شهيد المقاومة الليبية “كنود هولمبو” ضد الاستعمار الايطالي
في سنة 1924م سافر إلى مراكش وشاهد ظروف الاضطهاد للمغاربة في الريف المراكشي تحت الحكم الاسباني وقوى إحساسه المتأجج بالسخط وأعتبر أن العدوان القائم بمثابة خيانة للمدنية الأوربية وألف كتاب عنوانه “ما بين الشيطان والبحر العميق” ومكث بعض الوقت في أحد الأديرة الفرنسية بالمغرب يتأمل ويبحث عن اللله والحقيقة في داخله وأخيرا قاده امتعاضه وشعوره بفشل المسيحية إلى الدين الاسلامى حيث رأى فيه الراحة والسلام الروحيان الذي يبحث عنهما حيث قال في الفصل السابع من كتابه “أعتقد أن الاسلام هو المسيحية الحقة”.
كنود هولمبو كانت لديه حماسة كبيرة لعقيدته الجديدة وايمان عميق بأن الاسلام يلبي حاجيات الانسان الأوربي المادية والروحية،ولكونه واحدا من المسلمين الأوائل في الدنمارك كان يحلم أن يصبح الإسلام دين المستقبل وفي رسالة إلى أبويه في مدينة هورسنس كتب كنود هولمبو:” أتمنى وأؤمن بأن للإسلام مستقبل،وخاصة في أوروبا الشمالية حيث يبحث الإنسان في وقتنا عن دين يوفر له أكثر مما توفره المسيحية التي فقدنا احترامنا لها وأتمنى كذلك أن يكون دين المستقبل هو الإسلام وفقط الإسلام فالإسلام يستطيع أن يحقق سعادة تامة لكل فرد على خلاف الشيوعية الاشتراكية وكل الأفكار الجديدة التي تدعي ذلك”.
في سنة 1930م قرر هولمبو أن يقوم بجولة بسيارته الشيفروليه من أقصى الغرب الى أقصى الشرق من شمال افريقيا،وفي أثناء رحلته تلك واجه الموت أكثر من مرة وهكذا بدأ الرحلة عبر المغرب،ثم الجزائر حيث صادف مغامرات عدة ومنها لقاءه مع الشاب النيويوركى الأمريكى روسكو تاربوكس الذي أصبح رفيق رحلته للأيام القادمة،ثم عبر تونس،وأخيرا وصل إلى منطقة طرابلس الغرب والتقى بالمجاهدين الليبيين ضد الغزو الإيطالي وتعاطف معهم وساعدهم وسجنه الإيطاليون واتهموه بالجوسسة.
ألف كتاباً واصفاً فيه مغامراته في رحلته البرية في شمال افريقيا ونقل فيه معاناة الليبيين وجرائم الإبادة التي يرتكبها الطليان الفاشيست في ليبيا،كرهته الحكومة الإيطالية وتم منع كتابه من التداول في إيطاليا ومنعوا ترجمته إلى اللغة الإيطالية وأنفقوا عشرات الآلاف من الدولارات لتفنيد ما جاء بالكتاب في مختلف وسائل الإعلام المتاحة في ذلك الوقت.
“كنود هولمبو” اسم لا يعرفه معظم الليبيين رغم أنه من المفترض أن يكون بطلاً قومياً،كيف لا وهو من نقل معاناة الليبيين من الغزو الإيطالي للرأي العام العالمي وكان لكتابه “مواجهة الصحراء” تأثيراً كبيراً على نظرة الأوروبيين للغزو الإيطالي لليبيا.
انتشر كتابه الذي صدر في أواخر العام 1930م في كل الدول الأوروبية بل أنه تصدر المبيعات في الدانمارك وفي معظم الدول الأوروبية وحقق أعلى المبيعات كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية.
في مايو من العام 1931م وأثناء ذهابه للحج وعندما وصل إلى سوريا كانت الجماهير العربية تقوم بالتظاهر أمام القنصلية الإيطالية بدمشق فطُلب منه مغادرة البلاد الى تركيا،وبعد محاولات من القنصلية الدانماركية باسطنبول استطاع الدخول إلى الأردن وتعرض فيها لعدة محاولات اغتيال مما نبهه أن هناك من يحاول التخلص منه ومع ذلك اشترى جملاً وانطلق بواسطته الى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج وفي الطريق استطاع الفاشيستيين النيل منه بواسطة بعض عملائهم فانطوت صفحة ناصعة البياض من تاريخ الجهاد الليبي ضد الغزو الإيطالي البغيض.
وللأسف وفيما عدا صورة كنود هولمبو الموضوعة بمتحف السرايا الحمراء وهو ينظر لزائريه فإننا لم نسمع يوماً في وسائل الاعلام عن مساهماته الفعالة في الجهاد مع اخوته المسلمين الليبيين ولم نشاهد تسمية ميدان أو شارع باسم “كنود هولمبو” تخليدا لبطولاته ودفاعه عن الإسلام والمسلمين بل عن الإنسانية التي حاول الجنود والضباط الفاشيست نزعها من قلبه ولم يفلحوا فقتلوه.
الصورة هي صورة كنود هولمبو وهي نفسها الموضوعة بمتحف السرايا الحمراء بالعاصمة الليبية طرابلس.
ملاحظة: تستطيعون تحميل كتابه “مواجهة الصحراء” من مكتبة الموقع
مؤسسة أهل البيت في ليبيا