تقرير أمريكي: الفصائل الليبية بدأت لعبة خطرة مع السلفية المدخلية
وقال كاتب المقال، الباحث في المجلس أحمد صلاح علي، “إن الحرب الراهنة ضد تنظيم (داعش) والجهاديين السلفيين في ليبيا لا يجب أن تصرف الأنظار عن المجموعات السلفية الأخرى الموجودة في بنغازي وطرابلس، التي تنتشر وتفرض مفاهيم وممارسات معادية للديمقراطية”.
وأوضح الكاتب: “إن المجموعات المتأثرة بالتيار السلفي المدخلي تتوسع ببطء عبر كتائب (التوحيد) ، وقوات (الردع)”.
والتيار المدخلي منسوبٌ إلى الشيخ السعودي ربيع المدخلي، ودخل ليبيا في التسعينات من القرن، ويعتقد متبعو هذا التيار بالطاعة الكاملة دون جدال للسلطة، ومعارضة الديمقراطية والانتخابات الحرة.
وقال الكاتب: “إن كسب ولاء المجموعات المدخلية يعطي الحاكم الاحترام والحماية الدينية ضد المجموعات الأخرى”.
وكبقية التيارات في ليبيا، كوَّن التيار المدخلي كتائب منفصلة تحارب إلى جانب الأطراف المختلفة. وتحدَّث المقال عن ثلاث مجموعات رئيسية، هي “كتائب التوحيد” في بنغازي، وهي كتائب تشكَّلت على يد عز الدين الترهوني.
وكان الشيخ ربيع المدخلي أصدر، في شهر النوار العام 2015م، فتوى تحرِّم المشاركة في المعارك بين تحالف فجر ليبيا وعملية الكرامة، لكنه تراجع في العام 2016م وأكد ضرورة الانضمام لقوات خليفة حفتر باعتباره حارس ليبيا الشرعي، وأن يحارب المدخليون إلى جانبه ضد مَن وصفهم بأعداء ليبيا، وهم الإخوان المسلمين والمجموعات الإرهابية التي تتبنى أفكارًا معادية.
وقال الكاتب: “إن التيار المدخلي في بنغازي له ميليشيات خاصة به، وهي كتائب (التوحيد). واستطاع أتباع التيار جذب مزيد الموالين بالهيمنة على الخطاب الديني وجذب الشباب العاطل للانضمام لكتائبه”.
والمجموعة الثانية، بحسب الكاتب، هي مليشيات الردع بقيادة عبد الرؤوف كاره، وهو واحد من أبرز قيادات المدخلية في طرابلس، ويسيطر على معظم العاصمة، ويعمل بمثابة سلطة محلية لإنفاذ القانون.
وبخلاف الروابط العقائدية، ذكر المقال أنه “لا توجد روابط واضحة بين المجموعات المدخلية في شرق وغرب ليبيا”.
وقال: “إن كارة والتابعين له أعلنوا الولاء لحكومة السراج، لكنه يشن حربًا ضد المفتي الصادق الغرياني بسبب موقفه الصوفي/ السلفي، الذي يعد من المرتدين في نظر المدخلية”.
أما الجموعة الثالثة، فقال الكاتب: “إنها من مدينة سرت معروفة باسم كتيبة (604 مشاة)، وهي تشكلت في 2015م بعد أن قتل تنظيم (داعش) الشيخ السلفي خالد الفرجاني. ولهذا أنشأ شقيق الأخير الكتيبة، وانضم للتحالف ضد (داعش)”.
وقال المقال: “رغم أن الكتيبة (604 مشاة) تتكون بالأساس من مقاتلين من قبيلة الفرجان، فهي تضم مقاتلين من سرت وبني وليد وطرابلس والزنتان وسبها”.
ورأى أن “وجود المجموعات المدخلية إلى جانب ثلاثة أطراف مختلفة يدل على الولاءات المختلفة داخل التيار، خاصة بين القبائل المحلية والشيخ، وولي الأمر، وهم ملتزمون دينيًّا على اتباعه”.
وتابع: “في حال توحدت المجموعات المدخلية، فإنهم سيشكلون كتلة قوية لها أيديولوجية محافظة. لكن من غير الواضح هل سيتمكنون من تحقيق ذلك”.
لكن الكاتب أكد في الوقت نفسه أنه لا يجب التقليل من شأن الروابط الأيديولوجية بين تلك المجموعات. وضرب مثالاً على قوة أتباع هذا التيار قائلاً: “في العام 2011 أصدر الشيخ المدخلي فتوى طالبت أتباعه بعدم الانضمام للثورة، ونتيجة لذلك ظل كثيرٌ من الأتباع في صف القذافي وآخرون تجنبوا القتال لصالح أي من الطرفين”.
وحذَّر المقال من أن الاعتماد على المجموعات المدخلية في الصراعات السياسية والعسكرية سلاح ذو حدين، موضحًا أن العمل معهم يبدو مجازفة ضرورية للأطراف المتحاربة، لكنه يزيد من قوة التيار المدخلي على المدى الطويل.
ورغم الانقسام الراهن بين صفوف التيار، حذر المقال من أن نفوذهم الواسع باعتبارهم مجموعة عسكرية معادية للديمقراطية، يمثل تهديدًا لمحاولات إقامة مجتمع ديمقراطي منفتح.
وتابع: “عقائديًّا، المجموعات المدخلية، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية الحالية، يقفون ضد المدرسة الملكية. ومنذ العام 2011، دمر المدخليون كثيرًا من المساجد الصوفية التاريخية والأضرحة والمدارس والمكتبات. وفي شهر هانيبال 2012م، دمر مدخليون مساجد صوفية في طرابلس. ودمروا مسجد سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري بالجرافات في زليتن. وأصدر محمد المدخلي، شقيق ربيع المدخلي، فتوى تشجع المدخليين في ليبيا على تدمير المواقع الصوفية بزعم أن المدخليين هم الورثة الحقيقيين للنبي محمد، وأن تدمير تلك المواقع تدمير (للهرطقة)”.
وقال أيضًا: “إن المجموعات المدخلية لديها روابط قوية مع اللاعبين الرئيسيين في ليبيا، وقد يكون للتيار دور حيوي ونفوذ في حال توحدت المجموعات في طرابلس وشرق ليبيا في هيئة واحدة”.
وتابع: “دور التيار المدخلي في ليبيا يظل غير واضح. والعامل المحدد هو مدى قوة أيديولوجية التيار بالمقارنة مع الولاءات الأخرى. فمن المفترض أن ولاء المدخلية يكمن أولاً وأخيرًا مع القائد الديني. وأي فتوى يصدرها القائد الديني قد تغير ولاء التابعين من طرف إلى آخر”.
ولكن التهديد الأكبر، بحسب الكاتب، هو “رغبة الفصائل المتحاربة في استخدام المدخلية دون اعتبار أنهم بذلك يعززون أيديولوجية محافظة للغاية تقف ضد المشاركة السياسية”.
بقلم: أحمد صلاح علي