هرطقات التيار السلفي السعودي في ليبيا (1)
وما صلاح الدين الاسلامي لكل زمان ومكان إلا لأنه يفسر بحسب العهد وبحسب الزمان ليس لأنه هو المتغير ولكن لأن العقل هو المتغير بتطوره عبر الزمن فالمعيار الذي يجعل الدين الإسلامي صالحا لكل زمان ومكان هو ثبات الدين وتغير العقل المفسر تطورا عبر الزمن فالدين الاسلامي يتسع طبيعيا تفسيرا وتوضيحا باتساع العلوم والثقافة عبر العصور ،،، فاتركوا الدين الاسلامي يتسع بطبيعته ولا تختزلوه في العهود القديمة .
يختزل أتباع التيار السلفي السعودي الدين الإسلامي في عهوده القديمة ويقطعونه قطعا جامدة من عهوده الأولى لتطبيقه على العصور الحديثة دون تطويعه ودون تفسيره بتطور العلوم والثقافة واتساع المدارك رغم أنه قابل بطبيعته للتطويع وقابل للتفسير بتطور العلوم والثقافة واتساع المدارك بما لا يخرج عن الدين ويصفون أي تطويع او مخالف لمنهجهم الجامد بأنه من أهل البدع والضلال في حين أن أصل خروج هذه الجماعة على اجماع العالم الإسلامي كجماعة تدعي أن منهجها لوحدها هو السلفي وأنه هو المنهج الصحيح وأنها الفرقة الناجية المنصورة هو البدعة .. هو الضلالة لأن المذاهب الإسلامية التى يهتدي بها العالم الإسلامي كافة هى مذاهب سلفية متوارثة عبر السلف فكيف تخرج جماعة عن اجماع العالم الإسلامي وتدعي لوحدها السلفية وتتهم كل عادات وتقاليد العالم الإسلامي بالبدع والضلال؟ وسوف أكتفي هنا نظريا لأنتقل بكم إلى بعض سلوكهم العملي الذي يجمد الإسلام في عصوره القديمة ولا يجعله يتسع كما أراد له الله من اتساع .
يعتبر هؤلاء أن الأعياد الانسانية مثل عيد الأم والطفل وعيد العمال والأعياد الوطنية مثل أعياد الإستقلال هى من البدع والضلال ولم يكن وصم هذه الأعياد الإنسانية والوطنية بالبدع والضلال إلا لأنها لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومابعده ولا يعلم هؤلاء أن هذه الأعياد وإن لم تكن على عهد النبي لا يعني أنها محرمة وهى لم تكن موجودة على عهد النبي ليس لأنها محرمة بل لأنها لم تبتكر بعد وابتكرت حديثا كوقفات زمنية إحسانية للتذكير بالأم والطفل والوطن والحقوق وهى تذكير إحساني مساند للدين الإسلامي الذي يدعو للبر بالأم والطفل والغيرة على الأوطان والحث على الحقوق وكون هذه الأعياد مبتكرة انسانيا من غير المسلمين فان الأنظمة التعليمية والصحية والوظيفية والمالية والإقتصادية وغيرها ببرامجها وأساليبها السلوكية العملية هى مبتكرات انسانية من غير المسلمين فلماذا ترفض تلك وتقبل هذه، كذلك فإن هذه الأعياد لم تكن موجودة على عهد النبي وصحابته لأن عهده لم يكن فيه اتفاق انساني بين الشعوب بل كانت شعوب منعزلة تتصادم دينيا عبر الحروب فيما بينها وبعد بلوغ العقل الإنساني من التطور في العصور الحديثة بنمو مفهوم حرية مااعتقده المسلمون وما اعتقده غيرهم وببروز تعاون عالمي واتفاق آنساني ومساعدات انسانية في مكافحة التلوث والأمراض والجوع والفقر والإنقاذ في الكوارث الطبيعية بين الدول فلايجوز تحريم هذا الإتفاق الإنساني برفض المناسبات المتفق المتعارف عليها انسانيا كعيد الأم والطفل وغيرهما ولكم اباحة واضحة لأي اتفاق انساني فيه تعارف وتعاون ومبادلات تجارية وثقافية بين الشعوب في آية من اعظم الآيات ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) صدق الله العظيم * .
من أغرب مايوصم بالبدع والضلال عند التيار السلفي السعودي هو كتابة اسم صاحب القبر على قبره وحجتهم أن ذلك لم يرد عن السلف وهو تجهيل واضح للقبور،في العصور السالفة لم يكن البشر بالعدد الذي عليه اليوم ويتبعه أن الأموات لم يكونوا بالعدد الذي عليه اليوم ويعرف صاحب أي قبر من مكانه لإتساع مساحات المقابر وفي هذه العصور يزداد عدد الأحياء ويتبع ذلك ازدياد عدد الموتى وتضيق المقابر بالقبور يوميا ولا يعرف صاحب القبر في زحمة القبور إن لم يكتب عليه اسمه الدال عليه ثم ان ما يعتبره التيار السلفي بدعة بكتابة اسم صاحب القبر فيه تضييع واضح للحقوق لأن القبور تصبح قبورا مجهولة واذا جدت أي شبهة جنائية في موت صاحب القبر كما يحدث الآن فلايمكن للقضاء استخراج الجثمان لتشريحه ومعرفة سبب موت صاحب القبر المجهول الذي لا يعرف من بين القبور لعدم وجود ما يدل على صاحب القبر كالإسم .
في ليبيا ينتهز أفراد التيار السلفي السعودي الفوضى وضعف الحكام وضعف الديانة فيسيطرون على مكاتب الأوقاف ويسيطرون على المساجد ليس بالدعوة الحسنة والموعظة بل بالشجار والتهديد مع أئمة المساجد السابقين وطردهم من المساجد والخصام مع المصلين الذين يخالفونهم في التيار وازالة الكتب الفقهية المعتدلة وإحلال كتب التيار السلفي السعودي في المساجد وعلى ذلك يتقاضون مرتبات من الهيئة العامة للأوقاف وقد سبب هذا شقاق بين المصلين ويبدو الأمر واضحا الإختلاف ببن المسلمين في أي مسجد في ليبيا حيث تتحاذى جماعة التيار السلفي انعزالا بمظهرها وارتباط أفرادها مع بعضهم البعض بمعزل عن الجماعة العامة في المسجد التى تذهب بالمذهب المالكي المعتدل السلفي،حسبي الله فيما اقول الذي له القوة والحول.
بقلم / محمد علي المبروك
كاتب ليبي
_________________________________________________
*سورة الحجرات الآية 13، ألزمتني هذه الاية بورودها كدليل لوضوحها وضروريتها هنا وأردت تجنب الأدلة الشرعية ما استطعت لذلك تجنبا والتركيز على الأدلة العقلية لأن الأدلة الشرعية استغلت تطويعا وتفسيرا من مجرمي الحروب ومن كل الجماعات الدينية المتنطعة ذات العقائد المنحرفة لذلك ليكن العقل هو الدليل فلا يهتدي الإنسان إلى دينه إلا بالعقل .