لم يقل به حتى اعتى الخوارج، لأنه تعميم واضح وخطأ مبين وتعسّف في الكلام وأنا اتعجّب كل العجب أن يصدر هذا القول من عالم جليل مثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو من شارحه الفوزان وهو يقصد حسب العبارة أن كل الخارجين على ولي الأمر بالسيف يعتقدون أن طاعة ولي الأمر في حد داتها ذل ومهانه وأن مخالفته في حد داتها فضيلة .  

كما يقول الشيخ في معرض محاولته اثبات عدم جواز الخروج على ولي الأمر الفاسق: (ولهذا لما قيل لبعض الأئمه انّ فلان فاسق ولكنه قوي وفلان صالح ولكنه ضعيف أيّهما يصلح للولاية فقال الفاسق القوي لأن فسقه على نفسه وقوّته للمسلمين أما الصالح فصلاحه لنفسه وضعفه يضر بالمسلمين).

ونحن فى ليبيا قد عرفنا بالتجربه ان هذا الكلام غير صحيح فمعمّر القدافى كان نمودجاً للفاسق القوى وعرفنا ان فسقه قد عاد بالضرر على الجميع وانه قد عمل بدأب واجتهاد على نشر فسقه وفجوره بين الناس وخاصّةً الشباب منهم بشى الوسائل الممكنه بل وحتى غير الممكنه اِن صح التعبير فلأنه حاكم قوى فسيكون قويّاً فى فسقه ايظاً فنراهُ يُحب اشراك اكبر عدد من الناس فى ماهو فيه، كما ان قوّته ليس بالضروره تكون فى صالح المسلمين فقد اضطررنا فى ليبيا الى اسوأ الحلول على الاطلاق للخلاص منه وهو حل الثوره الشعبيه، ودلك لأنه كان قويّاً جداً فلم يستجب لدعوات التغيير السلمى والعلنى ولم يسمع لاحد ولم يعبأ بنصائح العقلاء من الداخل والخارج واستهزأ بالجميع بسبب ركونه لقوّته، كما كان لهذه القوة دوراً مهمّاً فى اشعال نار الفتن بين الدول العربيه والاسلاميّه وخلق المشاكل لها ودعم المتمردين عليها وتدبير الانقلابات ، فلم تكن قوة هذا الزعيم القوىالفاسق فى صالح المسلمين ابداً بل كانت وبالاً عليهم.

ثم يقول الشيخ في موضع آخرعمّا يتوجّب علينا فعله تجاه ولىي الأمر: (يقول رسول الله: أطع وإن أخد مالك وضرب ظهرك .لأن فى طاعته مصلحة أرجح من المفسدة التي هو عليها ولأن مفسدة الخروج عليه أعظم من مفسدة البقاء على طاعته) وصدق رسول الله فيما قال اذ لو أن كل انسان يتعرّض للظلم من ولىي الأمر أو أحد عمّاله يُبيح لنفسه الخروج بالسيف واستخدم القوة فيما قد يؤدي الى تحطيم النظام كله وتخريب بنيان الدولة برمّتها، لو أن كل انسان فعل دلك لضاع المجتمع الانساني وربما يؤدي ذلك الى انقراض البشر بسبب الحروب المتواصلة التي لا تنتهى.

نعم صدق رسول الله ولكن الفقهاء يُبالغون ويشتطّون اذ أنهم يجعلون من ولي الأمر مركزاً للكون كله والناس امّا أن يكونوا معه أو ضده، أمران لا ثالث لهما، امّا أبيض أو أسود امّا الخضوع أو الخروج بالسيف  كما لو أنه لا توجد وسائل اُخرى، فرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لا يدعوا الناس في هذا الحديث الى القبول بالاهانة والرضى بالذل والسكوت على الظلم حاشاه من أن يدعوا الى دلك ولكنه يدعوهم عندما يشعرون أنهم قد ظُلموا، يدعوهم ويدفعهم بطريقة غير مباشرة للدفاع عن أنفسهم بالوسائل السلمية المتاحة أمامهم وهي كثيرة ومتنوّعة في كل مكان وزمان مع العلم أن كثير من الناس يدّعون أنهم مظلومين من قِبل ولي الأمر أو الدولة  بينما لو تأملنا أحوالهم ودقّقنا في تفاصيل قضاياهم لاكتشفنا أنهم ليسوا فقط هم الظلمة بل انهم كفرة فجرة في سلوكهم وأسلوب حياتهم  ولا يُبقيهم داخل الملّة الاسلاميّة إلاّ نطقهم بالشهادتين، ونقطة النظام هنا عندي هي لماذا لا يلجأ شيوخ الوهابية أو غيرهم  الى تعريف الناس بوسائل الدفاع عن النفس السلميّة والعلنيّة الكثيرة جداً التى لا تتعارض مع الأصول الإسلاميّة مثل اللجوء الى القضاء أو العمل على اعداد منابر عامة يُشرفون عليها ويتحمّلون مسئوليتها يُتاح فيها لمن يعتبروا أنفسهم مظلومين أن يتكلموا على رؤوس الأشهاد عن الظلم والجور الدى وقع عليهم ويُطالبون بحقوقهم ورد اعتبارهم وأن يُعلن هؤلاء الفقهاء أن هذه المنابر هي ضرورة دينيّة اسلاميّة مثلما انها ضروره انسانيّه، فهم عندما يدعون الناس الى الصبر على الظلم والخضوع لأولياء أمورهم الفاسقين مستدلين على ذلك بالأحاديث النبويّة وآي الذكر الحكيم دون أن يدعونهم أيضاً الى التمسّك بكرامتهم وشرفهم ورجولتهم وعزّة أنفسهم وأن يتعلّموا كيف ينتصروا لأنفسهم بالوسائل السلميّة أولاً، انهم اذا لم يفعلوا ذلك فاِنهم يكونون بحق دعاة للذل والضعة والقبول بالعيش المهين وعبادة الحكام  والشرك بالله كما أنهم يُسيئون اساءه بالغة للقرآن والحديث النبوي باعتبار أنهم يستخدمونهما كوسيلة لتبرير الذل للناس وتبرير الظلم للحكام، فهناك حسب رأيي تقصير كبير من قِبل الفقهاء عموماً وفقهاء الوهابية خصوصاً  في التأكيد على أهميّة الجانب الإنساني في الإسلام وأهميّة أن يكون الإنسان ذو كرامة وعزّة نفس ونخوة وشهامة ورجولة وحقّهُ في أن يُدافع عن نفسه وعن أسلوب حياته عندما يتعرّض للإنتهاك من قِبل ولي أمره، فباستثناء القليل من الفقهاء الأحرارو المجتهدين الدين لا يحتاجون الى تعريفهم بكل ما يتعلّق بالأخلاقيات والإنسانيّات، نجد أن الأغلبيه الغالبة منهم لا يهتمّون بالصفات والمعاني الإنسانيّه التي بها يستحق الإنسان صفة انسان قدر اهتمامهم بالكتب الفقهيّة التي تتعلق بمهنتهم والمواضيع الخلافيّة الجدالية البسيطة ومظاهرالحياة الإجتماعيّة السطحيّة.  

ويقول الشيخ (أمّا اهل الجاهليّه فلايرون انعقاد ولاية ولا يرون سمعاً ولاطاعة مثلهم مثل الأمم الكافرة الآن الذين يقولون بالحريّات والديمقراطيّات، ماذا تكون مجتمعاتهم الآن؟ همجيّة.. بهيميّة.. قتل.. سلب، فساد أعراض.. شر واضطراب أمن وهم دول كبرى وعندهم أسلحه ولكن حالتهم حالة بهيميّة – والعياذ بالله – لأنهم باقون على ما كانت عليه الجاهليّة).

بالنسبة للعرب في الجاهليّة فقد كانوا يعرفون أن الله هو الخالق وهو الصانع والرازق والمدبّر للأمور وكل ما يتعلّق بتوحيد الربوبيّة فلم يكونوا بعيدين بالكامل عن الدين والإيمان بالله هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد كان لديهم ملك هو حرب ابن أميّه (ابوسفيان) وهذا يعنى أنهم يعرفون الى حد كبير معنى السمع والطاعه وأهميّه الظبط والربط وان كانت مظاهر الملوكيّه ومراسمها غير واضحه فدلك لأن المجتمع العربي آنذاك كان كله مجتمعاً بدويّاً يتشابه غنيّهم وفقيرهم فى أسلوب حياتهم وايضاً لأن العرب كانوا أحراراً يُدركون قيمة الحريّه ويعتزون بها أكثر مما يُدركها عرب هذا الزمن وكانوا بحق فرسان في الشعر والخطابة وخلاصة هذا الكلام أن العرب قبل الإسلام لم يكونوا همجيين، أما بالنسبة للمجتمعات الغربيّة أى الأوربيّة والأمريكيّة الذين وصفهم الشيخ بأنهم دول كُبرى وعندهم أسلحة فأنهم لم يُفلحوا فى أن يكونوا قدوة حسنة لنا لسببين:

-السبب الأول: هو حالة العداوة التي خلقوها بيننا لتأسيسهم دويلة اسرائيل بالقوة على ارضناواستمرارهم فى دعمها دعماً مطلقاً.

-السبب الثاني: هو محاولتهم المستميتة نشر ثقافتهم المسمّاة بالديمقراطيّة دون مراعاة لتراثنا العظيم الإسلامي والشرقي  العريق ودون مراعاة للإختلاف الديني بيننا وبينهم.

إن ديننا يختلف عن دينهم فى أنه نظام اجتماعى واقتصادي وسياسي وليس مجرد عبادات ولكن هذه السلبيات لا تُبيح لنا انكار مميزاتهم الواضحة الساطعه القويّة التي جعلتهم قادة للحضارة الإنسانيّه في هذا العصر واستحقّوا أن يكونوا دولاً كبرى تمتلك أسلحة جبّارة والحقيقه أنهم كانوا جديرين بأن يكونوا قدوة حسنة لنا لولا السببين المدكورين آنفاً، وفي رأيي أن كلمات مثل همجيّة وبهيميّة وشرور وفساد أعراض وقتل وسلب واضطراب أمن تنطبق على أسلوب حياتنا في مجتمعاتنا الإسلاميّه الآن تمام الإنطباق وتعبّر عنها أحسن تعبير دون أن يعني هذا أن هذه السلبيات غير موجودة أبداً في المجتمعات الغربيّة المتحضّره فلايوجد مجتمع انساني كامل متكامل يخلوا تماماً من العيوب.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب (وهكذا الصوفيّة يقولون: أحوالنا تكفي عن اتباع الرسول، لنا أحوال ولنا اتصال مع الله ونأخد عن الله مباشرة وأهل السنّة يأخدون دينهم عن أموات، انما الرُسل يحتاجهم العوام، أمّا الخواص فليسوا بحاجه الى الرُسل لأنهم وصلوا الى الله وعرفوه ويأخدون عنه مباشره، هكذا يقول لهم الشيطان وهذا من دين الجاهليّة).

يصعب التصديق أن هذا الكلام هو لعالم من علماء الكتاب والسنه يؤمن بالله ورسوله حيث يشمل جميع أهل الله الصوفيّون بالاتهام ويُقوّلهم ما لم يقولوا وينسب اليهم كلهم ادّعاءات غبيّة فارغة تفوّه بها بعض المحتالين والمزيّفين منهم فليس عندى رد سوى قول الشيخ محى الدين ابن عربى فى كتاب الأستاذ محمود غُراب آنف الدكر (وكما أنى قد دممتُ الصوفيّة ولم اُرد به الصادقين، وانما أعني الصنف الدي تزيّا بزيّهم، نعود بالله من مكره الخفّي وأصحاب الدعاوى في هذه الطريقة كالمنافقين في المسلمين، فأنهم شاركوهم في الصورة الظاهرة وبانوا بالبواطن، فدمّي للصوفيّة انما أدمّ هذا الصنف الذي دكرت، فأن الحلوليّه والإباحيّه وغيرهم من هذا الطريق ظهروا وتظاهروا بالدعاوى واتّصفوا، فهم قرناء الشيطان وحلفاء الخسران فكثُر مسخ البواطن في هذا الزمان، كما ظهر المسخ في الصورة الظاهرة في بني اسرائيل حين جعلهم الله قِردة وخنازير، فهو في هذه الأمّه في باطنها تمييزاً لها، ورآيت أقواماً يشطحون على الله وعلى أهل الله من شهود فى حضره خياليّه، فهؤلاء ما لنا معهم كلام، فأنهم مطرودون من باب الحق، فتراهم فى أغلب أحوالهم لا يرفعون بالأحكام الشرعيّه رأساً ولا يقفون عند حدود الله، مع وجود عقل التكليف عندهم.

ويُظيف الشيخ ابن عربى (فأن الشطح نقص بالإنسان لأنه يُلحق نفسه فيه بالرتبة الآلاهيّه ويخرج عن حقيقته وكل من شطح فعن غفله شطح ومارآينا وما سمعنا عن ولى ظهر منه شطح لرعونة نفس – وهو ولي عند الله – الاّ ولابد أن يفتقر ويدل ويعود الى أصله ويزول عنه دلك الزهو الدى كان يصول به، فدلك لسان حال الشطح، هذا اذا كان بحق وهو مدموم فكيف لو صدر من كاذب) ويُضيف الشيخ بعد سطور (خرق العوائد في ظاهر الكون التي اتّخدتها العامّه دلائل على الولاية ليست بدلائل عند أهل الله وانما القوم يختبر بعضهم بعضاً فيما يدّعونه من العلوم الآلاهيّه والأسرار فأن خرق العوائد عند الصادقين انما دلك في بواطنهم وقلوبهم بما يهبهم الله من ألفهم عنهُ مما لا يُشاركهم فيه ذوقاً من ليس من جنسهم). [انتهى الإقتباس من كتاب محمود غُراب]

لقد صرنا نفتقد فى مساجدنا الى كلمة (آمين) التى كنّا نرددها بصوت جماعى واحد عقِب كلمة (ولاالظااااالين) في نهايه سورة الفاتحه فى الصلوات الجماعيّه المفروضه، خاصّه فى صلاة الجمعه، يا لها من كلمة رائعة ويا له من صوت قوي مهيب تردّده مئات الحناجر (آآآآآمين) مع العلم أن البعض منّا ما زال مصرّاً على ترديد هذه الكلمة جماعيّاً وأنا منهم ثم بدأنا نفتقد أيضاً للصوت الجماعى المُهيب فى صلاة العيدين، الله أكبرولله الحمد سبحان الله والحمدلله ولااله إلا الله، والله وحده يعلم ماذا سنفتقد غداً.

وأقول كلمة أخيره حول موضوع الخروج على الحكام والخوارج والثورة الشعبية أن الثورة الشعبيّة ليست اختياراً شعبيّاً ولم تكن يوماً رغبة شعبية ليس في هذا الزمان وهذا المكان فقط بل اننى أزعم أنها كدلك في كل مكان وكل زمان، انها في الحقيقة إن صح التعبير انفجاراً شعبيّاً بعد طول صبر وطول كتم وطول سكوت والسبب في أنها ليست اختياراً ولارغبة شعبيّه هو أن معظم المواطنين في جميع أنحاء العالم يعلمون بالتجربة وعن طريق الثقافة السماعيّة أي عن طريق آباءهم وأجدادهم أنه اذا كانت الأوضاع العامة سيئة فهناك دائماً ما هو أسوأ وبالتالي يتوجب الرضى بالوضع السيء تجنّباً لما هو أسوأ ونحن كمسلمين لدينا من النصوص من كتاب الله وأحاديث رسوله ما فيها الغناء والإكتفاء في هذا الموضوع ونحن فى ليبيا اندفعنا عفوياً وراء أبناءنا عندما رآيناهم يُقتلون أمام أعْيُينا لمجرد أنهم طالبوا بحقّهم فى أن يعيشوا فى بلادهم بكرامة وفي  التمتّع بثروتهم الوطنيّة ولم نكن في معظمنا راضيين عن المظاهرات ولكن أمر الله كان قدراً مقدوراً فاختلطت المظاهرات بالجنازات وسار الأبناء والآباء والآمهات وحتى الأجداد فى الشوارع جنباً الى جنب وتغيّرت المطالب بالإصلاح الى مطالب بالإسقاط غضباً للأبناء وانتصاراً للحق.

ونقطة النظام عندي هنا ضد الفقهاء عموماً أنهم (باستثناء الأحرار منهم) كان يتوجب عليهم أن يكونوا فى مقدمة الناس لا في مؤخرتهم وأن يكونوا مع القيّم والمعاني الانسانيّة الثابته وليس مع العادات والتقاليد السيئة باعتبارهم ورثة الأنبياء وحُماة العقيدة وقرون استشعار للمجتمع كله ولو أنهم كانوا في المقدمة لاستطاعوا توجيه الثورة توجيهاً سليماً صحيحاً لا يتناقض مع أصول العقيدة التي تمنع بوضوح من الخروج على ولىي الأمر بالقوة ولاستطاعوا أن يؤثروا في الناس بحيث يحتفظون بمطالب الإصلاح للنظام وليس اسقاطه، ورغم أن مهنة الفقيه هى خير مهنة كما وصفها رسول الله  فأن العمل بدواعي الكرامة والنخوة والشهامة و الرجولة والصدق والأمانة أهم بكثير عند الله من الفقه والتفقّه والمتفقّهين، فالثوّار أو الخوارج ليسوا هم سبب الثورة الشعبية بل إن سببها هو السكوت مدّة طويلة على الظلم والطغيان، ثم تبرير هذا السكوت الطويل وتحليله بآيات القرآن والآحاديث النبويه من قِبل فقهاء السلطان.

أقول قولى هذا واستغفر الله لي ولكم.

—————————————————————————————————–

بقلم: فرج مختار قادير
بنغازى -ليبيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى