الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
تعتقد الشيعة أنّ إمامته كانت بتنصيب من الله تعالى وبأمر منه إلى نبيّه بالنص الشرعي،فهو خليفته بلا منازع،كما يدل القرآن الكريم على عصمته وطهارته من المعاصي والذنوب كافة.ومما امتاز به وفرة النصوص منالآيات وكلمات النبي الأكرم التي صدرت بحقه،حتى أن آيات الذكر النازلة بشأنه بلغت حسب بعض الإحصائيات ثلاثمئةآية.
وتشرّف بمصاهرة النبي الأكرم من خلال زواجه بـ فاطمة عليها السلام، ابنة الرسول، وأن الحسنين (عليهما السلام) ابنيهما وسبطَي رسول الله، وهو الفادي للنبي عندما تآمرت عليه قريش ليلة الهجرة حين مبيته في فراشه للتمويه عليهم وإفشال خطّتهم، الأمر الذي وفّر للنبي الأكرم هجرة ميسرة بعيداً عن أعين أعداءه.[5]
وحينما آخى بين المهاجرين والأنصار آخى بين نفسه وعلي.[6]ولم يتخلّف عن جميع المعارك التي خاضهاالمسلمون إلا في غزوة تبوك بسبب استخلاف النبي له على المدينة المنورة، وقد شهد له التأريخ – مع محاولات الطمس الكثيرة لفضائله – بأنه صاحب الدور البطولي الاوّل في جميع تلك المعارك.
ولكن اختار بعض المجتمعين في سقيفة بني ساعدة -وتجاوزاً للنص النبوي- أبا بكر لخلافة المسلمين ما أدّى إلى إقصائه فترة 25عاماً عن الحكم،إلا أن المسلمين انثالوا عليه بعد مصرع عثمان من كل صوب لمبايعته والإصرار على تصديه لخلافة المسلمين،[7]ولمّا تصدّى لزعامة المسلمين الظاهرية،واجه حركات تمرديّة خاض أمامها ثلاث حروب الجمل وصفين والنهروان،وكانت خاتمة حياته الشريفة أن وقع شهيداً في محراب مسجد الكوفة عند صلاة الصبح على يد أحد الخوارج،وبعد أن جهزه أبناؤه حمل سريره ليدفن سرّا في الموضع المعروف اليوم بحرم الإمام علي (ع) في النجف الأشرف.[8]
لم يبخل طيلة حياته عن تقديم النصح والمشورة للخلفاء الثلاثة؛كما في قضية تعيين التأريخ الهجري واعتبار الهجرة هي المنطلق لتأريخ المسلمين ومن الملاحظ أن شخصية الإمام قد تعرضت للكثير من الافتراء والتشهير ووضع الروايات الذامّة له خاصة في فترة حكم الأمويين،بل وصل الأمر إلى درجة من العداء أنهم أخذوا بسبّه على منابرهم فترة طويلة جداً،وكان أصحابه والموالون له يتعرّضون لشتّى صنوف التعذيب.
كان له قصب السبق في تأسيس الكثير من العلوم الإسلامية كعلوم اللغة العربية،والكلام،والفقه والتفسير،بل نجد الكثير من الفرق الإسلامية تفتخر بالانتساب له وانتهاء سلسلة سندها إليه .
ومما يشهد له التأريخ أيضاً أنه مع قوته الجسدية الخارقة وشجاعته التي لا نظير لها تراه يتصف بأرفع درجات التواضع والعفو والصبر والحلم،ومع انفتاحه على الناس ومخالطته لهم يتسم بالهيبة والوقار الشديدين وكان صلباً أمام المتملّقين عنيفا في رفض المنهج الإذلالي،فلا يرضى للرعية أن تعيش حالة الذل أمام الحاكم مؤكدا وباستمرار على الحقوق المتبادلة بين الراعي و الرعية،[9] وكان همّه الأكبر وغايته القصوى إقامة الحقوق و إرساء قواعد العدل.
*سيرته الذاتية:
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب،الهاشمي القرشي، أول أئمة الشيعة ورابعالخلفاء الراشدين عند أهل السنّة.
والده أبو طالب من أبرز الشخصيات القرشية والمعروف بسخائه وعدله ومنزلته السامية عند القبائل العربية وهو عمّ النبي وألطف أعمامه به،ولما أظهرت قريش عداوته نصره ودافع عنه.[10] توفي في السنة العاشرة للبعثة مؤمناً برسالة ابن أخيه.[11]
أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.[12]
أخوته: من الذكور طالب، عقيل، جعفر، ومن الإناث هند المعروفة بأم هاني، جمانة،ريطة المكنات بأم طالب وأسماء. [13]
كنيته : أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب، وأبو الأئمة.
ألقابه: أمير المؤمنين، يعسوب الدين والمسلمين، ومبير المشركين، وقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين، ومولى المؤمنين، وشبيه هارون، وحيدر، والمرتضى، ونفس الرسول، وأخو الرسول، وزوج البتول، وسيف الله المسلول، وأمير البررة، وقاتل الفجرة، وقسيم الجنة والنار، وصاحب اللواء، وسيد العرب، وكشاف الكرب، والصديق الأكبر، وذو القرنين، والهادي، والفاروق، والداعي، والشاهد، وباب المدينة، والوالي، والوصي، وقاضي دَين رسول الله، ومنجز وعده، والنبأ العظيم، والصراط المستقيم، والأنزع البطين.[14]
*الولادة والطفولة والشباب:
ولد عليه السلام بمكة في الكعبة المشرفة يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل.[15]
نصّ على ولادته في الكعبة المشرفة من علماء الشيعة كلّ من: السيد الرضي، الشيخ المفيد، القطب الراوندي، ابن شهر آشوب بالإضافة إلى الكثير من علماء أهل السنّة كالحاكم النيشأبوري، الحافظ الكنجي الشافعي، ابن الجوزي الحنفي، ابن الصباغ المالكي، وقال بـتواتر ذلك الحلبي والمسعودي.[16]
وكانت وفاته ليلة الجمعة ليلة 21 رمضان سنة أربعين من الهجرة بعد أن ضربه ابن ملجم المرادي في مسجد الكوفة ليلة تسع عشرة من نفس الشهر، ودفن في الغريّ من نجف الكوفة سرّاً.[17]
*مرحلة الطفولة:
ذكرت بعض المصادر التأريخية أنّ قريشاً أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول اللهلـعباس عمّه:يا عباس،إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال،وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة،فانطلق بنا إليه؛لنخفف عنه من عياله…فأخذ رسول اللهعلياً فضمه إليه،وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه فلم يزل علي مع رسول اللهحتى بعثه الله تبارك وتعالى.[18] وكان أمير المؤمنين يصف تلك الفترة بقوله: ولقد علمتم موضعي من رسول اللهبالقرابة القريبة،والمنزلة الخصيصة،وضعني في حجره وأنا وليد،يضمني إلى صدره،ويكنفني في فراشه،ويمسّني جسده،ويشمني عرفه،وكان يمضغ الشيء، ثم يلقمنيه،وما وجد لي كذبة في قول،ولا خطلة في فعل.[19]
*أوصافه البدنية وقواه الجسمية:
وُصِف عليه السلام بأنّه: ربعة من الرجال، إلى القصر أقرب، وإلى السمن، هو أدعج العينين، أنجل، في عينه لين، أزج الحاجبين، حسن الوجه، من أحسن الناس وجهاً، يميل إلى السمرة، كثير التبسّم، أصلع ليس في رأسه شعر إلّا من خلفه، ناتىء الجبهة، له خفاف من خلفه، كأنّه إكليل،وكأنّ عنقه إبريق فضة، كثّ اللحية، لحيته زانت صدره، لا يغيّر شيبه. كان أرقب، عريض ما بين المنكبين، لمنكبيه مشاش كمشاش السبع الضاري،(وفي رواية) عظيم المشاش كمشاش السبع الضاري،لا يبين عضده من ساعده أدمجت إدماجاً، عبل الذراعين شئن الكفين، (وفي رواية) رقيق الأصابع، شديد ساعد اليد لا يمسك بذراع رجل قط إلّا أمسك بنفسه، فلم يستطع أن يتنفس، ضخم البطن، أقرى الظهر، عريض الصدر، كثير شعره ضخم الكسور، عظيم الكراديس، غليظ العضلات، حمش الساقين، ضخم عضلة الذراع، دقيق مستدقّها، إذا مشى تكفّأ (أي مال إلى الأمام ).[20]
*زوجاته وأولاده:
أولى زوجاته فاطمة الزهراء بنت النبي الأكرم، [23] وكان قد خطبها قبله كل من أبي بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف فردّهم قائلاً: إن أمرها إلى ربّها إن شاء أن يزوّجها زوّجها.[24]
وقد اختلفت كلمة المؤرخين في تأريخ زواج علي من فاطمة،فمنهم من ذهب إلى القول بأنّه وقع في أوائل ذي الحجّة من السنّة الثانية للهجرة،[25] ومنهم من قال بأنّه كان في شهر شوال من نفس السنّة ورأي ثالث ذهب إلى القول بوقوعه في الحادي والعشرين من شهر محرم.[26]
أنجبت فاطمة ثلاثة من الذكور هم: الحسن، والحسين، والمحسن،[27] وابنتين هما: زينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى.
وبعد شهادة فاطمة الزهراء تزوّج (أُمامة) بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العزّى بن عبد شمس، وأُمّها زينب بنت النبي.
ثم تزوّج أُم البنين بنت حزام بن دارم الكلابية التي أنجبت له أبا الفضل العباس، وجعفراً، وعثمان وعبد الله، وجميعهم استشهدوا يوم الطف – في كربلاء- في نصرة الحسين .
ثم تزوج من ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلية الدارمية التميمية.
ومن زوجاته أسماء بنت عميس الخثعمية والتي أنجبت له ولديه عون ويحيى؛ ومن زوجاته أُمّ حبيب بنت ربيعة التغلبية، واسمها الصهباء؛ وخولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة الحنفيةـ وقيل خولة بنت أياس- التي أنجبت ولده محمداً المعروف بـابن الحنفية؛ ومن زوجاته أيضاً أُم سعد أو سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفية ومخباة بنت إمرئ القيس بن عدي الكلبية.[28]
قال الشيخ المفيد في الإرشاد: فأولاد أمير المؤمنين عليه السلام سبعة وعشرون ولداً ذكراً وأنثى،هم:
- الحسن.
- الحسين.
- زينب الكبرى.
- زينب الصغرى المكناة بأم كلثوم، أمهم فاطمة البتول (عليها السلام)
- محمد المكنّى بأبي القاسم، أمه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية
- عمر.
- رقية، كانا توأمين، أمهما أم حبيب بنت ربيعة
- العباس.
- جعفر.
- عثمان.
- عبدالله، و هؤلاء الأربعة أمهم أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم.
- محمد الأصغر المكنّى بأبي بكر.
- عبيدالله، الشهيدان مع أخيهما الحسين بالطف، أمهما ليلى بنت مسعود الدارمية.
- يحيى، أمّه أسماء بنت عميس الخثعمية.
- أم الحسن.
- رملة، أمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.
- فاطمة
- نفيسة.
- زينب الصغرى.
- رقية الصغرى.
- أم هاني.
- أم الكرام.
- جمانة المكناة أم جعفر.
- أمامة.
- أم سلمة.
- ميمونة.
- خديجة. لأمهات شتّى.