الشيخ محمد مفتاح قريو ودوره في مواجهة المد الوهابي
شدد علماء ليبيا الانكار والرفض لكل ما روج له دعاة الوهابية من تكفير للمسلمين بحجة زيارة القبور ودافعوا عن الزيارة وجواز البناء على القبور ومقامات التشريف للصالحين ورفضوا القبض والتكتف في الصلاة فالشعب الليبي بأكمله يسدل في صلاته ورفضوا أن يحصر الدين الاسلامي واهتمام المسلم في القضور والشكليات كاطالة اللحى كالتيوس وخروجها عن المألوف واللباس الأفغاني والكثير من المظاهر التي تسببت في تمزيق النسيج الاجتماعي الليبي واشغال المجتمع بقضايا فرعية بعيدا عن قضايا الأمة المصيرية التي كانت خطب ودروس العلماء تركز عليها كمواجهة الاستعمار والنهضة العلمية وتحرير فلسطين وجنوب لبنان والجولان وكامل الأراضي العربية والاسلامية المحتلة.
يعد الشيخ اللغوي والمؤرخ العلامة الفقيه محمد مفتاح قريو الدردفي (1914م-2000م) أحد كبار علماء ليبيا وله العديد من المؤلفات القيمة جدا ومن الشخصيات البارزة التي تصدت في خطبها ومقالاتها وفتواها للمد الوهابي وله هذه الأبيات الشعرية ننقلها للفائدة:
عصابة الفساد في البلاد = أهل اللحى والقبض والإلحاد
والمصطفى في قبضه وفي اللحى = ليس كمثل هؤلاء القبحا
نباشة القبور دون قيد = لزعمهم شرك أولى التوحيد
قد جعلوا علامة السعادة = شعر اللحى كالنطق بالشهادة
وجعلوا القبض شعارا لهمو = وحاربوا به ولكن هزموا
فهم خوارج ووهابية = وفرقة الاخوان في الحزبية
وهم عدا لأهل شرع المصطفى = بزعمهم بأنهم أهل الوفا
وأنهم أحباب رب الباري = مثل النصارى ويهود النار
لزعمهم بأن فضل الخالق = يتبع رأيهم لدى الخلائق
فغضب الله عليهم دائما = ما دام هذا الوصف فيهم قائما
محمد مفتاح قريو بن محمد بن علي بن أحمد الشاوش ولد في مدينة مصراتة سنة 1914م،وفيها توفي بتاريخ 09-07-2000م,ألحقه أبوه بالمدرسة القرآنية في قرية الغيران (ضواحي مصراته) ليتعلم القراءة والكتابة،وكان جده لأمه منصور بن حامد أحد معلميه،ثم ألحق بالمعهد الزروقي حيث تلقى مبادئ النحو والصرف واللغة والبيان،كما تلقى مباديء الإرث والفقه والتوحيد والسيرة النبوية على يد الشيخ رحومة الصاري وشيخ المشايخ رمضان أبي تركية،ثم انتقل إلى مدينة زليتن وهناك التحق بالمعهد الأسمري وتخرج فيه حاصلاً على الشهادة الأهلية، ليلتحق بالجامعة الإسلامية في مدينة البيضاء، ويتخرج فيها محرزًا لشهادة العالمية.
عمل مدرسًا في المعهد الأسمري،كما عمل في المعهد الزروقي، ثم عاد إلى مدينة مصراتة،وهناك عمل في معهد القويري الديني، ثم في معهد مصراتة الديني (القويري سابقا وتم تغيير اسمه بعد اغلاق المعاهد الدينية من نظام القدافي).
الإنتاج الشعري:
– أورد له كتاب: «معارك الجهاد» العديد من القصائد،وله عدد من القصائد ضمن كتاب «مصراتة التاريخ والثقافة»،وله قصيدة ضمن كتاب: «الحركة الشعرية في ليبيا في العصر الحديث».
الأعمال الأخرى:
– له عدد من المؤلفات منها: تراجم أعيان العلماء من أبناء مصراتة القدماء – مطبعة النهضة – القاهرة 1970، ونظم العقائد في التوحيد – مخطوط، والكشكول في الفوائد وضبط الفنون – مخطوط.
يعد شعره ملحمة وطنية يكشف من خلالها عن نضال الشعب الليبي في تصديه للغزاة الطليان مذكرًا بما ارتكبوه من مآسٍ ومشيدًا بالثوار ممن تولوا قيادة هذا النضال، الذين يأتي على رأسهم المناضل الفذ عمر المختار،وغيره ممن أسهموا في جلاء الطليان عن ليبيا نهاية الحرب العالمية الثانية، وكتب مذكرًا بتآمر الغرب على العرب والمسلمين. داع إلى وحدة الصف العربي، وله شعر يشيد فيه بجهاد مدينة مصراتة ومقاومتها للمعتدين من الطليان، إلى جانب شعر له في وصف الطبيعة بالمدينة نفسها.رافض للهزيمة،وحالم بتحقيق النصر ونيل الحرية،يتميز بنفس شعري سردي يقترب به إلى أجواء الكتابة الملحمية. اتسمت لغته بقوة في العبارة وجهارة في الصوت، وميل إلى الخطابية.
صدر عن الشيخ العديد من الفتاوي العامة والخاصة ، كما صدر عنه كتاب قيم نظم فيه مسائل فقهية على مذهب الإمام مالك أسماه [جواهر الفقه المختارة،من أقرب المسالك الحسن العبارة] وبداية نظمه كانت على النحو التالي :-
يقول عبد ربه المنان ….. محمد قريو الرضواني
نظمت بسم الله ذي الجلال ….. مصليا على النبي والأل
جواهر الفقه الذي قد نسبا ….. لمالك وتابعيه مذهبا
وختم نظمه بقوله :-
فرغت منه عام ألف ومئات ….. أربعة – أيضاً – وتسع سنوات
في عمر يقارب السبعينا ….. من بعد سبعة من السنينا
*رحم الله الشيخ محمد مفتاح قريو واسكنه فسيح جناته
مؤسسة أهل البيت في ليبيا