انتصار التطرف على التطرف في بنغازي
تنامي مظاهر تغول السلفيين العسكريين شرق ليبيا
- تثير التجاوزات التي يقوم بها التيار السلفي في بنغازي استياء الليبيين الذين اعتقدوا أنهم تخلصوا من هذه الممارسات بمجرد وضع حد لنفوذ الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيمي داعش وأنصار الشريعة.
بنغازي (ليبيا) – تصاعدت المخاوف من تغوّل السلفيين الذين يسيطرون على أجزاء مهمة في ليبيا، لا سيما في طرابلس وبنغازي، وذلك بعد أن أقدم جهاز البحث الجنائي على القبض على مطرب يُدعى وسيم عادل.
وجاء إلقاء القبض على المطرب بعد ساعات من تداول رواد شبكات التواصل الاجتماعي لمقطع مصور يظهر فيه قائد ميداني في القوات الخاصة “الصاعقة” عبدالفتاح بن غلبون وهو يحرّض على وسيم عادل. وأعرب بن غلبون عن شديد انزعاجه من التقاط الفنان الشاب صورا مع معجبات له خلال حفل أحياه بإحدى قاعات الأفراح في مدينة بنغازي الواقعة تحت سيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
وأضاف “أولياء أمورنا ورجال الجيش ورجال الأمن أهل عفة وأهل طهارة وأهل دين وعلى أولياء أمورنا أن يوقفوا هذا الفساد لكي يرحم الله بلادنا ويحفظها من الخوارج والتكفيريين وأهل البدع والأهواء”.
وشدد القائد في القوات الخاصة على أن “دور السلف الصالح ليس في المحاور القتالية فقط بل في النصح والإرشاد”.
وكشفت رئيسة منبر المرأة الليبية للسلام الزهراء لنقي، أنّ الفنان وسيم عادل “أصيب بكسر في الحوض وحروق بعد التحريض عليه من قبل القائد بن غلبون السلفي في قوات الصاعقة التابعة للجيش”.
ودعت لنقي المنظمات المحلية والدولية للتصدي لمثل هذه التجاوزات والانتهاكات من قبل قوى عسكرية سلفية تجاه المدنيين في مدينة بنغازي، قبل أن تؤكد وسائل إعلام محلية الاثنين، إطلاق سراح عادل.
وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها بن غلبون، حيث سبق وأن ظهر في فيديو سابق، بعد أن تم توقيف منظمي حفل “إحياء ساعة الأرض” بجامعة العرب الطبية في بنغازي، في 30 مارس الماضي، مهاجما الاحتفال ومنظميه، واصفا إياه بـ“الأمر المشين والمنكر الذي يندى له الجبين”.
وطالب في الفيديو بفصل الطالبات عن الطلبة في الجامعة، مشيرا إلى أنه “منع شبابا من المقاتلين في المحاور كانوا سيدخلون إلى مكان الحفل”. وأقدمت هيئة الأوقاف التابعة للحكومة الليبية المؤقتة التي يسيطر عليها السلفيون على مصادرة شحنة من الكتب كانت متجهة نحو مدينة المرج، مما أثار استياء الليبيين الذين اعتبروا أن هذه الخطوة لا تختلف عما تقوم به الجماعات الإرهابية التي حاربتها بنغازي طيلة السنوات الماضية.
وتحرج تصرفات السلفيين الذين يمثلون قوة مهمة في الجيش، السلطة المدنية بالإضافة إلى القيادة العامة للقوات المسلحة، وهو ما يعكسه صمتها وعدم تصديها لتمادي هذه الجماعات رغم تنامي عدد المحذرين منها.
ويطالب الليبيون في كل تجاوز يقوم به السلفيون المؤسسة العسكرية بضرورة توضيح موقفها مما تقوم به الجماعات السفلية، فإما الوقوف مع التيار المدني الذي كان يخرج في مظاهرات إنقاذ بنغازي ضد أنصار الشريعة والميليشيات وإما أن تختار هذه الجماعات.
وقاتل السلفيون، الذين ظلوا حتى 2014 بمنأى عن النزاعات المسلحة، جنبا إلى جنب مع قوات الجيش خلال الحرب على الجماعات الإرهابية في بنغازي.
وعقب تنامي الجدل حول نوايا هذا التيار، قام حفتر بحل الكتائب السلفية المعروفة باسم كتائب التوحيد ودمجها وتوزيعها على كتائب الجيش المختلفة في خطوة أراد بها تشتيت هذه القوة.
إلا أن مراقبين يرون أن الخطوة كان لها أثر عكسي إذ سمحت بتحقيق انتشار أكبر لهم، حيث سيطروا على مواقع عسكرية في بنغازي وأجدابيا والجبل الأخضر، وعلى فرق عسكرية مهمة مثل الكتيبة 210 مشاة والكتيبة 302 صاعقة.
ولا يقتصر تحالف حفتر مع السلفيين على الجانب العسكري، إذ يشمل أيضا السيطرة على الخطاب الديني الرسمي، من خلال سيطرة التيار السلفي على الخطاب الديني الرسمي في الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية التابعة لحكومة عبدالله الثني.
ويرى مراقبون أن ما يحدث في المنطقة الشرقية في ليبيا الآن ليس سوى مقدمة لمعركة سيخوضها الليبيون عقب تحرير المنطقة الشرقية من فلول الجماعات الإرهابية.
ويتوقع هؤلاء تكرار نفس السيناريو الذي حصل عندما حاولت السلطة نزع السلاح من الجماعات الإسلامية التابعة لأنصار الشريعة وتنظيم القاعدة سنة 2014.
ولا يسيطر السلفيون على المنطقة الشرقية فحسب بل يمتد نفوذهم إلى العاصمة طرابلس من خلال ما يعرف بقوة الردع بقيادة عبدالرؤوف كارة التي يتهمها الكثير من الليبيين بهدم الزوايا الصوفية في العاصمة طرابلس.