فصل الزوايا الصوفية عن هيئة الأوقاف وضمها لنقابة الأشراف في ليبيا
وجاء ذلك في رسالة موجهة من الناظوري إلى رئيس وأعضاء النقابة العامة للسادة الأشراف في ليبيا، مطالبا إياهم فيها بأن تكون جميع معاملات مكتب الزوايا والطرق الصوفية عن طريق النقابة، وأنها هي الجهة المسؤولة عن الزوايا والطرق الصوفية.
وأكد النقيب العام للأشراف في ليبيا السيد عزالدين بالعيد الشيخي،أن هذا القرار جاء بعد تكرار الاعتداءات على الزوايا الصوفية في ليبيا.
وأوضح الشيخي، أن فصل الزوايا الصوفية عن الهيئة العامة للأوقاف إجراء متبع في جميع الدول العربية والإسلامية التي بها نقابات للأشراف مثل مصر والأردن وسورية والمملكة المغربية وغيرها من الدول.
وقال الشيخي: إن “ليبيا لم تكن بها نقابة للأشراف السنوات الماضية، وكانت الزوايا والطرق الصوفية لها مكتب يتبع هيئة الأوقاف، واستمر الحال إلى ما هو عليه، وكان أتباع المنهج الصوفي يمارسون شعائرهم في نشر القرآن الكريم وتحفيظه والسُّنّة المحمدية الشريفة في زواياهم، ولكن بعد أحداث فبراير 2011م بدأت الأمور تتغير ووقعت العديد من الاعتداءات المتكررة من هدم لها ونبش للقبور والأضرحة في جميع أنحاء البلاد”.
وأضاف الشيخي، أن مَن يُسيطر على الهيئة العامة للأوقاف قام بإغلاق المكتب الخاص بالصوفية، مشيرًا إلى أن الصوفيين أصبحوا يمارسون شعائرهم في منازلهم وزواياهم، ولكن تعدى الأمر إلى أبعد من ذلك، ووصل بكل أسف إلى تكفيرهم عبر المنابر ووصفهم بالقبوريين والمشركين، وهذا أمر مُخجل وغير مقبول.
دور الصوفية
وأشار النقيب العام للأشراف في ليبيا، إلى أن التصوف دخل إلى ليبيا منذ دخول الإسلام إليها، كما كان شيخ الشهداء عمر المختار من أهل التصوف وكان يُعلّم القرآن الكريم في زاوية القصور، وأصبحت ليبيا بفضل الزوايا والمنارات الشرعية تحتل المراتب الأولى في تعليم القرآن الكريم في المحافل العربية والدولية حتى سُمية ليبيا بلد المليون حافظ.
وأكد عزالدين الشيخي،، أن الصوفيين حافظوا على المذهب المالكي منذ 1400 عام إلى هذا اليوم، ويحافظون على العقيدة الإسلامية التي جاء بها الرسول الكريم، معتبرا أن مَن ظهر في السنوات القليلة الماضية في ليبيا وسيطر على المنابر ويكفر الصوفيين يحاولون إزاحتهم عن المشهد، وهذا ما أقلق النقابة العامة للأشراف عندما توجه إليهم أهل التصوف، منوها إلى توجههم إلى القيادة العامة ورئاسة الأركان العامة للجيش الليبي.
وجدد الشيخي، أن النقابة العامة للأشراف تقف على مسافة واحدة من الجميع، ولكنه شدد على رفضهم للاعتداء والتكفير، واحترام جميع التيارات الإسلامية ما لم يُتهم بالإرهاب والتطرف، مضيفًا أنهم طالبوا القيادة العامة ورئاسة الأركان بفتح الزوايا والطرق الصوفية التي أُقفلت بالقوة والتي اُغتُصبت وتم تغيير نشاطها، حسب قوله.
ولفت الشيخي،إلى أن القيادة العامة ورئاسة الأركان استجابت لمطلبهم وتم فتح الزوايا وباشر أهل التصوف احتفالاتهم وشعائرهم بليلة النصف من شعبان وليلة فتح مكة وغزوة بدر الكبرى وليلة القدر والاحتفالات الدينية التي يحتفل بها جميع المسلمين.
أسباب قرار الفصل
ونوه الشيخي، إلى أنهم تفاجؤوا الفترة الماضية بمجموعة سلفية مسلحة محسوبة على الهيئة العامة للأوقاف جلبت قوة مدججة بالسلاح واقتحمت بعض الزوايا وعبثت بمحتوياتها وأرعبوا السكان المدنيين القريبين منها، كما أُصيبت سيدة مسنة حينها بنوبة قلبية ودخلت على أثرها المستشفى.
وأوضح الشيخي، أن هذا ما جعل الصوفيين يطلبون تدخل الأجهزة الأمنية لإبعاد السيارات، وبعد ذلك طالبوا بالانفصال عن الهيئة العامة للأوقاف والانضمام إلى النقابة العامة للأشراف في ليبيا.
وتابع قائلا: “نحن وافقنا بشكل مباشر منعًا للفتنة وتخوفًا من تصعيد الموقف بين الصوفيين والسلفيين ونحن لا نريد مواجهة بينهم، وتم ضم الزوايا والطرق الصوفية إلى النقابة من قبل رئيس الأركان العامة للجيش الفريق ركن عبدالرازق الناظوري.
خطاب واضح
وطالب النقيب العام للأشراف في ليبيا، رئيس الهيئة العامة للأوقاف بالحكومة الموقتة بتوجيه خطاب مباشر وواضح وصريح إلى أوقاف بنغازي وكافة المدن شرق البلاد وغربها وجنوبها لوقف التصعيد والتحريض على أتباع المنهج الصوفي، وبأمر الأئمة والوعاظ والخطباء بعدم تكفيرهم والتحريض عليهم في المنابر، وألا يتعرضوا لهم ولو بكلمة لأن هذا لا يجوز، وستكون له عواقب وخيمة في المستقبل القريب.
وشدد عزالدين بالعيد الشيخي، على أن الهيئة العامة للأوقاف يجب أن تكون عصا ميزان وتدعو إلى البر والتقوى والمحبة والنقاء والصفاء، لافتا إلى أن أتباع المنهج الصوفي هددوا بنقل قضيتهم إلى الأمم المتحدة بتهمة ازدراء الأديان، قائلا: “نحن لا نريد أن يصل الأمر إلى ذلك الحد بينهم، وهذا الأمر سيصبح أمرًا سلبيًّا على الجميع”.
الاعتداءات الأخيرة
وتحدث الشيخي عن كيفية حماية الزوايا الصوفي، موضحا أن “الزوايا الصوفية تحت حماية الغرفة الأمنية المشتركة في بنغازي ورئاسة الأركان العامة للجيش الليبي بعد أن تحصلنا على تأكيد على حمايتها من قبل رئيس الأركان عبدالرازق الناظوري وبأنهم سيتدخلون فورًا”.
وذكر الشيخي أنهم أبلغوا الجهات الأمنية عندما وقعت الاعتداءات الأخيرة على زاوية بوغرارة وزاوية رجب النيهوم والزاوية العروسية بالكيش وتدخلوا فورًا، على حد قوله.
أما حول مصير رفات زعيم الحركة السنوسية الإمام المهدي بن محمد بن علي السنوسي، والد ملك ليبيا السابق إدريس السنوسي، الذي نُقل إلى جهة غير معلومة بعد نبش ضريحه أواخر العام الماضي، فأكد الشيخي، أن مصير رفاته لا تزال مجهولة حتى هذه اللحظة ولا يعلموا مكانها بعد.
وأكد النقيب العام للأشراف في ليبيا،أنهم سيطالبون بتحقيق شامل في الواقعة حول المجموعة التي نبشت قبره،بالإضافة إلى التحقيق حول كل وقائع نبش القبور في ليبيا بصفة عامة،ومَن هي المجموعات التي أقدمت على تدمير الزوايا والمقامات والأضرحة وسيطالبون بإعادة بنائها من جديد أيضًا.
وختم عزالدين بلعيد الشيخي حديثه قائلاً: “إن الصوفيين لا يعبدون القبور، فالمعبود هو الله سبحانه وتعالى، وما يقال عنهم سواء من داخل ليبيا أو خارجها ما هو إلا فتنة وتفريق بين الليبيين”، وفق تعبيره.
وصدر هذا القرار من رئيس الغرفة الأمنية بنغازي الكبرى عبدالرازق الناظوري، عقب الهجوم المتكرر في الآونة الأخيرة، من مجموعة مسلحة من كتائب السلفية “المداخلة” على العديد من زوايا الصوفية في المدينة، لمنعها من عدم مزاولة نشاطها وتقاليدهم الدينية المتعارف عليها.
يشار إلى أن جميع زوايا الصوفية الشهيرة تاريخيا في مدينة بنغازي أغلقت أبوابها منذ انطلاق معركة عملية الكرامة بالمدينة في منتصف أكتوبر 2014 بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وذلك بعد فرض كتائب السلفية “المداخلة” المتحالفة مع حفتر، سيطرتها بقوة السلاح على بنغازي ونشر عقائدهم الدينية.
#متابعات