ما الذي يحدث؟!! هل هي مراجعات أم إنسلاخ من الموروث؟

أهل البيت في ليبيا

منذ أيام شاهدت حلقة من برنامج  “من الصفر” الذي يبث على شاشة أم بي سي من إعداد وتقديم الاعلامي مفيد النويصر،البرنامج فكرته تدور حول عرض سير الكبار من رجال الاعمال والمبدعين واستعراض مسيرة كفاحهم وإنطلاقتهم من الصفر في وثائقي رائع و بنسق ثقافي وجمالي تتزاحم فيه الفكرة بالصورة وتبرز فيه ريشة الفن طيلة وقت البرنامج التي تحاكي ملامح الضيف مظهرةً صدق المطابقة لواقعه ممزوجاً بصدق الوجدان والاحساس المرهف.

ماشدّني في إحدى حلقات البرنامج الحلقة التي استضاف فيها مفيد النويصر الفنانة التشكيلية والشاعرة السعودية “كوثر الأربش” شيعية المذهب والاعتقاد ،وإحسائية المولد والمنشأنسبة للأحساء المنطقة السعودية ذات الأغلبية الشيعية بالمنطقة الشرقية.

في هذه الحلقة وعبر تسلسل الضيفة وهو تحكي عن مسيرة حياتها بحلّوها ومرّها مارةً بكل العوائق والعثرات التي واجهتها سواء السياسية أو الاقتصادية أوالمجتمعية.

تتطرّق بكل جرأة عبر حديثها المسترسل إلى أوجه التناقض المجتمعي الذي تعاني منه المملكة  منذ عقود ولا زال وبالتحديد التغيّر الأيدولوجي الذي طرأ على المجتمع السعودي ” الشيعة والسنة” منذ سنة 1979م منتقدةً هذا التفكك المجتمعي والطائفي والسلوك المتطرّف للمكوِّنين محمّلةً  أصحاب المذهب السائد “السنّة” الجفوة المجتمعية الحاصلة في المملكة بالإضافة إلى حالة التوقع الذي يعانيه مجتمعها وحاضنتها الاولى بالإحساء أهلها وعشيرتها واتهامهم لها بالتسنّن رغم نفيها لذلك.

لا أريد أن أخوض في تفاصيل الحوار، ولمن أراد الرجوع إليه يشاهده على اليوتيوب، ولكن ماأود تناوله هنا وأطرحه في تسائلٍ يدعو للتفكير ، ما سرّ هذا الانسلاخ الفكري والأيدولوجي للمملكة الذي ارتكزت عليه لعقود طويلة ومزّقت به المجتمع السعودي وجزّأته بين مكونات وطوائف متنافرة،وفق منهج ِ انتهجته في مقاربتها لشكل الدولة، مقاربة العنف والإخضاع لكل مخالف للفكر الوهّابي؟

وماسرّ هذا العام بالذات 1979م وسبق أن أشار إليه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في لقاءات صحفية عربية وأجنبية وكأنه بداية منحنى التخلّف الفكري والمجتمعي أسست له المملكة ومضت به كمرجعية سلطوية مبررةً لتلك الأيدولوجية العنفية والإقصائية بمبررات مشرعنة ومطلقة أضفت عليها قداسة وهالة مبالغٌ فيها.

ما استشفيته من تلك الحلقة الوثائقية هو بداية بناء جديد ونسف لموروث بات مقززاً ومحرجاً محلياً ودولياً وآن الآوان لنفض غباره.


مصباح الورفلي

كاتب ليبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى