تطهير ليبيا من الجماعات السلفية بات هدفا دوليا
حصار بحري وآخر بري وحضر لنقل الأموال
وصف مختصون في الشأن العسكري الأمني قرار كل من الجزائر ومصر غلق الحدود البرية مع الجارة ليبيا بأنه عمل عسكري حربي بامتياز ويهدف لحصار الجماعات السلفية الجهادية،وقد جاء ضمن حزمة من الإجراءات الأمنية والعسكرية،وتنتهي حزمة الإجراءات الأمنية التي تهدف لعزل الجماعات السلفية الجهادية في ليبيا بفرض حظر بحري وجوي ومالي لمنع وصول الجهاديين والمال والسلاح إلى ليبيا،لتسهيل مأمورية الجنرال حفتر الذي كلف بتصفية جماعة أنصار الشريعة وإنهاء تواجدها العلني.
ورغم النفي المصري لوجود دعم عسكري مباشر لقوات الجنرال حفتر فإن قواته تمتلك أسلحة متطورة،وقال مصدر عليم إن قوات الجنرال حصلت على صور جوية من دول عربية وغربية لتحركات الجماعات السلفية الجهادية وعلى رأسها أنصار الشريعة،وكشف مصدر أمني أن الإجراءات المتخذة من غلق للحدود البرية في الجزائر ومصر كان بداية لإجراءات أكثر صرامة ضد الجماعات السلفية الجهادية.
اتفقت الدول الإقليمية الثلاثة المجاورة لليبيا على أمرين حيث باشرت كل من مصر الجزائر تونس طيلة الأسابيع الأخيرة اتصالات سرية أمنية ودبلوماسية وقد تمت الاتصالات حسب مصدر عليم في مصر وفي الجزائر وامتدت إلى العربية السعودية وكانت تهدف إلى إيجاد حل سريع للوضع في ليبيا،كان الأمر الأول المتفق عليه من قبل تونس مصر والجزائر هو التعاون لإسقاط مشروع الجماعات السلفية الجهادية في ليبيا ومنع هذه الجماعات من التمدد،أما الأمر الثاني المهم والذي جاء بمبادرة جزائرية فهو إبعاد كل الدول البعيدة إقليميا عن ليبيا عن التدخل الخارجي لأن التدخل الخارجي في ليبيا أدى إلى وقوع كارثة،وتقرر أن الحل يكمن في إبعاد كل تدخل أجنبي بما فيه تدخل دول الخليج السعودية الإمارات وقطر،وأشارت مصادرنا إلى أن وزير الخارجية رمطان لعمامرة نقل رسالة واضحة من القيادية السياسية في الجزائر إلى دول الخليج،لأن التقارير أكدت أن المال الخليجي ساهم في تأزيم الوضع في ليبيا،وقد طلب من دول الخليج وقف كل أشكال الدعم من الجمعيات الخيرية إلى ليبيا لأن الدعم سيصل في النهاية للجماعات السلفية الجهادية.
المجلس الأعلى للأمن قرر إجلاء السفير وغلق الحدود
ولما كانت القرارات الحاسمة قد كانت محل اتفاق بين الجزائر مصر وتونس فإن الجزائر وحسب مصادر موثوقة تخوفت من وقوع اختراق أمني يفضي لوضع سلامة سفير الجزائر في ليبيا في خطر خاصة مع وصول برقيات عاجلة تشير إلى أن السلفيين في ليبيا يرغبون في مبادلة رهائن جزائريين سيتم الإيقاع بهم بـ سجناء سلفيين ليبيين موجودين في السجون الجزائرية،وتقرر على ضوء هذا التحذير الذي أشار إلى خطر وشيك إجلاء السفير بعملية أمنية تم وضعها قبل عدة أشه تدربت قوات جزائرية على أداءها لإجلاء دبلوماسيين أو رعايا جزائريين من دول تعاني من اضطرابات.
ولم تمنع الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة من الدعوة لاجتماع حاسم للمجلس الوطني الأعلى للأمن الاجتماع عقد حسب مصدر موثوق منتصف الأسبوع الماضي وعلى الأغلب فإن الاجتماع تم يوم الثلاثاء 13 مايو وحضره إلى جانب الرئيس ونائب وزير الدفاع وزير الخارجية قادة الفروع الكبرى للجيش القوات البرية والجوية والبحرية قادة أجهزة الأمن وكان موضوعه هو التطورات الخطيرة التي تقع في ليبيا،وتقدم الاتصالات بين كل من الجزائر مصر وتونس وبعض الدول الخليجية حول الوضع الأمني في ليبيا،وتقرر في الاجتماع التعاون بشكل كامل مع مبادرة أمنية إقليمية تضم حاليا مصر وتونس وستنضم إليها كل الدول المجاورة لليبيا من أجل التعاون لإسقاط مشروع الجماعات السلفية الجهادية الذي سينتهي بأحد أمرين إما إعلان إمارة إسلامية سلفية على شاكلة الدولة الإسلامية في العراق والشام في كل الإقليم الليبي أو في بعض أجزائه أو حرب أهلية طويلة الأمد تنتهي بتفكك ليبيا،وفي كلتا الحالتين ستكون الضحية الأولى هي الدول القريبة جغرافيا من ليبيا.
إدارة التوحش الصومال مالي ليبيا وسوريا
يبدو من الغريب على مستوى العالم الاسلامي والعربي عدم الاهتمام بكتاب أصدره تنظيم القاعدة في عام 2008 ودرس بعدها مباشرة في الأكاديمية العسكرية الأمريكية حيث قام مركز مكافحة الإرهاب في كلية (ويست بوينت) العسكرية بترجمته إلى الإنجليزية بعنوان «إدارة الوحشية» وتم توزيعه على المسؤولين في الدوائر السياسية للحكومة الأميركية،والمسؤولين في وزارة الدفاع،لكن الكتاب الذي تحدثت عنه بعض الصحف العربية الكبرى في عام 2008 تم تجاهله تماما.
الكتاب تم تأليفه من قبل أحد القادة الكبار في تنظيم القاعدة الدولي يدعى أبي بكر ناجي ويقال أن هذا الاسم هو للقيادي الكبير في تنظيم القاعدة سيف العدل وتتشابه السيناريوهات الموجودة فيه مع ما يقع من استغلال ذكي من طرف الحركات السلفية الجهادية لنتائج ثورات الربيع العربي في سوريا وليبيا ومصر.
الكتاب بعنوان ” إدارة التوحش ” الكتاب يشير إلى حالة الفوضى التي تشهدها الدول العربية،وعند قراءة بعض أجزاء الكتاب الصادر عام 2008 تكاد تتطابق بعض أجزاء الكتاب مع ما يقع حاليا من فوضى في ليبيا وفي سوريا،ويدعو الكتب الحركات السلفية الجهادية لتأسيس إمارات إسلامية تطبق الشريعة تكون تابعة لتنظيم القاعدة الأم،ويتنبأ بحالة الفوضى التي تعيشها الدول الإسلامية والعربية ويضع النموذج الصومالي كتجربة قابلة للتطبيق في اغلب الدول العربية والإسلامية،ويشير إلى أن قبضة الدول المركزية ستخف في الكثير من البلدان الإسلامية وأن على الحركات السلفية الجهادية ادارة هذا الوضع الفوضوي أو الوحشي.
أحجار الدومينو
أرادت فرنسا في إطار تحالف دولي تدمير نظام القذافي وكان هذا حسب عقيد متقاعد خطأ استراتيجي لأنه فسح المجال أمام حالة من الفوضى،ثم قررت علاج خطأها في ليبيا الذي أدى إلى انتقال كميات ضخمة من السلاح إلى الساحل،لكنها قررت علاج الوضع بأقل تكلفة ممكنة وكان هذا خطأ ثاني لأن عدم تدمير فرنسا للجماعات الإرهابية في شمال مالي أدى إلى انتقال التهديد مجددا إلى ليبيا ويصف العقيد المتقاعد سي محمد علام الوضع الاستراتيجي في شمال إفريقيا بأنه تطبيق فعلي للنظرية الإستراتيجية التي تسمى أحجار الدمينو لأن الفوضى الحالية في ليبيا بدأت في نهاية عام 2011 في تونس عندما اسقط الشعب التونسي الدكتاتور بن علي ثم انتقل الحراك بسرعة إلى مصر ومنها إلى ليبيا وكانت عيون بعض الدول الغربية على خيرات الجزائر وليبيا من نفط وغاز،لكن أحجار الدومينو كما يقول العقيد سي محمد غيرت مسارها من الإتجاه نحو الجزائر وسوريا في مرحلة ما بعد ليبيا إلى الاتجاه نحو الحلقات الأضعف وهي مالي،ودفع هذا التطور الخطير الدول الغربية لإعادة حساباتها من أجل تحقيق الإستقرار في دول الساحل وطرد الجماعات الجهادية السلفية من مالي،والنتيجة الحتمية كانت انتقال التهديد الذي تمثله الحركات السلفية الجهادية من مالي إلى ليبيا والآن يواجه العالم تهديدا حقيقيا من جهة توقف إمدادات النفط والغاز من ليبيا،ومن ناحية إمكانية تحول ليبيا إلى إمارة إسلامية سلفية، وهنا يضيف الكولونيل سي محمد قررت دول الجوار التحرك والدول الأكثر تضررا من هذا الوضع هي مصر الجزائر وتونس وبشكل أقل النيجر وتشاد.
ويقول هنا العقيد المتقاعد علام سي محمد ” بدأت القضية قبل 3 سنوات عندما قررت الدول الغربية التخلص من العقيد معمر القذافي وكان هدفها حسب رأيي الجزائر حيث قررت توريط الجيش الجزائري في المستنقع الليبي، لكن القيادة الجزائرية كانت أكثر ذكاء وحنكة تركت الشأن الليبي لأهل البلد ونأت بنفسها عن النزاع، لكن النزاع الليبي تطور وامتد بات يهدد الأمن الوطني للجزائر.
الجزائرية للأخبار