بيان المجمع العالمي لأهل البيت تنديداً بإتساع جرائم الوهابية في ليبيا
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالي في كتابه الكريم: (الفتنَةُ أَشَدّ مِنَ القَتْل). سورة البقرة ـ الآية 191.
شهدت الأشهر الأخيرة تصعيدا في نشاطات الحركة الوهابية المنحرفة ضد الأمة الإسلامية،ووصلت إلى أوجها في الأيام القليلة الماضية،فمن المجازر التي ترتكبها ضد الشيعة في باكستان،اتسعت الدائرة لتشمل اندنوسيا وليبيا،وشهدت نشاطا جديدا في تخريب الآثار الإسلامية،والمراقد المقدسة لدى المسلمين.
وفي هذا المجال شهدنا في برهة زمنية قصيرة مجازر من قبيل “قطع الطرق على المسافرين الشيعة في باكستان وارتكاب مجازر ضدهم”، “قتل وتشريد الشيعة في اندنوسيا وإحراق منازلهم”، “هدم المساجد ومقابر العلماء في البحرين”، “هدم المرقد المنسوب إلى ابن سبط النبي الأكرم الإمام الحسين في دمشق”، “هدم قبر حفيد السبط الأكبر للنبي الأكرم الإمام الحسن في زليتن في ليبيا”، “قتل العشرات من السادات الحسنيين والشيعة في ليبيا”،ولم يرتكب هذه الجرائم الكفار أو المشركون من يهود وصليبيين،بل قام بها من يدعي الإسلام زورا وبهتانا.
وبملاحظة هذا الكم الهائل من الفجائع يرى المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام باعتباره مؤسسة تمتلك المرجعية الفكرية لملايين المسلمين في كافة بقاع العالم أنه من الضروري لفت نظر العالم إلى النقاط التالية:
1 – إن أهم مسألة يجب على المسلمين التنبه إليها هي أنه كلما شهدت الأمة الإسلامية صحوة جديدة تعيد لها حيويتها وتضع أعداء الإسلام في مأزق،نرى زيادة النشاطات التخريبية للوهابية والسلفية من أجل إضعاف المسلمين،وإيجاد الفتنة بين صفوفهم.
أليس عجيبا أنه بمجرد انتصار المجاهدين الأفغان على المحتلين ظهرت حركة طالبات لتنغص حلاوة هذا الانتصار على الشعب الأفغاني المظلوم؟وهل من الصدفة أنه بمجرد سقوط صدام وانتهاء الحكم العفلقي يظهر الإرهابيون السلفيون في العراق المظلوم جالبين معهم القتل والدمار؟ وبمجرد انتصار الشعب المصري والليبي على أنظمة الحكم الديكتاتوري يجيء السلفيون المتحجرون وتبدأ هجماتهم ضد الأماكن التي يحترمها المسلمون،محدثين بذلك فتنة كبرى,أليس من السذاجة أن يتصور البعض أنه لا يوجد ارتباط بين تمويل الوهابية المالي والمعنوي للضغوط الكبرى التي تمارسها جبهة الاستكبار ضد المقاومة الإسلامية،وبين الانتصارات التي حققتها المقاومة في لبنان وفلسطين؟.
2 – إن عمالة الفرق المذكورة لأمريكا والصهاينة لا تقتصر على الهجمات الإرهابية،بل إن هؤلاء يستهدفون تدمير الثقافة والحضارة الإسلامية وطمس معالمها وآثارها.
إن استهداف الوهابية لرموز الثقافة الإسلامية وهدم الآثار الإسلامية يعود تاريخه إلى بداية الحكم المشؤوم لآل سعود الخونة، حيث ارتكبوا طوال فترة حكمهم الأسود جرائم من قبيل: “تخريب مراقد أهل البيت عليهم السلام والصحابة،وشهداء صدر الإسلام في مقبرة البقيع”، “الهجوم المتكرر على حرم الإمام الحسين“، “تخريب الآثار الإسلامية في الحجاز”، “الهجوم على مرقد الإمامين العسكريين في سامراء”، “الهجوم على الأضرحة والأماكن المقدسة في مصر والسعي لهدم مقام الحسين في القاهرة”، “هدم ونبش قبر سيدي عبد السلام الأسمر الحسني بمدينة زليتن في ليبيا”، وما إلى ذلك من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية.
كل هذه الاعتداءات على الآثار الإسلامية تتنافى مع سعي العقلاء من مختلف الأمم في كل العالم لحفظ آثارهم وترميمها سواء الدينية منها أو غيرها فنراهم ينفقون الأموال الطائلة للحفاظ على تراثهم الفكري والحضاري،بينما يسعى هؤلاء الى هدم التراث الإسلامي.
3 – المسألة الأخرى الهامة هي ركوب السلفيين والوهابيين موجة الثورات الشعبية ومصادر دماء شهدائها وكلنا نعلم أن أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ليس فقط لم يكن لهم دور في النهضة الإسلامية التي تشهدها المنطقة بل كانوا يدعون الناس إلى طاعة الحكام الظالمين من قبيل مبارك والقذافي وآل خليفة وآل سعود بقواعد من قبيل: “الحق لمن غلب”، و”لا ينعزل السلطان بالفسق” وبعد أن يتنصر الثوار على الحكام الطغاة ينتهز هؤلاء الضالون حالة عدم الاستقرار التي تلي الثورات لتحقيق أهدافهم المشؤومة.
4 – رغم أننا لا نأمل شيئا من المجامع الدولية لكننا نسائلهم لماذا كل هذا السكوت عن جرائم الوهابيين ولماذا يسكتون عن دعم الدول الغربية لإرهابيي القاعدة وطالبان؟.
5 – وكذلك نسأل علماء الإسلام إلى متى السكوت على جرائم وخيانة آل سعود والوهابية؟ هل دماء الأبرياء التي تراق كل يوم بفتاوى علماء الوهابية وأموال مشايخ الخليج هي دماء رخيصة؟وهل طمس المعالم التاريخية والآثار الإسلامية مصيبة هينة؟ وهل إحراق الكتب والتراث الإسلامي خسارة بسيطة؟وإذا وصل يد التخريب إلى الحرمين الشريفين فهل سيستمر هذا السكوت؟.
6 – ونوجه النداء أيضا إلى حكومة وعلماء اندنوسيا:لقد كانت بلاد الشرق الإسلامي طوال تاريخها مكانا للتعايش السلمي بين جميع أتباع المذاهب والأديان وتفتخر بلدان المشرق الإسلامي بأن الإسلام دخلها بطرق سلمية وليس عن طريق الحرب لكن السنوات الأخيرة شهدت وصول هدايا الوهابية والسلفية لتلك المناطق ولم تكن سوى العنف والتعصب المذهبي الأعمى.
على حكام اندونيسيا أن يعلموا أن بلدانهم تشهد اليوم بداية انتشار التيار السلفي المنحرف،وإذا لم يوضع حد لهذا التيار المنحرف فسينتهي الأمر بهذا البلد الى ما آلت له الأوضاع في باكستان،فلن يمر عليهم يوم دون تفجير وإرهاب.
وأقل ما نأمله من الحكومة الاندنوسية اليوم أن تعاقب مرتكبي جريمة يوم الأحد الإرهابية،وأن تقوم بإطلاق سراح المعتقلين الشيعة الأبرياء في منطقة “سامبانج” ويجب أيضا منح الشيعة حقوقهم الكاملة في أداء مراسمهم وشعائرهم المذهبية حالهم حال سائل المواطنين.
ويكرر المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام تنديده بالجرائم ضد الإنسانية التي تعرض لها المسلمون في باكستان، واندنوسيا،والعراق، وليبيا، وكذلك تخريب الأماكن المقدسة في سوريا وشمال أفريقيا،ويطالب أن تستنكر المجامع الإسلامية هذه الجرائم البشعة.
ومن الواضح أن إلقاء الخطب، وإصدار البيانات المنددة رغم أنه ضروري لكنه لا يفي بالغرض، لأن المسلمين بحاجة إلى أفعال تضع حدا لهذه الجرائم.
المجمع العالمي لأهل البيت(ع)
4/5/911