السلفية والصوفية…دروشوكم باش يحكموكم
هكذا عبرت لزوجها عن استياءها من زوجها الذي رد عليها بأن هذه الدروشة والتصوف الذي تستنكره قد أتى به العصمليين فردت عليه وقالت “جدودي فالحين دروشوكم باش يحكموكم” ووصفته بأنه صرصار يحن الى بيته الطبيعي أنابيب الصرف الصحي مهما حاولوا تنظيفه واصلاحه.
الزوج الثري البي لطفي والتاجر الشاطر الذي يتقن استغلال الفرص ويلعب على جميع الحبال يعلم جيداً تأثير المشايخ والدراويش في المجتمع ويجب أن يتواجد بينهم وينال رضاهم حتى لا يؤلبوا عليه العامة خاصة في زمن العصمليين الذين دعموا وبقوة التصوف الدروشي الانعزالي وحاربوا ومنعوا التصوف الجهادي البنائي الذي يوزان بين جهاد النفس وجهاد الأعداء واصلاح المجتمع في أسمى رسالته جهاد البناء فتحولت الرباطات التي بنيت على السواحل لحفظ الثغور ومقارعة الاستعمار وحفظ أرض الوطن الى تكايا خاوية المضمون تقام فيها الاحتفالات والمزارات السنوية ويستخدمها بعض عابري السبيل والمسافرين أو المشردين كمكان ومأوى مجاني للمبيت والراحة وأمست الزوايا تعتمد منهج التلقين الى المريدين والطلبة وتحفيظهم نفس المتون لقرون عديدة فتخرجت أجيال نسخ متشابهة لا تتمايز بكثير ومن شد عنهم وحاول النهوض والاصلاح حاربوه وبفتاويهم قطعوه وقتلوه وعن المجالس والناس أقصوه وأبعدوه.
نعم صدقت الزوجة دروشوكم باش يحكموكم فانتشر الدراويش والمدعين وتسابق الولاة العثمانيين الى تقبيل أيديهم وطلب بركتهم ونصفهم جواسيس للجندرمة ينقلون الأخبار للسراي,وكل مصلح ديني إما ثم القضاء عليه بقتله أو تسميمه أو بالضحك عليه واستدعاءه للباب العالي ليضاف ضمن مستشارين السلطان ويخصص له مسجد وتكية يعلم فيها المسلمين ويتم ابعاده عن قاعدته الشعبية في مجتمعه المحتاج الى الوعي والتعليم والصحة أكثر من احتياجه للجاوي والجديب.
وعلى نفس المنهج والخطى ثم دروشة قطعان السلفية الوهابية ومسخ عقولهم ومسحها وتصفيرها تماماً ومنعها عن التفكير تماما وجرموا دراسة المنطق وعلوم العقل والنفس والاجتماع وتحولوا الى شاة في قطيع تتبع راعيها القابع في قصوره بالرياض وينتظر تعليمات مكتب المخابرات البريطانية التي نجحت في ترسيخ مفهوم طاعة ولي الأمر حتى عدت طاعته عبادة وقربة الى الله وهي تعلم جيداً أن ولي الأمر هذا في بلاد عربان الخليج لن يكون إلا تابع لها ومن صناعتها فهي طاعة غير مباشرة لبريطانيا وقصر بكنغهام وعائلة ويندسور ورتشيلدات المال وركفلرات النفط.
المسلسل سلط الضوء على المؤامرات التي تقوم بها الحكومة الانجليزية وكيفية ادارتها لمستعمرتها الجديدة ليبيا في عهد الانتداب المؤقت الى أن تم ترتيب الأمور لمن يحكم ليبيا بالنيابة عنهم ويضمن لهم مصالحهم سواء وضع تاج على رأسه أو ارتدى بدلة عسكرية,وحاول المسلسل أن يوضح الظروف المعيشية الصعبة للشعب الليبي من كافة جوانب الحياة الاقتصادية والصحية والتعليمية حيث كانت الأمية هي النسبة الغالبة للشعب والوعي السياسي شبه معدوم ومحاولات بسيطة قامت بها الحركة الوطنية والتي تطورت مع الوقت الى تأسيس حزب المؤتمر الوطني بقيادة الزعيم بشير بك السعداوي ورفاقه والذي رغم فوز حزبه في الانتخابات واكتساحه المشهد السياسي إلا أنه تم نفيه لاحقا بعد تأسيس المملكة الليبية ليعيش ويموت في منفاه بلبنان جحودا ونكرانا لما قدمه من أجل الوطن.
المسلسل له وعليه والأهم هو النقد البناء وتصويب الأخطاء واثراء المشهد بتقديم النصح والمفيد والمادة العلمية الصحيحة للمخرج والكاتب وكل من شارك فيه لتكون لهم زاداً في تجربة قادمة,وعلى المتفرج الغاضب (صوفية البنادير) تقديم البديل والدخول للمنافسة وانتاج الأعمال الدرامية التاريخية والسياسية بما يخدم قضيتهم ولا تنقصهم المادة ولا التمويل ولا يوجد مانع شرعا ولا عرفا ونحن مع المشاهدين من المنتظرين.
مؤسسة أهل البيت في ليبيا