سلفية ليبيا يراقبون مواقع التواصل الإجتماعي ويخطفون معارضيهم

أهل البيت في ليبيا 

بالتزامن مع انطلاق عملية الكرامة بقيادة الجنرال حفتر منتصف مايو/ 2014 بدأ مشهد بروز التيار السلفي المدخلي على الساحة في ليبيا وبدأت معه معاناة المواطنين من الخطف والرعب والقتل والتهديد لمجرد المخالفة في الرأي,وتمت مهاجمة الاحتفالات الشبابية كهجومهم على احتفال يوم الأرض واعتدائمهم بالضرب على منظميه والفنانين المشاركين به,خرجت بنغازي من قبضة الاخوان والمقاتلة وميلشيات الثورة الى قبضة أشد ظلاماً وأكثر فتكاً تحصدهم وتقتلهم باسم الاسلام ومحاربة الخوارج وهو وصف يطلق على كل من خالفهم.

السلفية المدخلية تراقب شبكات التواصل

لكن ما هي السلفية المدخلية؟ بحسب تعريفات الباحثين المختصين في الحركات الإسلامية، فإن المدخلية، تُعدّ إحدى فئات التيارات السلفية واسعة الانتشار،أسسها السعودي ربيع المدخلي،تقوم فكرتها على أنه لا يجوز معارضة الحاكم مطلقاً،ولا حتى توجيه النصيحة إليه في العلن،وتعتبر ذلك أصلا من أصول عقيدة أهل السنّة والجماعة،ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجا على الحاكم المسلم. 

وبحسب ما وثقه صحفيون ومحققين مختصين في شأن الجماعات الاسلامية الليبية،فإن السلفية “المداخلة”، في بنغازي ومدن شرق ليبيا خاصة وعموم مدن ليبيا يراقبون شبكات التواصل الاجتماعي خاصة موقع “فيسبوك” لرصد أنشطة معارضيهم الذين يصفونهم بـ”الخوارج”، في عملية استحضار للوصف الديني التاريخي للخوارج الأمر الذي أودى بحياة 10 من الناشطين في المنطقة الشرقية (بنغازي والبيضاء والمرج)، بينما تم اختطاف 6 آخرين عبر منتسبي كتيبة التوحيد السلفية الموالية للجنرال حفتر وتشكيلات مقربة منها، وتم إطلاق سراح بعضهم في عمليات تبادل بين جماعات متحاربة في بنغازي، أو عبر وساطات وضغوط قبلية وقتل أخرون وألقيت جتثهم في الشوارع وأشهرها شارع الزيت المكان المخصص لارهاب المواطنين من أهالي بنغازي فمشهد الجتث الملقاة فيه شبه يومي.

يؤكد الخبراء أن “أدبيات التيار السلفي المدخلي تعتبر من يسمونهم “خوارج القعدية” أخطر من “الخوارج المسلحين”، والقعدية عندهم من القعود، أي القاعدين في منازلهم لا يقاتلون بالسلاح، بل يعارضون التيار في فضاءات “السوشال ميديا” ومنهم كل متعاطف مع الثوار لا يقاتل،فجميعهم خوارج قعدية”. “هذه الممارسات لا تقتصر على منتسبي التيار السلفي (المدخلي) فقط، بل منها ما حدث على يد أجهزة أمنية وعسكرية رسمية موالية لحفتر كجهاز مكافحة الإرهاب وكتيبة الـ 21 وقوات الصاعقة “محمود الورفلي نموذج”،وبالطبع كتيبة التوحيد السلفية التي تعتبر أكبر تجمع مسلح للتيار السلفي التابعة بشكل مباشر لجهاز المخابرات السعودي.

الشيخ طارق جمعة الدرسي من مدينة المرج (شرق ليبيا)، والناشط مفتاح بوالنافرة، والشاب أنس خطاب الحاسي، الذي لم يكن له أنشطة بخلاف ما يكتبه على حسابه على فيسبوك،تم اختطافهم وتصفيتهم وقتلهم،على يد مسلحي السلفية المدخلية وبتحريض من كوادرهم،المنتشرين في المنطقة الشرقية منهم (الناشط حمد المالكي) والمسيطرين على المجال الديني هناك، وفقا لما تؤكده مصادر قريبة الصلة بعائلاتهم. 

تشير المصادر إلى تسجيل صوتي للشيخ طارق الدرسي عضو هيئة علماء ليبيا وخطيب مسجد في مدينة المرج قبيل اختطافه بأيام،حمل مسؤولية سلامته لأحد منتسبي السلفية المدخلية،إذ قال فيه “لأهلي وعشيرتي وأولياء دمي من قبيلة الدرسة، إن أي اعتداء أو ضرر يهدد حياتي، المسؤول الأول عنه هو المدعو فرج بوبكر العبيدي (أحد دعاة التيار السلفي المدخلي في المرج)”,بحسب تقرير الطبيب الشرعي، فإن وفاة الشيخ الدرسي، تمت مساء الأربعاء 11يونيو/ 2014،ونتجت عن نزيف شديد بالأنسجة تحت الجلد وبالعضلات في أحد مراكز الاحتجاز التابعة للجماعة السلفية الوهابية المشرعنة من قيادات عملية الكرامة.

ورصدت منظمة التضامن لحقوق الإنسان الليبية، 32 جريمة قتل تحت التعذيب وقعت منذ النصف الثاني من العام 2014 بشرق ليبيا،وذكرت المنظمة في تقرير موثق،حول جرائم الاختطاف والتعذيب والتصفية في شرق ليبيا،أن معظم القتلى اختطفوا من مدينة بنغازي ثم عثر على جثثهم في ثلاجة الموتى بمستشفى المرج وعليها آثارتعذيب وإصابات بطلقات نارية. 

وكان باحثون في المنظمة قد طالبوا بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، بتشكيل لجان خاصة للتحقيق في الجرائم؛للوقوف على حجمها ومعرفة المتورطين فيها،وإرسال فرق لمعاينة المعتقلات الموجودة في المرج، والأبيار، والرجمة، وبرسس، وتوكرة، ومعتقل قرنادة،إذ تشهد المناطق الشرقية تزايداً مطرداً في عمليات الإختطاف والتعذيب والتصفية التي نالت مواطنين بمعرفة اللواء عون الفرجاني الرجل الثاني في قيادات الكرامة بعد الجنرال حفتر

وصاية واستحواذ على الأوقاف

باتت إدارات الأوقاف في شرق ليبيا،تحت إدارة كوادر السلفية المدخلية الذين استفادوا من تحالفهم مع عملية الكرامة ومساندتهم لها،بأن أطلقت الحكومة المنبثقة عن البرلمان (طبرق) أيديهم في دوائر الوزارة بهدف إبعاد ما تصفها بالأفكار المتطرفة عن المنابر،وكانت وزارة الأوقاف التابعة لحكومة طبرق، قد أصدرت تكليفا رسميا لكتيبة التوحيد السلفية عقب تأسيسها في يونيو/ 2014 بتفتيش المساجد وتطهيرها من الكتب والأفكار “المخالفة” حسب وصف الخطاب، وقد قام منتسبو الكتيبة بتوثيق بعض العمليات التي قاموا بها داخل مساجد مدينة بنغازي، بحسب تقرير لجمعية بلادي الحقوقية. 

وتأتي حادثة اختطاف الشيخ إدريس الطويل،رئيس مكتب الأوقاف بمدينة شحات، شرقي ليبيا على يد منتسبي التيار المدخلي، بعد مداهمة مكتبه، ضمن سياق سيطرة التيار السلفي المدخلي على الحالة الدينية في شرق ليبيا، إذ تم نقل الشيخ الطويل إلى سجن قرنادة المجاور للمدينة،وتشير المصادر التي شاركت في حصار سجن قرنادة في يناير الماضي، لإجبار المختطفين على الإفراج عن الشيخ،أن مختطفيه اتهموه بأنه من الخوارج، لأنه رفض مسايرتهم وتدعيم سيطرتهم على الأوقاف في شحات.

وفي ذات السياق رفض منتسبو التيار السلفي المدخلي، تعيين الدكتور محمد الوليد وزيراً للأوقاف بحكومة الوفاق الوطني، معتبرين إياه “صوفيا قبوريا”،إذ تداعى كوادر من التيار لاجتماع في المرج شرقي بنغازي،فور إعلان التشكيلة الأولية لحكومة الوفاق،وأعلنوا رفضهم للدكتور الوليد،عضو رابطة علماء ليبيا،ما يعده باحث في الجماعات الإسلامية الليبية مقيم في بنغازي “علامة على زيادة نفوذ التيار وسعيه لاحتكار الحالة الدينية في شرق ليبيا،وإقصاء لأي ليبي غير مقتنع بالسلفية من ساحة العمل العام”.

تحريض عبر الـ”FM”

يستخدم منتسبو السلفية المدخلية،إذاعات الـ FM،وكذلك المساجد التي يديرونها ومطبوعات ومطويات ورقية توزع أمام المساجد شرقي ليبيا، في “التحريض على مخالفيهم”،من الصوفية وجماعة الإخوان الذين يصفونهم بـ “الخوارج”،وتبث إذاعات المداخلة، تسجيلات وخطب دعاة من رموز التيار المدخلي في مصر واليمن والسعودية ومن أبرزهم السعودي الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، والمصري,محمد سعيد رسلان،تدور أغلب هذه التسجيلات حول مهاجمة خصومهم والتحذير من اتّباعهم هذا إلى جانب مواد فقهية ودينية أخرى. 

وبحسب إفادة عدد من منتسبي كتيبة الـ 204 ببنغازي،(موالية لحفتر) فإنه “قبل أن تبدأ عملية الكرامة بقيادة حفتر في 16 مايو/ 2014 كان يحضر إليهم بعض دعاة التيار السلفي في المدينة لتحذيرهم من خطر الإخوان والخوارج”، “والصفة الأخيرة مرنة فضفاضة يتهم بها كل خصوم التيار ومخالفيه فلم يكن لتنظيم داعش أي وجود وقتها في بنغازي فقد اقتصر وجوده في ليبيا حينها على خلايا متطرفة في درنة لكنها لم تكن قد بايعت تنظيم داعش بشكل معلن وتنظيمي”.

دعاة السلفية المدخلية هم أول من بث خطاب التخوين والتصنيف في ليبيا بعد الثورة باتهامهم لمخالفيهم باعتناق فكر الخوارج فهم الأساس في إشاعة حالة الاستقطاب والفتنة والاحتراب التي اندلعت في بنغازي ولا زالت قائمة”،وخلطوا المشهد عمدا عبر إصدارهم فتاوى تشجع العسكريين (الموالين لحفتر) على ضرورة قتال الثوار،كما أدخلوا البسطاء وعوام الناس في صراع منهجي بينهم وبين الصوفية وجماعة الإخوان وكل الأفكار الإسلامية المخالفة لهم”.

مقرب من حفتر: السلفيون ليسوا عائقا أمام الدولة المدنية

يرى الحقوقي المقرب من خليفة حفتر، ناصر الهواري رئيس منظمة ضحايا لحقوق الإنسان، أن “التيار السلفي ليس عائقاً في طريق بناء دولة مدنية، لأن السلفيين لا يعتمدون منهجاً عنيفاً، كما أنهم يرفضون المشاركة في العملية السياسية، فربما تكون لهم اعتراضات على بعض القوانين المخالفة للشريعة إن وجدت، وسيطالبون بمساحة أكبر في العمل الدعوي وعدم إقصائهم من المنابر،لأنهم يعتمدون العمل الدعوي وليس المسلح كاستراتيجية للتغير” حسب تعبيره. يتابع الهواري قائلاً “التيار السلفي لا يفرض خطاب وصاية، ومن يفرضه هم الإخوان والجماعات الأكثر تطرفاً باستخدام وزارة الأوقاف ودار الإفتاء، بينما رقابة الدولة على السلفيين ستحد من محاولة البعض منهم فرض وصاية على المجتمع، ففي كل تيار فصيل متطرف، وإن لم يكن ظاهراً للعيان”.

تسقط مدن ليبيا واحدة تلو الأخرى في قبضة هذا التيار وستسقط معه ليبيا التي عرفها الليبيين والعالم وتولد نسخة كربونية مشابهة لما في أعراب الخليج شكلا ومضموناً لا تقدم للبشرية والانسانية شيء سوى المهاترات والكلام الفارغ والتنقيب في كتب التاريخ وافتعال قضايا محتها السنون ونساها الناس ولا تخدم مصلحة وطن ومواطن يبحث عن حياة كريمة وعيش يحترم حقوق الانسان.


#رصد_ومتابعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى