دور اليهود في الاستعمار الايطالي

أهل البيت في ليبيا

كان عدد يهود ليبيا في سنة 1948 حوالي 40ألفا وهو عدد كبير جداً بالمقارنة مع العدد الضئيل لسكان ليبيا في ذلك الوقت وقد حافظ اليهود في غرب ليبيا على أسماء عائلاتهم بشكل مستقل عن الطبيعة القبلية والاجتماعية للمنطقة،حتى أن يهود طرابلس كانوا منغلقين على أنفسهم في حارتهم إلى درجة أنهم حافظوا على لهجتهم التي جاؤوا بها من الأندلس وهي اللهجة العربية الغرناطية التي تشبه لهجة تونس.
.
أما اليهود في شرق ليبيا فاندمجوا بشكل مذهل في التركيبة القبلية للمنطقة،وهذا أمر نادر جدا،فاليهود تميزوا بانغلاقهم تاريخيا فحتى اليهود في مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا منعزلين في قرى محصنة أو من وراء جدر،وفي أغلب المدن الإسلامية كانوا منعزلين في أحيائهم.
.
بشكل ما أصبحت بعض القبائل البدوية في الشرق تكاتب اليهود وتضمهم إلى شجرات أنسابها،كما حدث مع عائلة الدينالي المنضمة إلى العواقير وعائلة فركاش المنضمة إلى البراعصة وعائلة بوحليقة الدرسي.
.
أما من لم يسلم منهم فيدخلون في حلف القبيلة مع الحفاظ على دينهم كما حدث مع عائلة بيدوسا التي انضمت إلى العواقير وعائلة دبوش التي انضمت لقبيلة العرفا،هكذا كان الحال في بادية ونجوع شرق ليبيا التي استغل فيها اليهود أُمية شيوخ القبائل ليؤكدوا على نفوذهم في البادية سواء من حيث التعليم أو التجارة.
.
أما في مدينة بنغازي فاتسمت العلاقة بين اليهود والحضور (الحضور=القبائل المدنية المتمدنة) بالتوتر بسبب إسراف اليهود في فتح محلات الخمور والدور الليلية.
.
وفي طرابلس كان الحال أكثر توترا،ففي الحقيقة اليهود لم يكونوا على وفاق مع الأهالي، فبالرغم من أن الأهالي لم يعتدوا على أملاك اليهود وتركوا لهم مطلق الحرية في التجارة إلا أن علاقات من عدم الودية وقلة الثقة كانت تحكم الطرفين.
.
ففي كتاب (دور اليهود في التمهيد للاحتلال الإيطالي لطرابلس) ذكر المؤلف مرفت عطاء الله نقلا عن محضر لأحد الطرابلسيين سنة 1910:”بينما كنت في مدخل الزقاق المحادي لنقطة الشرطة للحراسة رأيت عددا كبيرا من اليهود نحوي فأمرتهم بالتوقف، تقدم إليّ رجل طويل يرتدي برنيطة وضربني وطلب من الرجال إكمال طريقهم” وبعد التحقيق تبين بأن هذا الرجل المعتدي هو موسيو صامان اليهودي مترجم القنصلية الإيطالية.
.
ونفس المؤلف نقل وثيقة لمحضر آخر:”بينما كان الطبيب أحمد أفندي يعالج مرضى الكوليرا تم ضربه بالحجارة من قبل يهودي يدعى حكمون وإذ بها مظاهرة لليهود وهم يصيحون:لا نريد حكم العثمانيين،لقد ظلموا اليهود،نريد حكم الإيطاليين” وبعد التحقيقات تبين أن كل ذلك قد تم بتحريض من محرر صحفي إيطالي اسمه غوستاو(1).
.
كانت العلاقات بين اليهود والعرب في طرابلس متوترة تاريخيا ولكن دون حروب أو قتل أو تشريد أو مصادرة أملاك،يمكن وصفها بالحرب الباردة، وجو عام من عدم الثقة،وحتى في حالة حدوث جريمة قتل فردية لا يتطور الأمر إلى حرب،كما حدث في القصة الشهيرة للشيخ سيدي حمودة رحمة الله تعالى عليه مع اليهود الذين اغتالوه في العهد العثماني لأنه حذر منهم ومن خطرهم،وقد أنشأ الطرابلسيون جامعا باسمه هو جامع حمودة وضريحا حول قبره وكان يعد من معالم مدينة طرابلس قام بهدمه وتدميره نظام القدافي  لإنشاء ما عرف بالساحة الخضراء,نعم هدم التاريخ وانشئت مكانه ساحة من القطران تقام فيها احتفالات النظام السنوية.
.
وقبل الاحتلال الإيطالي أسس اليهود ما عرف آنذاك بالمحفل الماسوني الطرابلسي الذي كان يدعو للخروج عن حكم عبد المجيد الثاني سلطان الدولة العثمانية،وعند الاحتلال الإيطالي وأثناء قصف طرابلس اجتمع حاخامات اليهود في أكتوبر 1911 في طرابلس وطلبوا من وكيل الوالي العثماني تسليم المدينة فرفض فذهبوا إلى القائد الإيطالي كارلو كارنيفا الإيطالي الذي كان يقصف المدينة،وأبلغوه بأن المدينة عاجزة عن الدفاع عن نفسها.
.
بل وقام يهودي يدعى خلف الله ناحوم برفع علم أبيض على السارية كدلالة على الاستسلام للقوات المحاصرة للمدينة مما زاد معنويات الطليان.
.
هاجر اليهود إلى وجهتين أساسيتين ابتداء من 1948 فلسطين المحتلة وإيطاليا،وبعضهم إلى فرنسا وبريطانيا،في الفترة من 1948 إلى 1967 كان البعض منهم يسلم،ربما إسلاما صادقا وربما خوفا على الأملاك وعدم رغبة في الهجرة،الله أعلم بالنوايا.
.
نعم لقد هاجر اليهود ولكن من الصعب التصديق أن كلهم قد هاجروا أو أنهم غير مؤثرين في الشأن الليبي،ومن خلال تتبعي لصفحات بعض اليهود الليبيّين على الفيسبوك والمقيمين في إيطاليا أو إسرائيل وجدت أنهم يشجعون على تقسيم ليبيا.
.
ودعاة انفصال الشرق عن ليبيا لهم علاقات ودية معلنة وأمام الملأ مع يهود يعيشون في إسرائيل،ومن هؤلاء المواطن الليبي المدون (ناصر افتيته) الذي ينسب نفسه إلى لقب أمه (افتيته) وليس إلى أبيه (العقوري) تقليدا لليهود في الانتساب إلى الأم، وقد سمى حفيدته (راشيل) وناصر افتيته هذا ينشر توجهاته هذه علانية من مدينة بنغازي ويعلن صراحة تأييده للإسرائيليين وكرهه للفلسطينيين ودعمه لانفصال الشرق،وغيره من أمثاله الكثير من المندسين داخل المجتمع الليبي.
.
نعود إلى موضوع العائلات اليهودية في ليبيا،وسنذكر بعض العائلات اليهودية الشهيرة:
1-عائلة خلفون ومنها هارون خلفون مؤسس أول شركة ملاحة في بنغازي سنة 1922م.
2-عائلة جويلي ومنها يوسف جويلي رئيس الطائفة اليهودية في بنغازي.
3-عائلة الفلاح ومنها الحاخام خاموس الفلاح الذي كان يقيم في شارع المهدوي في بنغازي ورافائيل الفلاح رئيس الجالية اليهودية الليبية في ايطاليا.
4-عائلة خيري في بنغازي التي منها المطرب اليهودي الشهير هارون خيري.
5-عائلة بن نحاس في بنغازي،ومنهم مغنّ يهودي ليبي مشهور.
6-عائلة زرقا.
7-عائلة سلام.
8-عائلة حجاج.
9-عائلة طيار.
10-عائلة خلف الله.
11-عائلة حداد في الشرق.
12-عائلة دبوش العرفي في المرج.
13-عائلة فركاش البرعصي في الشرق ومنهم زوجة معمر القدافي “صفية فركاش”.
14-عائلة بن مسعود في طرابلس.
15-عائلة تمّام في طرابلس.
16-عائلة بن موسى.
17-عائلة بن نسيم في طرابلس.
18-عائلة بن عطية في مصراتة.
17-عائلة الحياني.
18-عائلة الجربي في طرابلس ومنهم الناشط الاعلامي المقيم بالخارج ديفيد الجربي.
19-عائلة جيان.
20-عائلة حيون.
21-عائلة بوحليقة في الشرق وهي عائلة منضمة إلى قبيلة العرفاء والدرسا ومنهم الشاعر الشهير “كليمنتي أربيب” الشهير بوحليقة اليهودي وكان من فحول الشعر الشعبي الليبي.
22-عائلة خلفون.
23-عائلة بوخريصة المنضمة إلى الجوازي والمغاربة.
24-عائلة دينال أو دانيال المنضمة إلى العواقير،أعدادهم كبيرة وغالبيتهم الساحقة دخلت الإسلام.
25-عائلة بيدوسة المنضمة إلى العواقير،بقيت على دينها اليهودي،وحاليا أغلبهم في إيطاليا.
26-عائلة بالتمر في بنغازي وقد أسلمت.
27-عائلة طرخان في بنغازي وقد أسلمت.

المصادر
-الجالية اليهودية في برقة تحت الاستعمار الإيطالي من 1911 إلى 1942 تأليف سليمان خطاب سويكر.
-عرض للوقائع التاريخية البرقاوية (التاريخ الكرونولوجي)تأليف الأب فرانسيسكو روفيري،ترجمة وتقديم د.إبراهيم المهدوي.
-بنغازي في العقد الثاني من القرن العشرين، تأليف الديريكو تيجاني، ترجمة رؤوف بن عامر.
-كتاب دور اليهود في التمهيد للاحتلال الإيطالي لطرابلس لمرفت عطاء الله.

(1)-المحرر الصحفي غوستاو يتبع المخابرات الايطالية دخل ليبيا تحت اسم محرر صحفي وأصبح يحرض اليهود على التمرد ضد الدولة العثمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى