كيف انتشر السلفية المَداخلة ومن يدعمهم في ليبيا؟

أهل البيت في ليبيا

أحدث خبر مقتل الأمين العام لهيئة علماء ليبيا،الشيخ نادر العمراني الزواري، صدمة كبيرة وردود فعل غاضبة في الوسط الليبي المؤيد لهذا التيار، فيما وصفت دار الإفتاء الليبية الأقرب لفكر جماعة الإخوان والجهاد؛ العمراني بـ”فقيد السنة والوطن”.

وأكدت دار الإفتاء أن “الراحل كان يتميز بالفكر “الوسطي”، مطالبة “بالقصاص من كل من شارك وخطط ودبر للجريمة، إقامة لشرع الله، وردعا لأمثالهم من المجرمين”، بحسب البيان حيث يعلم الجميع أن العمراني الذي يتولى أيضا منصب نائب المفتي الصادق الغرياني هو من يسير حقيقة دار الإفتاء.

وتوالت ردود الفعل العربية والدولية حول جريمة قتل العمراني، والذي تمت، حسب التحقيقات الأولية ومقاطع فيديو، على يد من وُصفوا بـ”غلاة الفكر المدخلي” في ليبيا، إلى اتهام بعض أفراد قوة الردع الخاصة التابعة لجهاز المخابرات السعودي، وهو ما نفته القوة رسميا ولكن تورط جناح منها أمر ثابت وغير قابل للنقاش والجدل.

وأثارت حادثة الخطف والإغتيال تساؤلات حول فكر “المداخلة” في ليبيا، وكيف وصل وانتشر في ليبيا بهذه الدرجة الكبيرة، إلى جانب علاقته بقائد عملية الكرامة في شرق ليبيا، اللواء خليفة حفتر،وبالمعارك العسكرية شرقا وغربا، علاوة عن السؤال: لماذا قتلوا العمراني تحديدا ؟ .

تيار مؤيد للقذافي وحفتر

وذكر مصدر سياسي ليبي،رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية؛ حيث قال إن عائلته تقيم في منطقة يسيطر عليها ” السلفية المداخلة”،أن التيار المدخلي منتشر بشكل كبير فى ليبيا، بسبب الاحتقان والاستقطاب ضد تيار “الإسلام السياسي”، وبالأخص جماعة الإخوان  المسلمين ويحظى بدعم وتمويل مباشر سعودي اماراتي قوي وان اختلفت الأسباب فالامارات كاداة لمواجهة جماعة الإخوان التي تشكل خطر على نظام الحكم الإماراتي والسعودية كأداة خارجية لجهاز المخابرات السعودي.

وأشار المصدر، إلى نظام معمر القذافي احتضن هذا التيار منذ التسعينيات من القرن الماضي عن طريق ابنه الساعدي، “لما يسوق له هذا التيار من عدم الخروج على الحاكم والترفع عن السياسة والرضوخ بشكل مطلق لمن يملك زمام السلطة ولو بالانقلاب والغلبة بطريقة غير شرعية”.

وأكد المصدر أن “التيار ينتشر في أوساط الناس ذات التعليم المحدود، ويغالي فى عداء الإخوان والصوفية، أسوة بإمام هذا التيار الداعية السعودي والضابط في جهاز المخابرات السعودي ربيع المدخلى، والذي قضى جزءا من عمره في تصيد ما يسميه بأخطاء رموز الإخوان، من أمثال سيد قطب ويوسف القرضاوي، ولهذا فقد تحالف هذا التيار مع الجنرال حفتر في الشرق الليبي، وهم مع تيار الثورة المضادة في الغرب الليبي .

دعم خارجي

وقال عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ سالم الشيخي، إن “هناك دعما خارجيا يقدم لأبناء التيار السلفي المدخلي في ليبيا لبناء المدارس والمعاهد وإنتاج الكتب والأشرطة ونشرها في الداخل،ما جعلهم يسيطرون بقوة على المساجد وعلى وزارة الأوقاف، ومن ثم بدأ فكرهم في الانتشار”.

وأضاف أن “مشروع حفتر، والذي تقوده الأجهزة الأمنية في مصر، هو أيضا داعم قوي لهذه الفرقة الضالة ومن ثم فهم متورطون في قتل الشيخ حال ثبت إدانة المداخلة بالأدلة القانونية والتحقيقات وفق تعبيره.

 وشدد الشيخي على أنه “إذا صحت نسبة الجريمة إلى السلفية المداخلة، فهذا انتقال خطير جدا في فكر هؤلاء.. انتقال من التكفير إلى التطبيق من خطف وقتل”.

من جهته، رأى أستاذ مقاصد الشريعة الإٍسلامية، وصفي عاشور أبو زيد، أن “اغتيال الشيخ العمراني، يأتي في إطار أن العلماء الربانيين الأحرار هم رأس الحربة في كل تغيير، وهم الآن يتصدرون المشهد الثوري في العالم العربي، تحميسا وترشيدا وتأصيلا وبيانا لما يجب”، كما قال.

وأكد أبو زيد  أن”اغتيال الشيخ العمراني عمل إرهابي خسيس، لا يُقدم عليه إلا من اتصفوا بصفات الخوارج، وهم لا فكر ولا فقه ولا حجة لهم حتى يناقشوا فيه، وإنما لا يليق لهم إلا القوة، فمتى اتضح بيقين وثبت بلا شك قاتلوه فلا يجوز أن تأخذ أبطال ومجاهدي ليبيا بهم هوادة في دين الله، حتى يكونوا عبرة لمن بعدهم؛ لأن هذا مخطط يستهدف العلماء، ليس في داخل ليبيا فقط وإنما خارجها أيضا”، وفق تعبيره.

ابحث عن “السلفية”

ورأى الباحث الليبي، نزار كريكش، أن “مقتل العمراني يمثل حالة من تصفية الحسابات سمحت بها قوى سياسية تحاول أن ترتدي عباءة السلفية كجماعة داعمة لصراعها على السلطة، وسُمح لهم بتثبيت نهجهم بعدما ناصروا عملية الكرامة بقيادة حفتر، وكذلك بفتواهم بولايته لهم وينزلون عليه آية سورة النساء في طاعة أولياء الأمر”، وفق تقديره.

وأضاف كريكش : “أنا لا أجزم باتهامهم ( السلفية المداخلة) بالقتل، لكن السياق يؤكد وجود عقد ضمني بمناصرة عملية الكرامة مقابل التغاضي عن أعمالهم، وهذا فتح لهم باب من العنف السياسي؛ هو أكيد في بنغازي وله قرائن تقترب من الجزم في طرابلس، ونحن في انتظار التحقيقات حتى نطمئن لليقين”.

أين الأدلة؟

ورفض الناشط الحقوقي الليبي، عصام التاجوري “توظيف الجريمة وأي جريمة مشابهة واستخدامها سياسا، الأمر الذي يفتح المجال للعنف والعنف المضاد”، موضحا “: “وبخصوص مقتل العمراني، فمما لفت انتباهي من خلال المعلومات المتواردة بعد اكتشاف الجثة؛ خروج مقطع وصور لشخص قال إنه مع آخرين من نفذوا الأمر، لكن ما وردنا أن هذا الشخص الذي نُسبت له الاعترافات، وبشهادة جيرانه، تعرض لعملية خطف من أمام بيته بمنطقة الهضبة قبل واقعة اختفاء العمراني بفترة، وهو ما يشكك في الاعترافات”، وفق قول كريكش.

وقال، الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، إنه “لا بد من إقامة الدليل على اتهام السلفية المداخلة، فالاعتراف من قبل أحد المنفذين وحده لا يكفي، والأمر نفسه ينسحب على معسكر حفتر، فلا بد من البرهان والدليل”، على حد قوله.


#متابعات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى