ليبيا تودع الشاعر والأديب الدكتور عبد المولى البغدادي

أهل البيت في ليبيا 

توفي صباح اليوم الجمعة 20-11-2020 الشاعر والأديب الليبي الدكتور عبد المولى البغدادي عن ثلاثة وثمانين عاما بعد صراع مع فايروس كورونا.
ولد البغدادي بمنطقة شط الهنشير في سوق الجمعة بالعاصمة طرابلس،وعاش والده محمد البغدادي محنة اليتم بعد أسر أبيه وترحيله إلى إيطاليا وترك أولاده لكفالة الأقارب،وفي هذا قال:
إنّ شــط الهنشيـر ما زال يروي
بعـض أحداثـي التي سبقتني
قصةُ الفارس الذي مات عشقاً
في اغتراب ٍعن ليبياه وسجن ِ
تلقى عبد المولى تعليمه الأول في معهد أحمد باشا الديني فنال منه الشهادة الثانوية،ثم حصل على درجة الليسانس من كلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن علي السنوسي بمدينة البيضاء عام 1965،وفي عام 1971 حصل على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة الأزهر.
بعد عودته إلى طرابلس شغل البغدادي عدة مناصب في التدريس الجامعي كوكيل التربية ثم عميدها ثم نائب رئيس جامعة طرابلس.
سافر إلى روما في عام 1981 للعمل في النشر ثم أوفد إلى الحبشة لتدريس اللغة العربية في جامعة أديس بابا إلى أن غادرها في عام 1989.
انتدب إلى مالطا لتدريس العربية أيضاً وعمل في جامعتها،ثم عمل أستاذاً بقسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعة طرابلس.
شارك في عدة مهرجانات ومنتديات شعرية وأدبية منها مهرجان الشعر العربي الفرنسي وعكاظية الشعر العربي بالجزائر سنة 2010، والجمعية الدولية لشعراء العرب في اسطنبول العام الماضي.
ترك الشاعر الراحل عدة مؤلفات منها:
-الشعر الليبي الحديث، مذاهبه وأهدافه (أطروحة دكتوراة في جامعة الأزهر)
-على جناح نورس 1999 ( ديوان شعر)
-مولاي عبدك بين اليأس والأمل 2000 ( ديوان شعر ).

وبعد أن صدر الديوان كتب يونس شعبان دراسة بسيطة للتعريف به فجاء فيها (“على جناح نورس” الديوان الأول للشاعر د. عبدالمولى البغدادي ظهر مؤخراً في 381 صفحة من الحجم المتوسط، يتصدره إهداء لوالده المرحوم محمد البغدادي والمرحوم إسماعيل السويح والد الدكتور سعدون السويح الذي تولى تقديم الشاعر والتعقيب والتعليق على قصائده بتحليل متميز أضفى على نصوص الديوان بعداً جمالياً وفنياً بأسلوب بلاغي رقيق. وبعد الإهداء نقرأ في ثلاث صفحات منفصلة مختارات شعرية لكل من الشعراء: أحمد رفيق المهدوي، ونزار قباني، وصلاح عبدالصبور على التوالي. وقبل أن نصل مقدمة الديوان يفاجئنا الشاعر بقصيدته “مساء الخير والشعر” وقد برر اختياره لها هذا الموضع. قبل المقدمة وبقية النصوص، باعتبارها أول قصيدة ألقيت في استهلال أول أمسية شعرية نظمها له مركز جهاد الليبيين بمدينة طرابلس. وعند تصفح الديوان نلاحظ أن الشاعر لم يراعِ التسلسل الزمني أو التاريخي في تتابع قصائده، بل صنّف ديوانه حسب الأغراض الشعرية الأساسية التي اختارها له وهي:

• أولاً: “القصيدة المدخل” وهي قصيدة مدخل لمن أراد أن يقف على بعض مفاتيح شاعرية البغدادي، وهي تقع في 107 أبيات مقسمة إلى ستة مقاطع.

• ثانياً: “هل يسمح الخليل أن أثور؟” وهي قصيدة تستأذن الثورة على التقليد برمزية مكثفة في نسق إبداعي جميل يمكن توظيفها للتعبير عن مناحٍ متعددة ومختلفة في الحياة.

• ثالثاً: القصائد القومية، وعددها اثنتا عشرة قصيدة هي على التوالي “جراحات لبنان” و”برقية عاجلة إلى بلقيس” و”يا من يغار على اليمن” و”لقاء وحوار” و”أطفال ورجال” و”شكراً مندوبة أمريكا” و”رسالة شعر إلى أمين جامعة الدول العربية” و”تعزية حرّى إلى أنصار بيريز العرب” و”حوار مع الشابي حول إرادة الحياة” و”أين حكام العرب؟” و”على سلم الطائرة” و”لقاء وعودة”.

• رابعاً: أغنيات إلى ليبيا، وهي أربع أغنيات متنوعة تناولها التقديم مجتمعة وهي على النحو التالي: “الإحساس بالفجيعة من خلال محنة الغربة” و”عندما تسبح النسور” و”عندما تلجم النوارس” و”عيد الغربة”.

• خامساً: الوجدانيات، وتتضمن سبع قصائد هي: “نزيف الغربة” و”وجه بلا قناع” و”الإبحار إلى المجهول” و”أحبة قلبي عللوني بنظرة” و”أشواق عربية مهاجرة إلى الحبشة” و”عندما ينتصر الحب” و”وقفة على الشاطئ الستين”. والقصيدة الأخيرة هي الوحيدة من بين قصائد الديوان التي دوّن الشاعر تاريخها.

• سادساً: المراثي، شخوص ثلاثة غائبين كانوا حاضرين لدى الشاعر فسجل في هذا الجزء من ديوانه تصويراً لحالته لحظة سماع نبأ رحيلهم إلى الدار الآخرة، ربما ليستمر حضورهم معه ويمتد إحساسه إلى عشاق شعره ليشاركوه هذا الحضور الحزين المؤثر لشخصية كل من: عبدالله الهوني، وأحمد الفنيش، وخالد السوكني.

• سابعاً: السعدونيات، تتضمن سبع قصائد بطلها الدكتور سعدون السويح رفيق الشاعر والذي سمّى هذا الجزء نسبة إليه، وهي: “سعدون والسمراء” و”مناجاة” و”شؤون” و”المعزون كلهم سعدون” و”سحابة صيف” و”حيرة وارتقاب”.

• ثامناً: بكائيات على مقام العشق النزاري، وهي رثائية الشاعر في فقيد الشعر العربي المرحوم نزار قباني، وقد خصها بالتفرد في هذا الديوان ولم يشأ إدراجها في الجزء الخاص بالمراثي ربما لمكانة الفقيد الكبيرة في عالم الشعر العربي، وربما تقديراً للعلاقة المتميزة التي كانت تربط المرحوم نزار قباني بصديق الشاعر ورفيق دربه د. سعدون السويح، ومن خلال التوطئة التي كتبها د. سعدون والتي جاء تاريخها في 6/6/1998 نكتشف أن هذه القصيدة قد نظمت في الفترة ما بين ذاك التاريخ وتاريخ وفاة الشاعر في شهر أبريل 1998.

• تاسعاً: متفرقات، وهي خمسة قصائد متفرقة نشرت بدون توطئة أو تقديم وهي على التوالي: “الأهزوجة الخضراء” و”اللص الظريف والشيخ” و”تحية إلى كتاب علم الحشرات” و”على هامش ندوة البحث العلمي” و”إلى الزراعة في عيدها الثلاثين”.

وهكذا حمل النورس على جناحيه اثنتين وأربعين قصيدة وحطَّ بها في عالم المفردات الرقيقة التي تسكن الأعماق بلا استئذان ولا تغيب، بل تظل حاضرة هناك تهز الوجدان على أنغامها الشجية، وحتى إن غفل الشاعر عن تدوين تواريخ قصائده – ما عدا قصيدة واحدة كما أشرنا – مما يؤدي إلى صعوبة رصد تطور شعره لغة وشكلاً، فإن التوطئات التي صاغها رفيقه د. سعدون السويح كانت بداياتها بتاريخ 13/11/1996 في مالطا حين انتهى من كتابة مقدمة الديوان التي تضمنت أيضاً السيرة الذاتية للشاعر ودراسة للوضع التعليمي والثقافي خلال فترة من الزمن في بلادنا،وآخرها كان بتاريخ 20/7/1998 بمدينة طرابلس حين أتم كتابة تعليقه وتحليله لآخر إنتاج الشاعر بتاريخ 28/4/1998 وهي قصيدة “وقفة على الشاطئ الستين” المهداة إلى الدكتور محمد أحمد الشريف رئيس جمعية الدعوة الاسلامية…)


#متابعات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى